في الطريق المؤدي إلى مدينة جرمانا بريف دمشق وقبل أن تصل إلى المدينة يكفي أن تعرج إلى «مخيم جرمانا» لتجد ما تحتاجه من المشتقات النفطية «غاز - مازوت - بنزين» وبالكميات التي تريدها، ولكن لا تحدث عن الأسعار، فهي مضاعفة عن الأسعار المحددة من قبل الحكومة.
ذهبنا إلى المنطقة واطلعنا على ما يجري هناك من متاجرة بالمشتقات النفطية وخاصة مادة المازوت التي قام المتاجرون بها بعرضها على جنبات الطريق غير آبهين بأي جهة رقابية يمكن أن يخطر على بالها أن تقوم بكبسة مفاجئة على المنطقة، ولكن من أين يؤمن هؤلاء المادة وكيف، وهل هي من مخصصات المواطنين التي يقوم ببيعها الموزعون أم تهرب بطرق غير مشروعة من مخصصات محطات الوقود وبواسطة أصحابها أو المسؤولين عن إدارتها؟
في المنطقة المذكورة وبحسب صحيفة "الوطن" يباع ليتر المازوت بـ200 ليرة، وأسطوانة الغاز بـ3200 ليرة، ولا مجال للمفاصلة أو النقاش حول السعر، فإذا لم يعجبك فلن يتمسك بك التاجر لأن هناك الآلاف ممن ينتظرون أن يحصلوا على المادة وبالأسعار التي يريدها التجار وخاصة أصحاب وسائط النقل «السرافيس - الباصات - الميكروباصات».
والأمر المفاجئ أن جمعية حماية المستهلك تعلم بوجود هذه الظواهر، ولكن دورها لا يقتصر إلا على معالجة الشكاوى التي تصل إليها برفعها إلى الجهات المعنية، فهي ليست جهة تنفيذية على حد قول رئيس الجمعية عدنان دخاخني الذي أكد لصحيفة "الوطن " المحلية أن وجود سعرين في السوق خلق نوعاً من الفساد وأفرز ظواهر غريبة للمتاجرة بالمشتقات النفطية، بل أكد المعلومات التي تحدثنا عنها في بداية هذه المادة وتساءل عما إذا كانت هذه المخصصات هي مستحقات للمواطنين المسجلين على المادة بانتظار أن يأتي الفرج ويحصلوا عليها بالسعر الرسمي المدعوم، ويتم بيعها من قبل الموزعين، أم أنها تهرب من مخصصات محطات الوقود، كاشفاً في حديثه عن أن أحد الصناعيين اشترى كمية 3000 ليتر من مادة المازوت بسعر 600 ألف ليرة، وغيره الكثير من هذه الحالات التي تصل إلى الجمعية.
رئيس الجمعية أكد ضمن حدود المعلومات التي يمتلكها أن بعض الموزعين يقومون ببيع مستحقات المواطنين المسجلين على المادة، ويقومون بالتسجيل لديهم وأن الكميات المبيعة بغير وجه حق تم دفع ثمنها من قبل المسجلين عليها، والذين يقومون بمراجعة مراكز التسجيل للاستفسار عن طلباتهم، فيفاجؤون بأنه تم إيصال المادة إليهم، وهذه الطريقة حسب دخاخني هي إحدى الوسائل التي يتبعها بعض موزعي القطاع الخاص للمتاجرة بالكميات من مادة المازوت والتي يحصلون عليها من مراكز التوزيع بشكل شرعي، ويقومون بالاتجار بها، وهؤلاء بحسب تأكيد رئيس الجمعية لا رقابة عليهم وهناك إهمال من قبل الجهات المعنية في مراقبة توزيع المشتقات.
وانتقد دخاخني وجود سعرين لمادة المازوت في السوق، وقال: بدلاً من وجود سعرين لماذا لا يتم رفع سعر المادة وبيعها لجميع المواطنين على اختلاف أعمالهم بالسعر الموحد، فالمواطن لم يعد يهتم فيما إذا كانت المادة مدعومة أم لا، فهمه الوحيد أن تتوفر المادة في السوق وعندها تختفي مظاهر المتاجرة بها، فنقص الكميات التي تصل إلى المواطنين قليلة وبالتالي يتم التحايل على كميات كبيرة منها وبيعها في السوق السوداء، ولكنه عاد ليتساءل من أين يحصل المتاجرون على هذه الكميات الكبيرة، وعلى حد قوله فإن الصناعي الذي اشترى كمية 3000 ليتر بسعر 60000 ليرة قال إن الكميات التي تطلبها موجودة، واستغرب رئيس الجمعية من وجود هكذا كميات، ليعود ويؤكد أن مصدر تسربها إلى السوق السوداء ليس معروفاً حتى تاريخه، ولكن من المؤكد أن مصدرها أحد الاحتمالات المذكورة، لافتاً إلى أن العائلة الواحدة تحتاج إلى 5 ليترات يومياً من مادة المازوت فيما لو أرادت أن ترشد في استخدامه لغايات التدفئة، وسعرها يصل إلى 1000 ليرة، أي أن العائلة تستهلك شهرياً 30 ألف ليرة ثمناً لمادة المازوت، ناهيك عن مادة الغاز التي وصل سعر الأسطوانة إلى 3200 ليرة.
وأكد رئيس الجمعية على الجهات المعنية في الرقابة أن تأخذ دورها في هذا المجال وأن تقوم بمراقبة دقيقة للمتاجرين، وأن تساهم في إيصال المشتقات إلى مستحقيها الفعليين، لافتاً إلى أن الإعلام يساهم في تسليط الضوء على هذه الظواهر، أي المتاجرة، ولكن دون نتيجة تذكر، ودون اتخاذ إجراءات رادعة حيال المتاجرين.