بلغ عدد المشاريع التي شملتها هيئة الاستثمار السورية خلال العام الماضي 60 مشروعاً بتكلفة استثمارية تزيد على 50.4 مليار ليرة سورية، وتشغل أكثر من 8 آلاف يد عاملة، على حين بلغ عدد المشاريع التي أصبحت قيد التنفيذ 15 مشروعاً بتكلفة استثمارية أكثر من 15.1 مليار ليرة سورية، وتشغل 2791 يد عاملة، في حين بقيت المشاريع المنفذة 4 مشاريع بتكلفة استثمارية 174.1 مليون ليرة سورية فقط لا غير.
بينّت مدير عام هيئة الاستثمار المهندسة هالة غزال" حول أهمية هذه الأرقام " أن الرقم التشميلي هو رقم مبدئي لا يتغنى به وإنما يتم تحليل مؤشراته حيث يعتبر بداية لعودة الاستقرار وعودة المستثمرين للنشاط الاستثماري في سورية، ولكي يتم تحديد المستثمر الجدي الساعي لإقامة مشروع استثماري فعلي، يقوم مجلس إدارة الهيئة بدراسة لوضع ضوابط جديدة لتشميل المشروع، بهدف جعل الرقم التشميلي واقعياً وحقيقياً ولجذب المستثمرين الجديين، وأوضحت غزال أن المستثمر الغير جدي له أسبابه الخاصة التي تدفعه لتشميل مشروعه، ومنها بحثه عن شريك خارجي يموله، أو ليرفع سعر الأرض التي شمل المشروع عليها، ومنهم من يسعى «لتبيض صفحته» خلال الأزمة بأنه شمل مشروعاً استثمارياً أو للمشاركة في المضاربات ومنهم من يعتبر ورقة التشميل باباً للف والدوران وخداع المستثمرين، ولذلك تسعى الهيئة للبحث عن المستثمر الجدي في وضعها لهذه الضوابط، وسوف تعمل على تقصير فترة قيد التنفيذ لضبط مرحلة التشميل، وإلا فإن قرار التشميل يلغى بعد التأكد من عدم جدية المستثمر، إلا إن قدم معوقات خارجة عن سيطرته، ولذلك سوف تقوم الهيئة بعقد لقاءات دائمة مع أصحاب المشاريع المشكلة بعد 6 أشهر من حصوله على التشميل للتعرف على الصعوبات التي تعوق تنفيذ مشاريعهم ووضع الحلول والحصول على المعلومات الدقيقة، حيث توجد مشاكل إدارية وبيرقراطية تعيق أحياناً تنفيذ المشاريع.
وهنا أشارت غزال إلى وجود حالات ابتزاز وفساد يقع فيها بعض المستثمرين عند الحصول على التراخيص والموافقات، ولكن لم يسبق أن تقدم أي مستثمر بشكوى عن تعرضه للابتزاز، كما أن الهيئة غير قادرة على ضبط هذه الحالات، حيث إن عملها ينحصر في مساعدة المستثمر بالتواصل مع الجهات المعنية بمنحه التراخيص وهو ما ورد في النص التشريعي لإحداثها، وتقديم التسهيلات والاستماع لشكوى المستثمر وعرضها على مجلس الإدارة ومتابعة مراسلاته مع الوزارة المعنية.
وللحدّ من حالات الابتزاز والفساد وبهدف تبسيط الإجراءات تقوم الهيئة بالربط الإلكتروني مع كافة الوزارات والفروع التابعة لها في المحافظات، وقد بدأ العمل فعلياً بالربط مع وزارة الزراعة، والحصول على الموافقات من باقي الوزارات للبدء بعملية الربط، لتصبح النافذة الواحدة قادرة على الحد من التواصل الشخصي بين المستثمر والموظفين ما يحد من حالات الابتزاز ويقصر وقت الحصول على التراخيص ويبسط الإجراءات.
وأشارت غزال إلى أن المشكلة كانت في وجود مجموعة كبيرة من القوانين والتشريعات والقرارات الناظمة للاستثمار في سورية حسب القطاعات، ما يعقّد الإجراءات ويزيد من حالات البيروقراطية، ولكن يتم العمل الآن على تعديل قانون الاستثمار ليصبح قانوناً موحداً لكافة نواحي الاستثمار في سورية، وبمجرد صدور القانون الجديد سيتم العمل على تعديل المرسوم رقم/9/ لعام 2007 الناظم لإحداث هيئة الاستثمار، بهدف منحها المزيد من الصلاحيات لتكون الجهة المعنية لوحدها بتطبيق قانون الاستثمار.
