لا يزال "تطنيش" تجار الأمبيرات في مدينة حلب مستمراً وواضحاً للأسبوع الثالث بعد صدور قرار لجنة المحروقات في محافظة حلب القاضي بتنظيم تسعيرة الأمبيرات وإقرارها بحساب ساعات التشغيل وتحديدها بمبلغ 75 ليرة سورية أسبوعياً مقابل ساعة التشغيل الواحدة في اليوم.
قرارات المحافظة، التي من المفترض أن تكون مصحوبة بجهات رقابية ومرغمة، لم يلتفت أي تاجر من تجار الأمبيرات إليها، مع رفض لها وتحدي للمواطنين أن يلزمهم أحد بها، وقناعة من قبل أولئك المستغلين أن أضواء المدينة هم أسيادها.
أسعارالأمبيرات وسطياً هي 800 ليرة سورية لاشتراك الأمبير الواحد، بساعات تشغيل 8 فقط، تبدأ من الساعة الـ 4 وحتى الـ 12 ليلاً.
وبحسب قرار اللجنة، فمن المفترض أن يحصل صاحب المولدة على مبلغ 600 ليرة أسبوعياً عن الـ 8 ساعات تشغيل، أي أن التجار يتجاوزون تسعيرة المحافظة بحسب رغبتهم، وقد بلغت التجاوزات في حدها الأقصى 250 ليرة سورية.
شكاوى الأهالي لم تلقى أي أذن صاغية حتى الآن من قبل المعنيين والجهات الرقابية المختفية عن الساحة بشكل غامض، رغم أن المخالفات واضحة والتجاوزات معلنة على الملأ , وليست بحاجة لتقديم "كتاب رسمي" من أجل تأكيدها.
ووفقا " لتلفزيون الخبز" فإن أحياء حلب الجديدة وجمعية الزهراء والأعظمية والسبيل والحمدانية والميدان والفرقان، تكررت شكاويهم حول عدم التزام تجار الأمبيرات بتسعيرة اللجنة، إلا أنه بالوقت نفسه لم تظهر أي دورية رقابية أو جهة مسؤولة لمحاسبة "متجاوزي القرارات".
ساعات التشغيل تم تحديدها من قبل التجار وكأن اجتماعاً عقد بينهم، والأسعار وضعت بحدود 750 إلى 850 ليرة سورية، بقرار "مصدق" بختم "كهرباء حلب خارج الخدمة حالياً" ومعزز بغياب التيار الكهربائي النظامي لساعات طويلة تصل لـ 22 ساعة.
"تجار الأمبيرات" مصرون على حججهم القائلة "بعدم حصولهم على مخصصاتهم من المازوت كاملة"، إلا أن الغاية من تحديد التسعيرة بحسب الساعات هو أن تكون أوقات التشغيل اختيارية بالإتفاق مع أهالي الحي، وإعطاء مرونة لصاحب الأمبيرات في ما يخص كميات المازوت التي لديه والتي بإمكانه التشغيل بناءً عليها.
ولا يتوقف "تطنيش" التجار ومن وراءهم، عند حدود التسعيرة، بل يتجاوز ذلك إلى قيامهم باستغلال القرار الأخير، الذي يمنحهم الحرية بتحديد الساعات ليعمدوا إلى تخفيضها، رافضين موضوع السعر ومستمرين برفعه.
أما التصريحات الرسمية حول نقص المازوت أوضحت "وجود ضعف في الكميات الواصلة للمدينة والتي هي حالياً بين 400 إلى 500 ألف ليتر، ويتم الإهتمام بالتوزيع المنزلي أولاً "، مؤكدين مجدداً أن "هذا الإجراء مؤقت ريثما ترتفع كميات المازوت الواردة لحلب والتي نحن بانتظارها منذ اسبوع".
وقال مصدر مسؤول في محافظة حلب لتلفزيون الخبر "كمية الوقود التي توزع لأصحاب المولدات هي نصف الكمية المخصصة لهم بسبب الاهتمام بالتوزيع المنزلي"، إلى أن "موضوع كمية الوقود وتصرفات تجار الأمبيرات هو أمر غير مقبول وخصوصاً أنه يمكن تلافي النقص عن طريق الاتفاق مع الأهالي على ساعات التشغيل وتحديد السعر بناءً عليه".
كما لفت المصدر إلى أنه "في ما يخص موضوع المخالفات لجماعة الأمبيرات، فتم إقرار تكليف أقسام الشرطة كافة لمتابعة المخالفات ومحاسبة المتجاوزين وتشديد الرقابة عليهم".
وأضاف المصدر "يمكن للمواطنين تقديم شكاويهم حول كافة التجاوزات ليصار إلى محاسبة المسؤولين عنها بدون ذكر اسمائهم عبر الاتصال على الرقم: 2227999".
التصريحات تنتهي دوماً بتشديد المسؤولين دعوتهم للمواطنين "رفع شكاوي لمحافظة حلب حول كافة هذه التجاوزات ليصار إلى محاسبة المسؤولين عنها، وقبول الشكاوي بدون أسماء في حال تخوف المواطن من حيث ذكر الاسم".
هذا الأمر أثار حفيظة الحلبيين حول طلب مسؤولي المدينة للشكاوي وربط الموضوع بها، حيث عبر العديد من المواطنين عن الأمر بالقول "المخالفات والتجاوزات واضحة وعامة في كافة المدينة وأشهر من نار على علم ولا حاجة لتأكيدها بشكاوي".
كما أضاف أحد الاشخاص "من سيتجاوب من الشكوى؟، ما دامت دوريات الرقابة التي اعتدنا زياراتها مختفية، وإن ظهرت فإنها تأتي لأصحاب المهن البسيطة لتهديهم مخالفات لا عالبال ولا عالخاطر، وكأننا نحن من نستغل ونحن من نسبب الأزمة، ففوق الموت (جماعة الأمبيرات) غصة قبر".
هذا هو واقع مدينة حلب التي تقاوم مستغلي الأزمات و"رواسب" الصمود الذي تعيشه يومياً في وجه الموت، المدينة التي تفتح عينيها صباح كل يوم لتنفض عن شوارعها ليلةً مليئةً بـ "تكبيرات" هي أبعد ما تكون عن الله، تباشر يومها باحتضان دماء شهدائها الذين سقطوا على ترابها، ولتمضي باقي اليوم في معركتها المعتادة بمقارعة سكاكين تجار الأزمة .