قدَّر الاتحاد العام لنقابات العمال قيمة التهرب الضريبي السنوي بأكثر من 200 مليار ليرة وهو ما يعادل بالمتوسط الحسابي حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي في سنوات ما قبل الأزمة وتتمثل منطقية هذا الرقم بأنه يمكن التوصل إليه من خلال الفرق بين ما يجب على القطاع الخاص تسديده من ضرائب «نظرياً» وبين ما هو مسدد فعلاً.
وبالمقارنة كذلك بين الناتج الإجمالي لكلا القطاعين العام والخاص ومقارنتها مع المبالغ التي يسددها كل منهما إلى خزينة الدولة.
ويضيف الاتحاد العام لنقابات العمال أنه على الرغم من أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 64.9% خلال العام 2008 إلا أن الضرائب المباشرة التي سددها هذا القطاع إلى الخزينة العامة للدولة لم تتجاوز في العام نفسه نسبة 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي بينما سدد القطاع العام ما نسبته 4.1% على الرغم من أن نسبة مساهمته بالناتج في العام نفسه كانت أقل من 35% وبالعموم فإن الأرقام تشير خلال السنوات الماضية إلى أن نسبة المساهمة للقطاع الخاص في الحصيلة الضريبية لا تزيد على 34 مليار ليرة من أصل 364 مليار ليرة خلال العام 2008 على سبيل المثال لا الحصر، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على ارتفاع معدل التهرب الضريبي الذي يعدّ من أهم التحديات التي تواجه إيرادات الخزينة العامة للدولة في سورية.
ويؤكد الاتحاد أن دائرة التهرب الضريبي قد اتسعت خلال سنوات الأزمة وتضاعفت أرقامه بسبب كثرة المستغلين وانشغال الدولة في مكافحة الإرهاب والجماعات التكفيرية التي سعت لتدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية للمجتمع السوري.
وما ينطبق على التهرب الضريبي ينطبق على التهرب الجمركي الذي زادت قيمته خلال سنوات الأزمة وتضاعفت أرقامه بشكل واضح، وإن ظهور بعض الأرقام والمؤشرات مؤخراً لا يعبر عن حجم التهرب الجمركي الحقيقي نتيجة عدم الدقة في تأمينها بسبب الأوضاع الراهنة، إذ أكد مصدر خاص في الاتحاد العام لنقابات العمال أن التهرب الجمركي معضلة حقيقية يعاني منها الاقتصاد السوري وأن هناك مئات المليارات سنوياً تخسرها خزينة الدولة وذلك بالتآمر مع ضعاف النفوس من التجار والمستوردين ومن يعاونهم في بعض المفاصل الجمركية وغيرها.
ويؤكد المصدر بحسب صحيفة "تشرين" وفق البيانات المتوافرة لديه أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن حجم التهرب الجمركي السنوي الذي يتقاسمه المستوردون والمخلصون الجمركيون والمنتفعون من جهاز الجمارك تزيد قيمته على 100 مليار ليرة.
إذ تم تقدير المبلغ المذكور من خلال حساب ما يتوجب دفعه من رسوم حسب التعرفة الجمركية على إجمالي قيمة المستوردات وما تم تحصيله فعلاً من الرسوم الجمركية، نذكر على سبيل المثال قيمة المستوردات في العام 2009 بلغت قيمتها نحو 714 مليار ليرة ولم تتعدَ قيمة الرسوم الجمركية المدفوعة سوى 49 مليار ليرة بينما قدرت نسبة الرسوم الجمركية المتوجب دفعها بالمتوسط وبحساب إدارة الجمارك العامة 13% أي إن مبلغ التحصيل الجمركي يجب أن يصل «نظرياً» وبحسب ما هو مصرح به من قيم على الفواتير، وهي بالتأكيد أقل من الواقع بـ 100 مليار ليرة وهذا ما يظهر تهرباً جمركياً قيمته 51 مليار ليرة وإذا أضفنا إلى هذا المبلغ ما يعادله تقريباً نتيجة التلاعب بقيم الفواتير وتخفيضها بالمتوسط إلى النصف فيصبح مبلغ التهرب الجمركي حوالي 102 مليار ليرة.
مع العلم بأن الأرقام المذكورة كانت تحسب على أساس سعر صرف الدولار بمستوى 50 ليرة، أما حسابات اليوم وسعر الصرف فقد تجاوز سقف 220 ليرة فإننا نجد وبحسب رأي المصدر أن مستوى المستوردات زادت قيمتها على 1500 مليار ليرة مع الأخذ بالحسبان سعر الصرف الحالي لليرة أمام العملات الأجنبية فإننا نجد قيمة التهرب الجمركي تتجاوز قيمته سقف 300 مليار ليرة وهذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً لواردات الخزينة العامة للدولة حيث تذهب تلك المبالغ إلى قلة من التجار والمخلصين الجمركيين ومن يعاونهم من المفاصل الجمركية، الأمر الذي يحتاج برأي المصدر إلى معالجة فورية لإعادة الأموال إلى الخزينة وإجراءات جادة لضبط عملية تحصيل الرسوم الجمركية التي من شأنها توفير السيولة المالية لها في ظل شح الموارد ولاسيما في ظل الأزمة الحالية التي تعيشها سورية منذ أكثر من أربع سنوات فقدت فيها الكثير من مصادر دخل الخزينة والتي تقدر قيمتها بمئات المليارات سنوياً.