في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن التعليمات الناظمة حالياً لمنح إجازات الاستيراد حققت استقراراً في سعر الصرف، واستقراراً في توافر المواد في السوق المحلية، بالإضافة إلى زيادة حصة مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي من المستورد
ما يستدعي استمرار العمل بهذه التعليمات، ما زال اتحاد غرفة التجارة السورية يبدي تحفظاته على تلك الآليات، ويقول إنه لا جدوى منها.
وفي اجتماع لمجلس إدارة اتحاد غرف التجارة السورية، أجمع الأعضاء على أن تعليمات منح إجازات الاستيراد الحالية أدت إلى خلق صعوبات اعترضت مسار العمل التجاري للتجار نتيجة تطبيقها، ما ساهم إلى جانب العقوبات الجائرة المفروضة على سورية في خلق صعوبات أكبر لجهة تأمين الحاجات اليومية للمواطنين والأسواق، وانطلاقاً من ذلك فقد وجهت الغرفة تأكيداً للمرة الثانية يضاف إلى تأكيداتها السابقة ضمن مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء تشرح فيها المنعكسات السلبية لآليات منح إجازات الاستيراد على الاقتصاد الوطني.
وجاء في المذكرة، بحسب صحيفة "الوطن" المحلية من وزارة الاقتصاد حيث يتم تدارسها هناك هذه الأيام، أن السوق المحلية تحتاج بشكل مستمر إلى عدد من المواد الأساسية الضرورية، كالمواد الغذائية والأدوية والمواد الأولية للإنتاج، وإن تطبيق هذه التعليمات صعب عمل التجار لضمان استمرار وجود هذه المنتجات في الأسواق وانسيابها بيسر وسهولة، كما أن تطبيقها لم يؤد إلى تخفيض سعر صرف القطع الأجنبي مقابل الليرة، بدليل التذبذبات الأخيرة في أسعار الصرف.
وهنا فقد طرح الاتحاد ضمن وثيقته الممهورة بختم رئيسه غسان القلاع سؤالاً اعتبره مهماً، وهو: هل كان الهدف من هذه التعليمات استقرار سعر الصرف أم المحافظة على انسياب السلع والبضائع إلى السوق المحلية وتوافرها فيه؟ وإن كان الهدف استقرار سعر الصرف فهو لم يتحقق خلال الأشهر السابقة التي تزامنت مع تطبيق التعليمات، كما أنه يجب القول: إن تعقيد إجراءات الحصول على إجازة الاستيراد بهدف ضبط الطلب على القطع الأجنبي، وهو أداة غير منطقية، وخاصة أن تمويل المصرف المركزي للمستوردات لا يشكل أكثر من 20 - 25% من إجمالي التمويل اللازم لمستوردات السوق المحلية.
ويتابع الاتحاد: أما إذا كان الهدف من هذه التعليمات هو استمرار انسياب السلع والبضائع إلى الأسواق المحلية، فيمكن القول: إنه من خلال التجربة العملية أن تطبيق هذه التعليمات صعب من عمل التجار في ضمان استمرارية انسيابها، أما بالنسبة للمستوردين المتعاملين بالمواد الأولية وقطع التبديل فإن عملهم واستمراريته يتم بموجب عقود سنوية موقعة مع الشركات الأجنبية الموردة، ويقوم المورد باستجرارها على شكل كميات مجزأة، وبالتالي كي يتمكن المستورد من ضمان حقوقه يقوم عادة بفتح إجازة استيراد لمدة سنة، وبالتالي فإن تحديد مدة إجازة الاستيراد بثلاثة أشهر قد يسهم في تعقيد عملهم وزيادة العقبات أمامهم.
ومن جهة أخرى فإن بعض المواد يحتاج استيرادها إلى موافقات عديدة على حد قول الاتحاد في مذكرته، ومن جهات حكومية عديدة أيضاً، وغالباً ما تتطلب فترة زمنية تفوق مدة صلاحية الإجازة، مثل الموافقات من الجهات المختصة والحجر الزراعي، وموافقات الصحة، وبالتالي توجد صعوبة كبيرة في أن يتمكن المستورد من تنفيذ إجازته خلال المدة المسموحة المحددة بثلاثة أشهر، أما ما يتعلق بالمنشآت الصناعية التي لا تزال قائمة، والتي يتطلب عملها واستمرار إنتاجها استجرار كميات كبيرة من المواد الأولية بشكل مستمر دون انقطاع، لذلك فإن تطبيق هذه التعليمات قد يصعب من عمل المنتجين في الوصول السلس إلى المواد الأولية اللازمة للإنتاج وبالتالي عرقلة للعملية الإنتاجية.
وقد طلب الاتحاد من الاقتصاد أن تأخذ بالحسبان ملاحظاته التي ذكرها وطالب الإيعاز بإصدار تعليمات جديدة وفق رؤيته لذلك، وهي تحديد مدة صلاحية إجازة الاستيراد بـ6 أشهر قابلة للتمديد إلى سنة كاملة، كذلك إعادة العمل بأحكام التجارة الخارجية بالنسبة للمواد المعفاة من شرط الحصول على إجازة استيراد مسبقة كالمواد الغذائية والأساسية، والمواد الأولية اللازمة للصناعة، حيث يتمكن المستورد من شحن بضاعته، ثم يتم الحصول على الإجازة مباشرة لإدخالها ووضعها بالاستهلاك المحلي.
وطالب الاتحاد أيضاً بعدم الربط بين الإجازة الثانية وتنفيذ الأولى، وإن كان لابد من ذلك، فإنه يجب التأكيد على استثناء المواد الغذائية والأساسية، والمواد الأولية اللازمة للصناعة ومستلزمات الإنتاج الزراعي من هذا الإجراء، إضافة إلى حصر إصدار مثل هذه التعليمات ودراستها وتقييمها بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية حصراً، على أن يتولى مصرف سورية المركزي مهمة تأمين التمويل اللازم للمستوردات حسب الإمكانات المتاحة لديه ووفق سلم أولويات واضح يوضع لهذه الغاية بين وزارة الاقتصاد واتحاد غرف التجارة السورية، وفي حال قام المصرف المركزي بتمويل إجازة ما فقد رجى الاتحاد أن يحصل على كل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمستورد، وذلك من أجل الرجوع إليه ومحاسبته في حال عدم تقديمه للشهادات الجمركية التي تثبت إدخال السلع المستوردة ووضعها بالاستهلاك المحلي خلال المدة المطلوبة.
وأكد الاتحاد في مذكرته أنه في حال عدم قيام المركزي بتمويل إجازة ما فإنه يرجى السماح للمستورد بتسديد قيمة مستورداته بطرقه الخاصة ودون سؤاله لاحقاً عن كيفية تسديد تلك القيم وتعريضه للمساءلة القانونية، وإصدار تعليمات خاصة بهذا الشأن، كما طالب الاتحاد بإعادة النظر بموضوع التقييد الفني وعدم التشدد به، وخاصة بالنسبة للمواد المذكورة في المذكرة، وأنهى الاتحاد مذكرته بالإشارة إلى نقطة مهمة وهي ضرورة العدالة في توزيع إجازات الاستيراد بين المستوردين كافة بموجب تعليمات تكون واضحة وغير انتقائية.