وأوضحت غزال أن المشاريع قيد التنفيذ هي من حصل أصحابها على تراخيص زراعية وصناعية أو غيرها حسب نوع المشروع وبدؤوا في استيراد الآلات وشراء الأرض والحصول على الموافقات من الجهات الأخرى حسب نوع المشروع، وبذلك يدخل المشروع ضمن مهلة زمنية وفترة تأسيس وكل تأخير يتم عرض أسبابه وتتم دراستها لأن مشاريع قيد التنفيذ هي الأهم وفيها تكمن أغلب مشاكل المستثمرين، من ناحية إيجاد المكان المناسب لإقامة المشروع بسبب وجود عدد كبير من المستثمرين الذين يحصلون على الموافقة على تشميل المشروع ولكنهم لم يشتروا الأرض المناسبة له أو يشتروا الأرض وتكون غير صالحة لإقامة المشروع وأحياناً لا يحصلون على موافقة لجنة البلاغ رقم /9/ المؤلفة من مجموعة كبيرة من الوزارات التي تكشف على الأرض وتعطي الموافقة على إقامة المشروع على هذه الأرض، ولذلك تسعى الهيئة إلى توجيه المستثمر لإقامة المشروع في المدن الصناعية كونها تؤمن له البنى التحتية المناسبة للمشروع ويمكنه الحصول في أيام قليلة على المقسم والبدء بالتنفيذ ما يوفر له الوقت والجهد والتراخيص كما أنه ضمن المدن الصناعية يمكن تقسيط ثمن المقسم، بالإضافة إلى ميزات إضافية أخرى، كما أن المدن الصناعية مفوضة بكاملة صلاحيات هيئة الاستثمار لتشميل المشاريع وإعطاء الموافقات والهيئة تعتبر المدن الصناعية فروعاً تابعة لها.
ولفتت غزال إلى أن الهيئة تتابع المشاريع التي تستورد الآلات ولا تنفذ، حيث تتم متابعة المشروع وإلغاء الموافقة في حال لم يلتزم بالتنفيذ، وهو جهد تقوم به مديرية المتابعة في الهيئة، وقد حصلت العديد من الحالات في العام الماضي وتم إلغاء أكثر من مشروع تم التدقيق في حصولها على الموافقات من جميع الجهات كالجمارك والمصرف المركزي والتأكد من أنه أدخل المعدات والآلات ولم ينفذ المشروع واستخدمها في غاية أخرى غير المشروع، كأن يقوم ببيعها أو تأجيرها.
وفيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر أوضحت غزال أن الحدّ الأدنى لتشميل المشروع لدى الهيئة هو عشرة ملايين ليرة سورية، ولذلك من الضروري وضع تعريف موحد لهذه الفئة من المشاريع حتى يتم معرفة الهامش الممكن للهيئة التحرك ضمنه لدعم هذه المشاريع، وهو ما يتم البحث فيه ضمن مشروع قانون الاستثمار الجديد وسيكون له فصل كامل، نظراً لأهمية هذا القطاع الذي يعمل قسم كبير منه في اقتصاد الظل، كما سيتم التركيز على مشاريع الطاقة البديلة والاستثمار الأخضر بالتنسيق مع وزارة البيئة ووضع دراسة جدوى اقتصادية لها ضمن الخارطة الاستثمارية.
وفيما يتعلق بزيارة وفود الجاليات في المغترب أوضحت غزال أنه يتم العمل معها بشكل جدي على مشاريع ممكن إقامتها لاحقاً، كما أن الهيئة تقوم بالتواصل مع كافة السفارات السورية في الخارج للترويج للاستثمار في سورية والتعاون مع كافة مجالس رجال الأعمال التي أعيد تفعيلها مؤخراً، خاصة مع مجالس رجال أعمال الدول الصديقة لتفعيل الترويج في سورية وخصوصاً في مرحلة إعادة الأعمار.
وخلال العام الجديد ستقوم الهيئة بالتوجه إلى حلب إعداد ملف كامل للأضرار الاستثمارية وخاصة بعد تحرير المدينة الصناعية في الشيخ نجار، والاطلاع على واقع المشاريع المنفذة وأين وصلت، كما ستتجه إلى حمص للاطلاع على واقع الاستثمار فيها.
وحول أهم التعديلات في قانون الاستثمار الجديد بينّت غزال أنها تطال الناحية البنيوية للقانون بمعنى أنه سيكون قانوناً واحداً موحداً يزيل كافة التشابكات القانونية بين التشريعات والقوانين التي صدرت قبله، وسيتم منح مزايا وتفضيلات لكل قطاع حسب مؤشرات اقتصادية قريبة وبعيدة المدى، وحسب نوع المشروع والرقعة الجغرافية والمناطق ومؤشراته الاقتصادية أي ما تستهلك من عمال وطاقة ومواد أولية وغيرها من المؤشرات، بالإضافة إلى دعم القطاعات المغمورة والتي لم يتم منحها حقها من الدعم.