عملت الدولة خلال الفترة الماضية جاهدة على إعادة الفعاليات الاقتصادية إلى العمل من خلال صكوك تشريعية عديدة حملت معها ميزات ومحفزات من إعفاءات وتقسيط وجدولة لمجتمع الأعمال حتى يبادر إلى تسوية اوضاعه تجاه المصارف أو الإدارة الضريبية على حد سواء، إضافة إلى البدء بتحفيز العملية التصديرية تأسيسا على تحفيز العملية الإنتاجية لتامين كفاية الاستهلاك المحلي وإنتاج فائض يسمح بالتصدير، ذلك كله حتى يعود مجتمع الأعمال ولاسيما القطاع الصناعي إلى العمل بطاقة أكبر، وبالتوازي مع ذلك فإن لتعافي مجتمع الأعمال والفعاليات الاقتصادية دوراً في رفد الخزينة العامة للدولة بالإيرادات إن كان لجهة تسديد الذمم الضريبية أو لجهة تأمين القطع الأجنبي الناجم عن التصدير أو لجهة استعادة القدرة على الدخول في شراكات مثمرة مع القطاع العام، وهو ما يسمح للخزينة العامة بدعم فئات أخرى، باعتبار كل ما سبق نوعاً من الشراكة، ناهيك عن شراكة من مستوى آخر ولاسيما مع حلفاء سورية ممن وقفوا معها وساندوا شعبها في وجه الإرهاب لإعادة بناء سورية وإعمارها.
وفي هذا السياق ترى مصادر اقتصادية رسمية أن من الأهمية بمكان أن يتم اعتماد مفاهيم جديدة تعبر عن التحول التدريجي في التكيف الحكومي مع الأزمة القائمة في سورية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأولوية تبقى بشكل أساسي للأمن والأمان ولكن الآلية يمكن أن تقوم على تهيئة سبل إعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في عملية التنمية لجهة أن هاتين العمليتين من شأنهما تثبيت قواعد الأمن والأمان عبر استئناف الإنتاج الزراعي والحرفي والصناعي من مستوى المشاريع المتوسطة والصغيرة مع إعادة الحياة إلى الصلات بين مكونات ونواحي الإنتاج مع إمكانية الانطلاق من نشاط كل منطقة، وفي هذا السياق تقول المصادر الاقتصادية أن ذلك كله ممكن التحقيق من خلال الشراكة التي تعني حكومياً تبني الحكومة لآلية تنموية تقوم على أحجار زاوية ترتكز عليها التنمية واعتمادها كمفاهيم عنوانية مثل الاندماج الاقتصادي والاجتماعي إضافة إلى التحول من الريف الديمغرافي إلى الريف التنموي، أما الأبرز فيكون باعتماد مفهوم يتضمن أن استئناف عملية التنمية عبارة عن مشروع وطني اجتماعي ولاسيما أن هذه الآلية وهذه الإستراتيجية تعزز من مفاعيل التكامل بالمفهوم الاقتصادي والإداري.
وبحسب المصادر الاقتصادية فإن الشراكة في هذا الإطار تقوم على محاور ثلاثة أولها الشراكة مع القطاع الخاص في استئناف عملية التنمية، بحيث يتم التركيز على مشاريع رائدة يتحقق فيها نجاحات متميزة تكون مثالاً نموذجياً للعمل التنموي المستقبلي يشترك فيها القطاعان العام والخاص من حيث التوريد والاستثمار والإدارة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إخفاق تجارب الشراكة بين القطاعين العام والخاص في بعض القطاعات لا يعني إخفاق المفهوم كله بل يمكن تدارك هذا الفشل بتركيز الشراكة مبدئيا كنموذج في بعض القطاعات مثل صناعة مواد البناء ولاسيما معمل الاسمنت بتجربته الحالية وتجاوزه لكل المعوقات التي اعترضت عمله بسبب الإرهاب وسواها من العوامل بالنسبة لمعملي عدرا وطرطوس، إضافة إلى الصناعات الدوائية والكهرباء كنموذج عن قطاع الطاقة وكذلك صناعات البنى التحتية للصناعات التخصصية المتينة كصناعة الحبيبات البلاستيكية.
اما بالنسبة للمحور الثاني من الشراكة فتوضح المصادر الاقتصادية بأنه محور الشراكة مع القطاع الأهلي في استهداف الفئات الأكثر تضررا بحيث يتم التركيز على رفع المستوى المعيشي لها وإعادة دمج الفئات الأكثر تضررا في التنمية الريفية أو المدينة على حد سواء بحسب الافضل لنتاجها، بحيث يمكن في هذا المجال وضع إستراتيجية لإحداث صندوق لتمويل المشاريع المتناهية الصغر على أن يمول في مرحلته الأولى من قبل الدولة لمدة لا تتجاوز السنوات الخمس ويدار من فنيين وخبراء في عمل القطاع الأهلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية تجميع الموارد المرصودة له في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووزارة الشؤون الاجتماعية من خلال منح إنتاجية تقدم إضافة إلى تفعيل تجربة الرواد الشباب مرة أخرى وتفعيل برنامج تمكين المرأة وسواها من البرامج في الصندوق المقترح لتحقيق هذه الأهداف شرط قيام الصندوق على أسس اقتصادية ذات جدوى وريعية وليس على أساس المعونة والمساعدة.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث من الشراكة قالت المصادر الاقتصادية إنه يتضمن الشراكة مع الحلفاء الإستراتيجيين في تمويل وتنفيذ المشاريع الأساسية في إعادة الإعمار حيث يبرز في هذا المجال هيكلة هذه الشراكات ضمن اتفاقيات قطاعية مع الجانب الروسي مع إمكانية تطوير اتفاقيات مماثلة مع دول دعمت سورية في وقفتها ضد الإرهاب مثل الصين وجنوب إفريقية والهند وبطبيعة الحال الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدة أن الجانب الصيني أبدى انفتاحا على التعاون مع سورية أكثر من ذي قبل في الفترات الأخيرة وهو انفتاح يمكن لمسه من خلال تجاوب الصين وبشكل سريع في تأمين دورات تدريبية لمهندسي الكهرباء السوريين في إطار عمل الدولة على تأهيل الكوادر البشرية والتي ستلعب دوراً رئيسيا في إعادة الإعمار لدى انطلاق عمليتها بحيث يمكن توسيع هذا التعاون تدريجيا ليشمل قطاعات أخرى.