شكك أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور هيثم عيسى بالأرقام التي تعلنها مصادر معينة سواء داخلية أم خارجية والتي تتعلق بمعدلات اقتصادية كالنمو والتضخم والبطالة.
وأوضح "عيسى" بحسب صحيفة "الوطن" أنه وبشكل موضوعي كي تتمكن من قياس الإنتاج والعمال والمعدلات الأخرى يجب أن تكون موجوداً على أرض الواقع، وهو أمر غير متاح حالياً في المناطق كافة، ولدينا مثال في ذلك بعدم امتلاكنا لأرقام دقيقة لكميات القمح التي تنتج في المنطقة الشرقية خلال سنوات الأزمة.
مشيراً إلى وجود أفق واعد بتحسن معدلات الإنتاج والنمو وتراجع معدلات التضخم والبطالة بشكل تدريجي وبطيء خلال العام الحالي، معيداً هذه الرؤية إلى أسباب عدة، منها وجود عاملين رئيسين لتحسن الإنتاج الزراعي، فأولاً لدينا تحسن الوضع الأمني في العديد من المناطق ثم عودتها للإنتاج الزراعي، على حين شهدنا خلال سنوات الأزمة انحسار الإنتاج الزراعي في منطقة الساحل وبعض أرياف المنطقة الوسطى والجنوبية، وثانياً إن الإنتاج الزراعي لدينا يعتمد بشكل رئيسي على العوامل المناخية الطبيعية وبشكل خاص الأمطار، وخلال آخر خمس سنوات كانت معدلات الهطل المطري منخفضة بشكل كبير، على حين كان الموسم الشتوي الحالي جيداً من حيث معدلات الهطل المطري ومعدلات توزع الهطل على الأيام وهو عامل مهم جداً للمزارع وله تأثير كبير في كمية ونوعية الإنتاج، ولذلك فإن هذه العوامل تشير إلى تحسن الإنتاج الزراعي ثم الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف عيسى: إن العامل الصناعي سيشهد تحسناً حيث عادت العديد من المناطق الصناعية كالمدينة الصناعية في حلب ومناطق حوش بلاش ومزرعة فضلون الصناعية من صفر إنتاج إلى بدء دوران عجلة الإنتاج فيها، لافتاً إلى أن القطاع الحرفي أيضاً بدأ بالتعافي بعد تعرضه لتهجير الكثير من أصحاب الورش وهي الآن بدأت بالعودة إلى مناطق عملها التي أصبحن أمنة، ومن ثم فالإنتاج الصناعي والحرفي بدأا بالتعافي بمؤشرات إيجابية.
وأشار عيسى إلى أننا كنا في أول ثلاث سنوات من الأزمة نستورد السلع والمواد الأساسي المصنعة في الخارج على حين في العام الماضي بدأنا في استيراد مستلزمات الإنتاج وبنسب جيدة، وهذا عامل يشير إلى أننا سندخل في مراحل إنتاج ما نستورده ثم البدء بالاستعاضة عن الاستيراد بالإنتاج المحلي ثم البدء بالتصدير وهو من أهم عوامل دعم الاقتصاد الوطني.
وفيما يتعلق بالأرقام التي تتحدث عن نسب البطالة المرتفعة فيرى الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ«الوطن» أن السبب الأساسي لزيادة نسبة البطالة هو تدني الإنتاج، فالبطالة والإنتاج يعملان بشكل عكسي فازدياد الإنتاج يقلل من البطالة وبالعكس، إضافة للعوامل الأخرى المتعلقة بالهجرة والسياسيات الحكومية، ولذلك فإن عودة عجلة الإنتاج للتحرك ولو بشكل بطيء سيساهم في تراجع معدلات البطالة ببطء أيضاً، لافتاً إلى نقطة مهمة فليس كل العاطلين من العمل حالياً كانوا موظفين في القطاع العام أو الخاص سابقاً فمنهم من يندرج تحت تسمية العمل للحساب الشخصي، وهؤلاء ليس بالضرورة أن يتأثروا بشكل فوري بتحسن الإنتاج في القطاع العام والخاص، ولذلك يكون تراجع معدل البطالة بطيئاً ولكنه يبدأ بالتسارع كلما امتدت التوسع الأمني ليشمل مناطق إضافية.
أما من ناحية معدلات ارتفاع الأسعار فيعيدها عيسى إلى عوامل أربعة رئيسية إضافة لعوامل أخرى لاحقة، موضحاً أن السبب الأول هو عدم وجود السلعة ثم ضعف الإنتاج المحلي كان نقطة الانطلاق الأولى لارتفاع الأسعار، يضاف إليها العامل الثاني المرتبط بصعوبات الاستيراد وهنا نذكر بما حدث عندما قرر وزراء خارجية الدول العربية في الشهر 11 من العام 2011 بحظر الاستيراد والتصدير من سورية واستخدام المطارات والموانئ السورية وهذا الإجراء كان المقصود منه ضرب الإنتاج المحلي وخنق الاقتصاد السوري وعدم إمكانية الاستيراد من الخارج بسبب العقوبات الاقتصادية التي بدأت عربياً ثم من دول أوروبا.
مبيناً أن العامل الثالث كان سعر الصرف فما دام الإنتاج المحلي قد توقف في مرحلة معينة وتوجهنا للاستيراد، وهنا يبدأ العامل الرابع المتعلق بالاحتكار فأصبح من يستورد فلديه ميزة احتكارية في السوق حيث يرفع سعر السلعة ليحقق أكبر نسبة من الربح، مؤكداً أن الاتجاه للتحسن بالإنتاج بشكل تدريجي سيساهم في خفض معدلات الأسعار، إضافة إلى عامل مهم يرتبط بفك الحصار والعقوبات الذي بدأ ولو بشكل سري من خلال زيارات الوفود الخارجية، وهي في مرحلة التهيئة لرفع العقوبات وإعادة العلاقات السياسية والاقتصادية.