كشف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية " الدكتور همام الجزائري" إلى أن الأشهر الثلاث الأولى من العام القادم ستشكل نقلة حقيقة في الاقتصاد السوري ، معلناً عن خطته ورؤيته السادسية للعام القادم.
حيث أشار أنّ وضع الليرة حكما سيكون أفضل، هذا بالاضافة إلى أن العملية الإنتاجية ستدخل مربعا جيدا للغاية و المشتقات النفطية نحو الوفرة دون أن يستبعد انخفاضا في أسعارها لتلامس سعر التكلفة فعلا.
بما لا يقبل الشك , فإنّ وزير الاقتصاد و التجارة الخارجية السوري يملك رؤيا واضحة اتجاه الطريق الذي يجب أن يسلك فيه الاقتصاد السوري للمضي من الأزمة ..
ووفقا لموقع "سيرياستبس" فإن المعادلة التي يحاول الوزير الشاب تركيبها تمهيدا لتطبيقها لا تبدو معقدة و لا صعبة و إن كانت تحتاج إلى شجاعة في الطرح و التبني .. و إرادة في التنفيذ و التطبيق .. و بصراحة هذا ما بتنا نحتاجه في كل شيء حتى نتمكن من الخروج من الأزمة و البدء بطريق إعادة الإعمار و الإصلاح ...
أولاً: تحريك عجلة الإنتاج
يرى الوزير همام جزائري أنّ المعادلة تقوم على أنّ أي حل للوضع الاقتصادي الحالي إنّما يبدأ من فتح الآفاق واسعةً جدا و دون تردد أو تأخر أمام العملية الانتاجية بكافة مكوناتها .. بما يتيح وفرة سلعية تؤمن احتياجات السوق المحلية , فترشد الطلب على القطع الأجنبي من جهة , و تتيح التصدير فتوفر القطع الأجنبي .
يقول الوزير جزائري : حقق العام 2014 نمواً في الإنتاج الزراعي والصناعي مقارنة بالعام الماضي وبدا ذلك جلياً في زيادة حركة الصادرات التي بدأت تتجه للعديد من الأسواق بحيث تم إعادة بناء بنية تصدير يمكن القول أنّها معقولة , و بالتالي يمكن البناء عليها في الفترات القادمة بحيث يتم توسيع قاعدتها , لتشمل مختلف المنتجات السورية القابلة للتصدير و العمل على فتح أسواق جديدة خاصة مع الدول التي يمكن أن نتكامل معها سلعياً . فعلى سبيل المثال يمكن تحقيق تكامل سلعي مع كل من بيلاروسيا و الاتحاد الأوراسي فهم ينتجون الآلات و المعدات و التجهيزات الهندسية التي يمكن أن نستوردها , بالمقابل نحن ننتج و يمكن ان نصدر إليهم المنسوجات و الخضار و الفواكه و ما شابه ..
إذاً انطلاقا من إدراكنا أنّ التصدير- يتابع وزير الاقتصاد حديثه : هو حامل رئيسي للاقتصاد و بالتالي حامل لليرة فقد كان عنوان المرحلة الحالية و القادمة هو تطوير و تنمية الإنتاج الوطني خاصة الصناعي بما يؤمن احتياجات الأسواق المحلية و يتيح المجال للتصدير.
و تطوير العملية التصديرية يبدأ عبر تأمين دعم حقيقي للمنتج الذي يجب أن يعطى الأولوية حتما و دون أن يعني ذلك منع الاستيراد, و لكن بالمقابل لا مانع من التضييق على الاستيراد عبر استخدام سلاح المواصفات الخاصة بنا .
ثانياُ: تضييق الاستيراد و ليس منعه....
فأنا.. يقول الوزير جزائري : لست مع منع الاستيراد بل أشجع أن يكون هناك توفر لكافة السلع لأن ذلك يعطي إنطباع إيجابي لدى الشركات الكبيرة و التي غالبا ما تكون قريبة من صناع القرار في بلدانها , بأن سورية ما زالت على خارطة الدول التي توزع فيها منتجاتها و هذا يعني أن هناك ناس قادرين على الصرف و ليس كما يسوق بأن كل السوريين فقراء .
