طوابير طويلة من المركبات تمتد ليوم كامل، عراك بين أصحاب السيارات على أولوية التزود بالبنزين، فجأة يعلن موظف الكازية انتهاء المخصصات من “الكنز المفقود”، ليعود المنتظرون خائبين الأمل وناقمين على الأزمة التي تطل برأسها من حين لآخر دون أن يعرف أحد سببها أو طرق علاجها.
تجددت أزمة البنزين مرة أخرى في دمشق وريفها وعاد الزحام إلى شوارع العاصمة، واصطفت السيارات في طوابير طويلة انتظاراً للبنزين الذي بدأ يختفي من السوق بعد تقليص الكميات التي تتسلمها محطات التوزيع.
وبدأت السوق السوداء للتجارة في “الوقود المدعم” تعود في وضح النهار، وارتفعت أسعار البنزين نحو 75 ليرة لـ”الليتر الواحد”.
وفي السويداء لم يعد منظر طوابير السيارات المصطفة أمام محطات الوقود تنتظر البنزين (الذي لن يأتي أو إذا أتى لم يكف) يثير الاستهجان لدى مواطني السويداء بعد أن قطعت تلك الطوابير الشوارع الرئيسية وأربكت معها حركة السير في المدينة ولعل الأكثر غرابة في تلك الطوابير منظر الدراجات النارية التي وصل عددها إلى المئات أمام كل محطة علما أن معظمها غير مرخص ولا يحمل نمرة نظامية أو أوراقاً رسمية الأمر الذي دفع المواطن إلى التساؤل أين دور الجهات المعنية من تلك الدراجات بعد أن أشارت أصابع الاتهام إلى قيام أصحاب تلك الدراجات بالإتجار في مادة البنزين؟
وشكا سائقون في دمشق من اختفاء البنزين، وفيما تؤكد “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” أن الكميات المطروحة في الأسواق التي تحتاجها السوق المحلي كافية وأن موضوع السوق السوداء مؤقت، قال أصحاب محطات توزيع وقود: “إنه تم تخفيض الكميات التي كانت تتسلمها المحطات بشكل غير مباشر بسبب تأخر سيارات نقل الوقود”.
وبحسب موقع " الاقتصادي" الالكتروني فإن “التهريب” الذريعة الرئيسة التي كانت تشهرها الحكومة في وجه من يحاول الاستفسار عن سبب نقص أي مادة بالسوق، جاءت موجة رفع الأسعار لتجعل أسعار المحروقات تتجاوز كل تسعيرات دول الجوار، سيما مع تراجع سعر الخام إلى دون عتبة الـ46 دولاراً للبرميل.
والغريب في الموضوع أن صاحب إحدى محطات توزيع وقود قال: “إن السوق السوداء تنشط حينما يكون هناك نقص في الكميات التي تتسلمها محطات التوزيع، وأن تجار السوداء يحصلون على الكميات التي يطرحونها في السوق بأسعار تتجاوز أضعاف السعر الرسمي من محطات التوزيع النائية، والتي يلجأ أصحابها إلى السوق السوداء لتوريد الكميات التي يحصلون عليها من البنزين فيها”.
والمثير في الموضوع أيضاً أنه لا أحد يصدق ما يجرى حالياً، فمن ناحية وضعت بعض الكازيات حواجز للتأكيد على نفاد مخصصات البنزين، حتى لا تصطف السيارات في المحطات، ومن ناحية أخرى تكدست السيارات أمام محطات أخرى وأغلقت شوارع رئيسة بانتظار الحصول على البنزين.
في المقابل -وكالعادة- جاءت تصريحات المسؤولين مخالفةً للواقع الذي يعيشه المواطنون، حيث تؤكد الحكومة عدم وجود أزمات، وتوافر الكميات في الأسواق.
جدير بالذكر أن “جمعية حماية المستهلك” في السويداء طالبت اليوم كل من رئيس مجلس الوزراء، وائل الحلقي، ووزير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، حسان صفية، بإلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية والغاز والخبز فوراً، وتأمين هذه المواد للمواطنين بشكلٍ فوري.
ودعت الجمعية في بيانٍ نشرته الجمعية على موقعها، الحكومة إلى تقديم استقالتها فوراً، إضافة لتقديم اعتذارٍ علني للمواطنين، “لأن معظم الشعب السوري لم يحصل على حصته من مازوت التدفئة، ومازال لا يملك ثمنها، وما زال لا يملك ثمن أسطوانة الغاز المنزلي لأولاده، والكثير منه يرهن هويته للحصول على ربطة خبزه اليومي”.