يبدو أن رفع أسعار المحروقات مؤخراً وخاصة المازوت إلى 150 ليرة للصناعيين كان له الكثير من التداعيات على الاقتصاد والتاجر والعامل وحركة النقل والشحن وفي النهاية على المستهلك الذي ستنتهي عنده مجمل الإضافات السعرية ليبقى يتيماً يصارع قدره أمام حالة الانفلات في الأسواق والأسعار دون حسيب أو رقيب.
وفي جولة استطلاعية لصحيفة "الوطن" على بعض الأسواق ومحاولة رصد الواقع والتعرف إلى تداعيات رفع أسعار المازوت التقينا بعض الصناعيين الذين بدؤونا القول إن رفع أسعار المنتجات حتمي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج مع محاولة البعض منهم ترشيد هذا الارتفاع على مراحل كما أوضح مدير فرع شركة المنظفات (مدار) في سوق الدقاقين بدمشق حيث رفعت الشركة أسعار منتجاتها مبدئياً بنسبة 10% وفي محاولتنا لتذكيرهم بأن معظم الصناعيين كانوا يعملون على تأمين احتياجاتهم من السوق السوداء التي كانت تقترب أسعارها من السعر الحالي لمادة المازوت (150 ليرة) كانت الإجابة حاضرة في أذهانهم وكأنهم اتفقوا عليها مسبقاً، لكن الحكومة شرعنت هذا الغلاء، وهنا يضيف محمد الخراط الذي يعمل في مجال المواد الغذائية بأن مادة المازوت رغم ارتفاع سعرها لكنها لم تتوفر وبالنهاية أصبح تجار المازوت ينطلقون من سعر 150 ليرة ليضيفوا عليه ما يعجبهم هذا إضافة إلى الغش الذي يتعرض له الصناعي لدى شرائه مادة المازوت من السوق السوداء جراء التلاعب وخلط المادة بسوائل أخرى مثل الزيت المحروق.
من جانبه أفاد سامر علي صاحب شركة فنتازيا للعبوات البلاستيكية وأكياس النايلون بأن ارتفاع أسعار المازوت وضعت الصناعي أمام خيارات لا يحسد عليها، فإما رفع أسعار المواد والمنتجات وهو ما لم يعد يحتمله السوق أو البحث عن بدائل أخرى في مقدمتها ضبط وخفض الكلفة التي يكون على رأسها تسريح جزء من العمالة وهذا ما قام به بعض الصناعيين بالفعل إضافة إلى العمل على الاستغناء عن جزء من هامش الربح السابق الذي كان يتقاضاه الصناعي، ونحن بدورنا نقول الذي سكت عنه بعض الصناعيين بغية تخفيض الكلفة وهو اللجوء إلى التلاعب في مكونات ومواصفات المنتج.
عدد من تجار الزيوت والسمون الذين يعانون في الدرجة الأولى ارتفاع أسعار العبوات وارتفاع أجور النقل والشحن حيث بين محمد الحموي (الصخرة الذهبية لتجارة الزيوت) أنه جراء ارتفاع الأسعار المستمر انخفضت القدرة الشرائية لدى المواطن وأصبحنا نشهد حالة تباطؤ في حركة المبيعات بل شبه ركود حيث بلغ سعر عبوة الزيت سعة 16 كغ إلى نحو 11 ألف ليرة وأمام هذا الواقع اتجهنا نحو تصنيع عبوات ذات سعات منخفضة من حجم لتر ونصف اللتر لتناسب قدرة الزبون لكن دون الكثير من الجدوى مضيفاً بأنهم لم يتعرضوا لهذا الواقع منذ 40 عاماً تاريخ بدء عملهم، وهذا ما شاطره به صاحب محل الحبال لتجارة الزيوت والسموت في سوق مدحت باشا.
وحول الارتفاعات الكبيرة في أجور النقل والشحن التي أعقبت ارتفاع سعر المازوت اشتكى العديد من التجار منهم صاحب محل الصياد للمواد الغذائية (تاجر جملة) في منطقة البزورية الذي أوضح بأن أجور الشحن ارتفعت بنسبة 30-40% ألف ليرة هذا إضافة إلى معاناتنا (التجار) من مزاجية أصحاب سيارات الشحن وتناقض الأجور بحجة عدم توافر المازوت ومشاكل الطريق.
وحول سعي الحكومة لضبط الأسعار والأجور وعدم السماح باستغلال حالة غلاء المازوت الأخيرة توجهنا إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق لنلتقي بالمدير، ليفيدنا ويطلعنا على إستراتيجية المديرية في التعامل مع هذا الواقع والآليات والإجراءات التي تم اتخاذها، لكنه اعتذر عن الإجابة عن تساؤلاتنا واستفساراتنا لعدم امتلاكه الإذن في التصريح للصحافة رغم محاولاته الاتصال بالوزارة لتسهيل عملنا الصحفي.