خلال الاجتماع التقييمي لمؤسسة الاسمنت الذي عقد مؤخراً وجه وزير الصناعة كمال طعمة إدارة المؤسسة تشكيل لجنتين الاولى لدراسة وضع العمالة والثانية للتدقيق في حالات الفساد الموجود في شركة اسمنت طرطوس إلا أنه تبين تشكيل لجنة سابقة من قبل الوزارة ولنفس الاغراض وذلك بقصد متابعة عمليات الفساد وحالات الخلل التي ظهرت في الشركة العامة لإسمنت طرطوس خلال السنوات السابقة وانعكاسها السلبي على مجريات العملية الإنتاجية والتسويقية وحتى الربحية للشركة نتيجة الخلل الموجود وفي مقدمته الأداء الإداري والهدر في الإنفاق المالي والتراجع الذي سجل لكميات الإنتاج خلال العام 2012-2013 وحتى الشهر الثامن من العام الماضي بدليل أن كمية الإنتاج الإجمالية خلال العام 2009 بلغت بحدود 1.356 مليون طن وفي العام 2010 بلغت الكميات الإنتاجية بنحو 1.378 مليون طن وفي العام 2011 بلغت أيضاً كمية الإنتاج نحو 1.3 مليون طن وهذه الكمية فقط للأشهر الستة الأولى من العام المذكور.
أما في العام 2012 فقد تراجع مستوى الإنتاج إلى ما دون 1.57 مليون طن وفي العام 2013 انخفض إلى مستوى 812 ألف طن وبلغت كميته حتى نهاية 31/8 من العام الماضي بحدود 594 ألف طن.
ومن خلال المقارنة بين الأعوام المذكورة نجد الخلل الواضح في العملية الإنتاجية نتيجة تردي الواقع الإداري وحالات الفساد والهدر في الشركة.
الأمر الذي استدعى من وزارة الصناعة تشكيل لجنة بموجب قرار وزير الصناعة رقم 1033 تاريخ 19/5/2014 مهمتها التدقيق في عدد العمال والمشتريات ومخازين المواد وذلك قبل فترة استلام المدير الحالي وبعدها في شركة اسمنت طرطوس وذلك برئاسة مدير الإنتاج في الوزارة عصام السكاف وعضوية مدير التخطيط بمؤسسة الاسمنت طه السيوف والمدير الإداري في المؤسسة المذكورة محمد ناصر بغدادي.
العمالة في الشركة
من خلال تدقيق اللجنة المذكورة في وضع العمالة لدى الشركة فقد تبين أن الملاك العددي للشركة 1950 عاملاً من كل الفئات ونظراً لعدم تلبية عدد الوظائف الواردة في الملاك العددي المذكور حاجة الشركة أعدت مشروع تعديل الملاك لزيادة الوظائف لسقف 2200 وظيفة إلا أن الأمر رفض بسبب توجيهات رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص أما العاملون الدائمون لدى الشركة فعددهم 1850 عاملاً بمن فيهم العمال المنقولون إليها وعدد العمالة المريضة نتيجة ظروف العمل القاسية فقد تجاوز عددهم سقف 800 عامل بحكم العاطلين عن العمل لتنوع أمراضهم وعدم قدرتهم على العمل الإنتاجي.
لهذه الأسباب اضطرت الشركة إلى تشغيل العمال بالفاتورة منذ أكثر من خمس سنوات والبالغ عددهم909 عمال وتم تعيينهم من قبل الإدارات السابقة للشركة موزعين على النحو التالي: 755 عاملاً عادياً على خطوط الإنتاج و60 عامل لحام و5 عمال مفجر سيلو و4 عمال ضواغط و 85 حارساً وبالتالي أصبح عددهم حتى تاريخ 1/6/2014 /933/ عاملاً وبأجور شهرية قدرت قيمتها بنحو 11 مليون ليرة.
وتؤكد اللجنة أن قيام الشركة بتعيين عمال الفاتورة بأعداد كبيرة تزيد على الملاك العددي الحالي بشكل ملحوظ يشكل محالفة قانونية كما يؤدي إلى زيادة في الأعباء المالية والتكاليف على وحدة المنتج ما ينعكس سلباً على أرباحها.
زيادة في المشتريات
من خلال مراجعة اللجنة لمديرية الحسابات في الشركة تبين أن قيمة مشتريات القطع التبديلية خلال العام 2013 عن طريق لجان الشراء المباشر تجاوزت سقف 282 مليون ليرة وقيمة مشترياتها خلال الأشهر (آذار-نيسان-أيار) للعام 2014 /110/ ملايين ليرة وهي تشكل نسبة 67% من أصل قيمتها في العام 2013.