أيضا علينا أن نعمل على بقاء العلامات التجارية متواجدة في بلادنا و بالتالي الحفاظ على شبكات التوزيع في سورية " لأنه في العالم هناك دراسة و مراقبة دائمة لحركة التجارة "
و لكن يعود الوزير جزائري و يؤكد : أن المواصفة أداة سحرية من أجل تضييق الاستيراد لمصلحة المنتج المحلي الذي يعتبر أولوية في هذه المرحلة و للمرحلة القادمة .
و بالتالي يمكن التركيز في الاستيراد على مدخلات الانتاج مقابل اجراء ترشيد في السلع الاستهلاكية حسب الحاجة و حسب توفر المنتج المحلي و هذا ما يمكن أن يؤدي الى التخفيف من الطلب على الدولار.
و بفضل هذه الرؤيا يتابع وزير الاقتصاد السوري : زاد الإنتاج المحلي من الألبسة و الجلديات والغذاء .
ويبقى التحدي في هذا الإطار ترميم حلقات الإنتاج الوسيطة واستعادة القدرات الإنتاجية الكبيرة كذلك تم ترميم الصناعات الدوائية بنسبة عالية و تم ترميم سلسلة إنتاج الدواجن وزاد الإنتاج الزراعي في الخضار والفواكه. والتحدي في هذا الإطار يكمن في ترميم القدرة الإنتاجية والتسويقية للمحاصيل الاستراتيجية وترميم الثروة الحيوانية.
الوزير جزائري أكد : بأن السياسة الاقتصادية السورية تقوم على استهداف الاستقرار في سعر صرف الليرة السورية وتعزيز موقعها من خلال التركيز على تطوير مقومات الإنتاج والتصدير وتتكامل بهذا الدور مع السياسة النقدية لمصرف سوريا المركزي التي تقوم على التدخل في الأسواق والتوسع في تمويل المستوردات بالتركيز على تمويل مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية والأساسية. والإجراء الأخير لمصرف سوريا المركزي بتوفير مرونة لشركات الصرافة في تمويل المستوردات يأتي في هذا الإطار. فالحصة الأكبر لتمويل المستوردات الأساسية من مستلزمات إنتاج وغذاء ودواء تقدمها المصارف، واليوم تساهم شركات الصرافة في تمويل حصة إضافية من المستوردات لتوفير مرونة أكبر لزيادة العرض من القطع الأجنبي ولمقابلة الطلب بغرض الاستيراد
ثالثاً: لا لإغلاق شركات الصرافة ....
و عن التحويلات يقول وزير الاقتصاد : أنّها تضررت بسبب العقوبات و لكن نحن نتعامل معها بدقة و بخطوات مدروسة .
فعلى سبيل المثال نحاول التواصل مع فنزويلا من أجل زيادة التحويلات منها ...
فكما نعلم هناك عدد كبير من السوريين المغتربين في فنزويلا , و لكن كما نعلم فنزويلا لديها ترشيد كبير في موضوع القطع الاجنبي مثلنا و أكثر, و بالمقابل هناك الكثير من السوريين الراغبين بزيادة الأموال المحولة لأهاليهم في سورية لذلك فنحن نعمل على تأمين عملية تسهيل و صول الحوالات من فنزويلا عبر التواصل و توقيع اتفاقيات مع الجهات المعنية في فنزويلا .
و هنا يستهجن الوزير الجزائري الاصوات التي تنادي بإغلاق شركات الصرافة التي يراها أحد قنوات التحويل الرئيسية في البلاد في ظل منظومة العقوبات التي تتعرض لها المصارف السورية , و التي تقيد حركة التحويلات للأفراد و الشركات الأمر الذي جعل شركات الصرافة في غاية الأهمية وبالتالي فإن المطالبة بإغلاقها أمر غير واقعي على الإطلاق و ضرب من الجنون .
لذلك فإنّ السياسة الاقتصادية تتكامل مع السياسة النقدية لدعم وتعزيز موقع الليرة السورية من العملات الأجنبية، وهذه المرتكزات هي التي تحدد المستوى الحقيقي لسعر الصرف.
