دعت ورشة العمل التي أقامتها أمس لجنة متابعة الحوار الوطني تحت شعار «الأزمة الاقتصادية السورية آفاق وحلول» الى وضع حلول اسعافية عاجلة لمعوقات الاقتصاد السوري لاسيما الصناعة والزراعة وتحسين الواقع المعيشي للمواطن .
وتناولت الورشة خمسة محاور عن التضخم الاقتصادي وانخفاض القوة الشرائية للمواطن وارتفاع سعر الدولار وأسبابه وانعكاساته ومعالجته والدعم الحكومي للقطاعات الخدمية وحوامل الطاقة ومقترحات وحلول وإعادة الإعمار والسوق العقاري وأزمة السكن والقطاع الانتاجي الصناعي والزراعي.
وقال عضو المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد ان الورشة تأتي استكمالا لما بدأنا به منذ آذار عام 2013 في المساعي للحوار الوطني ليكون سوريا سوريا ولجميع الفعاليات الاقتصادية والسياسية وهموم المواطن السوري بأيدينا وليس بيد غيرنا ويتناول الحوار جوانب مختلفة واللجنة الاقتصادية وهي احدى لجان متابعة الحوار الوطني السوري .
ورأى د. عبد القادر عزوز الأستاذ بجامعة حلب أهمية التشاور وطرح أفكار لأن الاقتصاد لايبنى إلا ضمن حالة تفاعلية مشيرا الى ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية وايجاد مصادر للتمويل وعدم التخلي عن الدعم والاستفادة من فضاءات اقتصادية خارجية مع روسيا وايران عبر الخطوط الائتمانية وتطويرها والتغلب على الصعوبات الروتينية والبيروقراطية التي وقفت في وجهها .
وردا على بعض الطروحات عن هوية الاقتصادي السوري قال د. أنور علي مدير عام هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أن سورية تمتلك رؤية واضحة لاقتصادها في الدستور وهو اقتصاد السوق الاجتماعي مؤكدا أنه لولا الانفتاح الاقتصادي لما توفرت السلع بهذه الكميات واستمرت دون انقطاع لكن المشكلة أن التشريعات والتعديلات على القوانين النافذة والتي تهدف لتطوير عجلة الاقتصاد لم يطبقها القائمون عليها لأن مرحلة التحول لاقتصاد السوق الاجتماعي تتطلب دعم المتضررين من ذوي الدخل المحدود خلال الفترة الانتقالية .
وأشار الى أن التسعير الالزامي لايضبط الأسواق إنما وفرة السلع هي التي تضبطها والقائمون على اقتصاد السوق الاجتماعي لم يواكبوا التطور الاقتصادي بدعم الطبقات المتضررة ويرجع سبب كل ذلك إلى الفساد .
وتعتقد المهندسة ليزا عاصي ان البداية للمعالجة تبدأ من الاعتراف بأننا خلال أربع سنوات لم نشهد أزمة إنما معركة بكل ماتعنيه الكلمة أضعفت امكانيات الدولة الاقتصادية لكن المشكلة الأكبر في تجار الأزمات والحروب ومقتنصي الفرص وتضافرت كل هذه العوامل بفعل الفساد الموجود داخل الوزارة وفي الشارع .
ورأت ان مؤسسات التدخل الايجابي لم تقم بدورها المطلوب وأصبحت منافذ للقطاع الخاص وأسعارها أعلى من السوق وأن شركات الصرافة لم تؤد الغرض منها ويجب أن يكون الصرف محصوراً بالدولة .
ويرى الباحث الاقتصادي د. سعيد حلبي أن الأزمة منظومة متكاملة لها بعد اقتصادي وسياسي وايديولوجي وثقافي وفكري ولايمكن أن تجزأ الى عناصر دون غيرها والجانب الاقتصادي لايمكن معالجته في ورشة ليوم أو يومين وهناك مراكز بحوث ودراسات أكاديمية تتابع كل محور فيها .
وأكد رجل الأعمال د. بهاء الدين حسن أن مواضيع الورشة لها أهمية كبيرة من خلال وضع رؤى وحلول ومداخلات وانتقادات ولكن هذا لايكفي الناس تنتظر انفراجا اقتصاديا وعملا ملموسا يلامس همومها ويراعي واقعها المعيشي ويراعي قدرتها الشرائية .
وطالبت سيدة الأعمال مروة الأيتوني بدعم الصناعة الوطنية وتعويض المتضررين من خلال قروض مناسبة والتشاركية واتخاذ التدابير الملائمة للبدء بالصناعات الصغيرة التي تشكل 90% من اقتصاديات الدول المتطورة والتي تشغل اليد العاملة الكثيفة و لها قيمة مضافة
وأكد حسين حسون رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب أن هناك مئة توصية قدمت للحكومة في المجال الاقتصادي وأهمها تشكيل مجلس أعلى لرسم السياسة الاقتصادية واستمرار تقديم الدعم الاجتماعي والغاء دور مكاتب الصرافة وإناطة ذلك بالمصارف العامة إضافة لدعم الانتاج الزراعي والصناعي وتسويق الفائض وتأمين أسواق خارجية .
وعبر رئيس غرفة تجارة دمشق غسان قلاع عن استغرابه من تشويه صورة التاجر الذي صمد ووقف إلى جانب وطنه قائلا :التاجر أصبح دريئة للمشاكل التي يعاني منها المواطن السوري لاسيما ارتفاع سعر الصرف وهذا غير صحيح وتساءل من الذي استبدل الليرات السورية بالعملة الأجنبية وكيف تمكن من لديهم كتلة مالية ضخمة من تحويلها وقد تركت لهم فرص كثيرة كبيع عشرة آلاف دولار للمواطن بينما الطريق النظامي هو المصرف التجاري السوري وهو أولى من شركات الصرافة بتزويدها بالقطع الأجنبي.
وحذر قلاع من الوضع المعيشي الصعب لأن الأغنياء ازدادوا غنا وقل عددهم والفقراء ازدادوا فقرا وكثر عددهم والسلع بكل أنواعها لم تنقطع عن السوق ولم يحدث نقص بأي مادة لكن هل نقول إن الأسعار ارتفعت ..يجيب بالطبع ارتفعت نتيجة التضخم الاقتصادي مما انعكس سلبا على المواطن وهو يحتاج أيضا للمحروقات في التدفئة والاستحمام ولابد من سعر معقول لها يتناسب مع متوسط دخله.
معاون وزير الاقتصاد د. حيان سلمان قال إن الحديث في الاقتصاد ليس شعبوي ونحن نطرح رؤى كباحثين اقتصاديين ونتسائل هل يستطيع كبار الاقتصاديين في العالم أن يحل المشكلات الاقتصادية الناجمة عن الحرب التي أدت لتراجع الانتاج في كل المجالات الانتاجية الزراعية والصناعية وغيرها وبشكل ممنهج ..وكيف نحمل الدولة أعباء فوق طاقتها ومن هي الدولة ..وهذه مسؤولية الجميع لأن الأزمة الاستثنائية تحتاج لخلق حلول استثنائية لايمكن لطرف لوحده النجاح فيها .