وبيّن تقرير اللجنة أيضاً انه لدى الحصول على العقود المبرمة لشراء القطع التبديلية من المديرية التجارية بلغت قيمة القطع المشتراة بموجب عقود خلال العام 2013 بحدود 343 مليون ليرة في حين بلغت قيمتها خلال الأشهر (آذار – نيسان- أيار) من العام الماضي بحدود 189 مليوناً وتشكل نسبة 55% من أصل قيمة المشتريات لعام 2013 وبذلك تكون قيمة الفارق بحدود 153 مليون ليرة أما فيما يتعلق بمشتريات الزيوت والشحوم فقد أقرت اللجنة أن قيمتها خلال الأشهر (آذار – نيسان- أيار) للعام 2014 بلغت بحدود 93 مليون ليرة وتشكل نسبة 81% مقارنة مع قيمة الزيوت والشحوم عن كامل عام 2013 والبالغة 114 مليون ليرة.
ومن خلال المقارنة بين قيود مديرية الحسابات والمديرية المالية بشأن شراء القطع التبديلية لوحظ أن قيمة القطع المشتراة خلال (آذار ونيسان و أيار) العام الماضي من خلال قيود مديرية الحسابات مضافاً إليها قيمة العقود بلغت 299 مليون ليرة بينما القيود لدى المديرية المالية عن الفترة نفسها للقطع التبديلية بلغت قيمتها بحدود 284 مليون ليرة أي بفارق مقداره 15.6 مليون ليرة وقيمة القطع التبديلية خلال عام 2013 (شراء مباشر) وفق قيود مديرية الحسابات /163/ مليون ليرة في حين سجلت قيمتها في قيود المديرية المالية بحدود 283 مليون ليرة بفارق بلغت قيمته 119 مليون ليرة.
ويعود سبب الفارق في رأي اللجنة بين قيود المالية والحسابات إلى قيام مديرية الحسابات بإدراج قيمة القطع التي لها علاقة بالعملية الإنتاجية بشكل مباشر للمخزنين الرئيسيين للشركة أما المديرية المالية فهي تقوم بتسجيل كل النفقات الخاصة بالقطع التبديلية التي لها علاقة بالعملية الإنتاجية وغيرها من مراكز الخدمات الإنتاجية.
كما لوحظ ارتفاع نسبة الشراء المباشر إضافة إلى العقود المبرمة خلال الأشهر (آذار- نيسان- أيار) من العام الماضي مقارنة مع كامل عام 2013 بحيث تشكل نسبها 59%.
مع العلم أن هناك نفقات مصروفة على الشاليه المخصص لمدير عام الشركة خلال الفترة المذكورة سابقاً قدرت قيمتها بحوالي 1.7 مليون ليرة مع الإشارة إلى أن الأثاث الذي تم شراؤه غير مدرج في خطة النفقة الاستثمارية للعام الماضي.
مع الإشارة أيضاً إلى أن موافقة المدير العام للفترة ذاتها على شراء القطع جاءت مخالفة للقوانين والأنظمة المالية بسبب تضمنها عبارة (على أن يعاد النظر بالأسعار لاحقاً).
وللمستودعات حكاية أخرى
أيضاً من مهمة اللجنة التدقيق على مستودعات ومخازن القطع التبديلية حيث تبين من خلال تدقيق اللجنة أن قيمة القطع التبديلية حتى شهر آذار العام الماضي لمخزني (المركزي الرئيس والأجر) إذ يشكل هذان المخزنان أهم وأكبر مخازن القطع التبديلية في الشركة حيث بلغ رصيد المخزنين حتى آذار العام الماضي بحدود 1.67 مليار ليرة في حين كان الرصيد في المخزنين المذكورين بتاريخ 31/12/2013 بحدود مليار وستة ملايين ليرة أي بزيادة مقدارها 61 مليون ليرة خلال ثلاثة أشهر.
خلاصة ما سبق
وفي نهاية أعمال اللجنة فقد تبين وجود مخالفة صريحة وواضحة لها في تعيين العمال المياومين بأعداد كبيرة تفوق حاجة الشركة خاصة في وضعها الحالي وتزيد على الملاك العددي بشكل ملحوظ، إضافة إلى وجود ارتفاع بقيمة المشتريات للقطع التبديلية والزيوت والشحوم خلال فترة وجود المدير العام للفترة ذاتها مقارنة مع قيمة كامل مشتريات العام 2013.
والأهم فيما توصلت إليه اللجنة شراء بعض القطع التبديلية من خلال العينات المأخوذة بأسعار مرتفعة جداً مقارنة مع الأسعار السابقة وهي قطع راكدة من عدة أعوام.
وبناء عليه فقد أحال وزير الصناعة تقرير اللجنة المذكور مرفقاً بالوثائق المطلوبة إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لإجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ القرارات المناسبة بشأن المخالفات المذكورة.