مشيراً إلى أنّه : من العوامل الأساسية التي تشكل المحدد والحامل لليرة السورية هي الإنتاج المحلي وتوسعه والتصدير .
رابعاُ: المشتقات النفطية إلى الوفرة....
و بالانتقال مع الوزير جزائري إلى موضوع تأمين المشتقات النفطية .. فقد بدا متفائلا جدا إلى أنّ الأزمة تسير نحو الحل خاصة بعد الاتفاقيات الأخيرة مع كل من إيران و روسيا و أيضا مع دخول القطاع الخاص كمستورد . لذلك فإنّ الربع الأول من العام القادم سيشهد تحولات مهمة على مستوى الاقتصاد خاصة لجهة توفر المشتقات النفطية التي ستسير قولاً واحدا نحو سعر التكلفة , بل إنّ الحكومة قد اقتربت فعلا من اتخاذ هكذا قرار .
و لعل النقطة المهمة التي يمكن الحديث عنها هي انعكاس توفر المشتقات النفطية و ضبطها في الأسواق على استقرار سعر صرف الليرة بحيث تكون هي العامل الحاسم في تعزيز موقع الليرة ما يعني انحسار دور المضاربة في سعر الصرف .
و يضيف الوزير جزائري : بغض النظر عن الاتفاقيات الاستراتيجية مع الدول الصديقة و خاصة روسيا و إيران لتوفير المشتق النفطي , فإنّ الحكومة تعمل حاليا على تعزيز القدرة الذاتية عبر ضمان استمرارية عمل المصانع و عدم توقفها . و بالتالي فإنّ المصانع يهمها توفر المادة و ليس سعرها , و بالتالي عند استيراد المشتق النفطي و بيعه بسعر التكلفة يمكن جلب المزيد , و لكن عند بيعه بثلث التكلفة تحت مسمى الدعم فإنّ القدرة على الاستيراد ستتراجع خاصة مع عمليات التهريب الكبيرة التي يتعرض لها , و دون أن يخفى ذلك على أحد .
و هذا معناه أنّ الدولة كانت مضطرة لدفع قطع أجنبي أكثر للاستيراد ما يعني استنزافا لإمكانيات الدولة . أما عندما يأتي المشتق و يباع بسعر التكلفة يتوقف التهريب و تبقى الامكانية متاحة لاستيراد المزيد و بالتالي تحقيق الوفرة و هو ما يهم المصانع التي يعد توفر المشتق أهم أولوياتها و أهم من سعرها .
في هذه الحالة يتوقف استنزاف القطع من جهة و نضمن استمرارية المصانع و هذا بدوره يعني توفر المنتج المحلي في الأسواق و يوفر فرص عمل و يوفر امكانيات التصدير و جلب القطع ...
خامساً: انخفاض سعر النفط .. فرصة تاريخية
وزير الاقتصاد رأى أنّ انخفاض سعر النفط عالميا يعد فرصة تاريخية لسورية .. باعتبارها و بسبب الظروف الراهنة تعد دولة مستوردة . و رؤيتنا تقول بأنّ انخفاض النفط سيستمر من 6 إلى 9 أشهر و بالتالي هذه تعد فرصة لتعزيز القدرة الإنتاجية و التصديرية و بالتالي هذه ستعزز قوة الليرة السورية بشكل بنيوي و منهجي و ليس بالتدخل المباشر في السوق أي بشكل " مضارباتي "
سادساً: سعر صرف الليرة سيذهب إلى سعره التوازني الحقيقي و الثابت .
كاشفاً هذه الإجراءات يجري العمل عليها منذ فترة لذلك " يتابع الوزير جزائري حديثه " : أستطيع القول و بكل راحة و اطمئنان أنّ الربع الأول من العام القادم سيكون جيد و أعتقد أنّ ثمة تحولات مهمة سنشهدها قريبا من شأنّها تحسين وضع الليرة حيث سيتراجع حكما دور المضاربين كما أنّ الاقتصاد سيشهد تحسنا مع ازدياد الحركة الانتاجية .