من بداية الأزمة والمصرف المركزي يقوم بعمليات التحوط من أجل المحافظة على سعر صرف الدولار بالنسبة لليرة السورية، حيث قام المركزي بالتدخل في الأسواق وطرح كميات من العملات الأجنبية من أجل تحسين معدل صرف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى، كما أنه اتبع سياسة نقدية انكماشية تم من خلالها سحب كميات مدروسة من العملة المحلية من السوق وتم خفض الكمية المعروضة منها أيضاً للمحافظة على سعر صرفها. تم تغيير معدلات أسعار الفائدة للتأثير على حجم الطلب على العملة المحلية. كان من المفترض أمام ما قام المركزي به من إجراءات أن يترافق ذلك مع سياسات مالية واقتصادية، فإن طرح كميات غير كبيرة من العملة الصعبة في السوق ومنع تهريب العملة أو خروج العملة المحلية إلى الخارج وطرحها بأسعار منخفضة ووضع القوانين المناسبة لمنع عملية إغراق العملة في الأسواق المجاورة كفيلة بالمساعدة في حماية العملة المحلية.
إذا عدنا بالتاريخ للثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، نجد أن وزارة الاقتصاد وبالتناغم مع وزارة المالية، استطاعت ضبط خروج العملة السورية بذلك الوقت حيث تم ربط الاستيراد بالتصدير وبالتالي تم الاتفاق مع جهات معنية من أجل استرجاع الليرة السورية من الأسواق المجاورة، فالعملية كانت عبارة عن حلقة مغلقة يتم توريد الدولار فتخرج الليرة السورية ثم تعود، فتمويل المستوردات كان لا يؤثر على الاحتياطي من القطع الأجنبي وإنما يتم تأمينه عن طريق تنازل القطع.
اليوم المركزي يشير إلى أن الأسواق اللبنانية تؤثر بشكل كبير على سعر صرف الليرة السورية، وهذا مؤشر إلى تهريب الليرة خارج الأسواق المحلية ما يعني أن هناك افتقاراً لسياسة ضبط من المفترض أن تضعها وزارة المالية على أن تكون متشددة وتعنى بها إدارة الجمارك فأي إجراء يمكن أن يتخذه المركزي قد يذهب في مهب الريح إذا لم يتم ضبط الحدود بشكل متشدد.
إضافة إلى ذلك فهناك أدوات أخرى تتمثل في منع استيراد بعض البضائع والخدمات وتشجيع التصدير ما يساعد على تخفيف الضغط على العملة المحلية، تجدر الإشارة هنا إلى أن الإجراءات التي عمل عليها المصرف المركزي لا يمكن الاعتماد عليها على المدى الطويل، لذلك نعيش اليوم حالة من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد السوري، ويعود سبب ذلك إلى عدم وجود تزامن هذه التدابير مع سياسات اقتصادية تؤمن استقرار سعر صرف العملة بشكل حقيقي.
وبحسب صحيفة "الوطن " فإن السياسات والقرارات الاقتصادية التي لم تتناغم مع سياسات المركزي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، وكمثال على ذلك السماح باستيراد بعض المواد التي يمكن تأجيلها أو إيجاد البديل عنها، فاستيراد المولدات الكهربائية التي تستهلك المشتقات النفطية وكلاهما بحاجة إلى قطع كان من الممكن أن يكون هناك تعاون بين وزارة الاقتصاد والنفط والصناعة والكهرباء لدراسة إمكانية إنتاج أدوات لتوليد الطاقة البديلة وبالاعتماد على كوادر وطنية ومواد أولية وطنية كلنا يذكر شعار الاعتماد على الذات لو تم ذلك لساعد بشكل عميق في ضبط سعر الصرف ولوفر الكثير من القطع على خزينة الدولة، ولا يزال هناك إمكانية لذلك، فما استهلكه استيراد المشتقات النفطية وبعض المنتجات الكمالية من قطع خلال هذه الفترة الوجيزة أدى إلى إخراج كميات كبيرة من الليرة السورية إلى الأسواق المجاورة ما أدى إلى التأثير سلباً على سعر الصرف.
ولنقترح دراسة امكانية بيع شرائح من الدولار لدى المصارف على أن يتم ايداع هذه المبالغ كوديعة لمدة من 6 أشهر إلى سنة، على أن يتم منح فوائد على هذه الودائع تصل إلى 4% على الدولار الأميركي حيث يجب مقارنة تكلفة ارتفاع سعر الصرف لليرة السورية مع هذه الفوائد، يرافق ذلك تعليق مهام مؤسسات الصرافة لفترة زمنية محددة.
نقترح أن يقوم اتحاد المصدرين بتعميق ثقافة عمليات المقايضة بين الأسواق السورية والأسواق المجاورة مع دراسة امكانية التصدير لقاء قبض القيمة بالليرة السورية بالنسبة للأسواق المجاورة ولمنتجات محددة ولفترة زمنية محددة.
نقترح دراسة إمكانية طرح تشاركية على كثير من الأراضي والعقارات التي تملكها الدولة ولا تستثمرها على أن يكون رأس المال المدفوع كقيم لهذه العقارات بالدولار الأميركي، وبموجب حوالات خارجية.
ختاماً نأمل من اللجنة التي تم تشكيلها مؤخراً بقرار من السيد رئيس مجلس الوزراء من أجل المساعدة في عملية ضبط سعر الصرف أن تقوم بنشاط خارج إطار اجتماعاتها الرسمية وذلك عن طريق إقامة ندوات تضم مجموعة من الخبرات الاقتصادية والمصرفية من أجل جمع الأفكار ووضع سيناريوهات مناسبة لكل الاجتماعات المستقبلية التي قد تؤثر سلباً على سعر صرف الليرة السورية.