يستعد لبنان للانضمام إلى مجموعة شراكة «الحكومة المفتوحة» التي أسستها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (مقرها باريس) عام 2011، وانضمت إليها حتى الآن 65 دولة، بعد التزام تطبيق مبادئها وهي بمثابة شروط لقبولها في العضوية. ويعدّ ملف الانضمام إلى هذه المجموعة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية اللبناني نبيل دو فريج، الذي أكد لـ «الحياة» أن لبنان «مؤهّل» لهذا الانضمام.
وشارك دو فريج في «المنتدى الدولي حول الحكومة المفتوحة» في باريس، بدعوة من الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنجيل غوريا، وكان حاضراً ما يزيد على مئة وزير وممثل لدول العالم، ومنها دول حوض البحر المتوسط، مثل لبنان ومصر والأردن والجزائر وليبيا وتونس والمغرب واليمن. ولفت دو فريج إلى أن هذه الدول «تتبنى الشروط الخاصة التي يفرضها المنتدى وتطبقها».
وأشار إلى أن مبادئ «الحكومة المفتوحة» تتمثل بالشفافية، التي «تؤمّن للمواطن حق الوصول إلى المعلومات حول الأعمال التي تقوم بها حكومته»، موضحاً أن الوزارة «أعدّت مشروع قانون يجيز للمواطن هذا الحق، وهو لا يزال ينتظر إقراره في المجلس النيابي ويندرج في إطار الشفافية التي يؤمّنها هذا القانون». ويتطلّب تطبيق هذا القانون «تأمين السرعة والسهولة للوصول إلى المعلومات بواسطة التشريعات والتكنولوجيا الحديثة الممثلة بالحكومة الإلكترونية»، لافتاً إلى أن البنية التحتية لهذه الحكومة «باتت جاهزة».
ويتمثل الشرط الثاني بـ «المشاركة» أي من طريق «إشراك المواطن بالقرارات واستشارته»، إذ أعلن دو فريج أن «المواطن بات يمكنه التعليق على المعلومات التي اطلع عليها وإبداء رأيه وملاحظاته عبر الإنترنت بهدف التحسين أو لعرض تجربته».
والشرط الثالث هو التعاون أي، وفق دو فريج، «تعاون الإدارات في ما بينها ومع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحسين الأداء العام، مع الحفاظ على خصوصيات الأفراد في هذه العملية». ورأى أن التجربة في لبنان «أثبتت أن خدمة المواطن عبر الدولة فاشلة منذ عام 1943، بسبب التوزيع الطائفي». وأكد أن التعاون مع القطاع الخاص «ضروري كونه يختار الرجل المناسب في المكان المناسب، لأنه يلغي من اعتباراته الطائفة أو المذهب».
وفي رأي دو فريج فإن لبنان «ليس بعيداً من هذه المبادئ، فهو يحقق الخطوات في هذا الاتجاه، كما أن الدستور يكرّس حريات الأفراد والمجموعات في التعبير وكذلك في التجمع». وأعلن «الإعداد حالياً في لجنة الإدارة والعدل النيابية لدراسة متقدمة لمشروعي قانون لحماية كاشفي الفساد وتضارب المصالح، كما يطبّق لبنان قانوناً يحتّم على المسؤولين من رؤساء دولة وحكومة ومجلس نيابي ووزراء ونواب التصريح عن ممتلكاتهم».
وترى وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ضرورة «اختبار إمكان انضمام لبنان إلى مجموعة دول الحكومة المفتوحة»، إذ كشف دو فريج أن الوزارة «تعتزم إعداد دراسة جدوى لتحديد فوائد هذا الانضمام ومتطلباته، وجاهزية لبنان للوفاء بالشروط، بالطلب إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إيفاد أحد الخبراء للعمل معه على إعداد دراسة الجدوى». ولدى إنجاز هذه الدراسة «ستعرضها الوزارة على مجلس الوزراء للحصول على موافقته ودعمه».
وعن فوائد انضمام لبنان إلى منتدى الحكومة المفتوحة، أكد أنه «يوجد ثقة لدى المستثمرين الأجانب، ويشجّع على الاستثمار في السوق اللبنانية». ولم يغفل أيضاً أن هذا الانضمام «يعمّق ثقة المنظمات والصناديق والمؤسسات المالية والاستثمارية العربية والدولية والدول المانحة التي تساعد لبنان أو تلك الراغبة في مساعدته، في توافر الشفافية».
وأوضح أن الانضمام إلى المنتدى «يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، حتى لو تأخّر إقرار مشاريع القوانين التي تؤمّن البنية التشريعية لتطبيق الشروط، لأن مجرد وجودها يعني توافر النية لدى لبنان».
وقال: «قد يرى البعض أن في ظل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي يمرّ فيها لبنان حالياً، لا يشكّل هذا الانضمام أولوية، لكن أرى ضرورة العمل على ذلك ولو في هذه الظروف كي يكون لبنان جاهزاً عندما تصبح مؤاتية».
وسبق أعمال منتدى الحكومة المفتوحة، اجتماع لمنظمة «سيغما» التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي متخصصة بمشاريع التدريب وتعمل الوزارة معها، ولفت دو فريج إلى عقد لقاء مع المديرة العامة للمنظمة كارين هيل، «وركز الاجتماع على تقويم المشاريع الحالية، وهي تقويم الأثر التشريعي ودعم مشروع تطوير الصفقات العمومية وتقويم دور مكتب وزير التنمية الإدارية». وأشار إلى «البحث أيضاً في إمكان مراجعة استراتيجية تطوير القطاع العام ودعم برنامج إنشاء وحدات للرقابة الداخلية».
وشارك دو فريج في اجتماع اللجنة الاستشارية لمركز التدريب الإقليمي للحكم الرشيد لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في كاسرتا، المُنشأ بموجب تعاون بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومعهد الإدارة في إيطاليا. وقال: «عُرضت في الاجتماع التوجهات الاستراتيجية للمركز وأولويات برامج التدريب». وأكد في مداخلته «أهمية هذه الأولويات خصوصاً أنها تتوافق مع البرامج التي يشرف على تنفيذها مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية (التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية والصفقات العمومية وتبسيط الإجراءات)».
وأعلن التركيز تحديداً على «ضرورة الأخذ في الاعتبار خصوصيات الدول المشمولة في هذه البرامج، نظراً إلى الاختلاف الجوهري المتعلق بدور الدولة، ما يجب أن ينعكس على برامج التدريب المتعلقة بالمحاور التي يشملها المركز، بحيث يكون تدريب الموظفين ملائماً مع دور الدولة تجاه المواطن». ولفت إلى الاتفاق مع مديرة المركز على عقد مذكرة تفاهم في هذا المجال.