بمنهجية ونقاش علمي أكاديمي فنّد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور همام الجزائري غالبية النقاط التي وردت في التقرير الاخير الصادر عن المركز السوري لبحوث السياسات بالنظر الى ان التقرير تضمن العديد من النقاط غير الدقيقة، كما تضمن نتائج عدة تم الوصول اليها من خلال البناء والتاسيس على منهجية لا تتوافق مع المعطيات القائمة بالنسبة للاقتصاد السوري، ومعدلات نموه وانتاجه والناتج المحلي الاجمالي.
الحوار الذي باشره وزير الاقتصاد مع معدي التقرير يمكن اعتباره بداية مرحلة جديدة في التعاون بين صناع القرار ومراكز البحث والباحثين على مختلف مستوياتهم وعدم اغفال مسؤول اقتصادي اي تفصيل مهما كان هامشيا، بالنظر الى خصوصية المرحلة وحساسية كل خبر غير دقيق او نتيجة غير متينة يتم التوصل اليها نظراً لآثارها السلبية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان النقاش حمل معه الكثير من الجديد ولا سيما من حيث التمكين العلمي، حيث فند الوزير الكثير من المغالطات التي وردت وباسلوب علمي لم يتمكن معه معدو التقرير من الرفض، بل كان القبول هو العنوان، وتنوع المراتب العلمية هو الفيصل في مدى السيطرة على النقاش.
حديث الوزير اجمالا تضمن تحليل نقاط عدة وردت في التقرير وهو تحليل مبني على الحقائق والوقائع وما تم انجازه خلال الفترة الماضية، ان كان بالنسبة لتحفيز الانتاج المحلي السوري، او لجهة اعادة تدوير الدعم المقدم الى المواطنين ولا سيما الدعم الذي كان مخصصا للمشتقات النفطية، اضافة الى تمكين بعض الصناعات الغذائية كصناعات الالبان والاجبان.
اما المفاجاة التي حملها حديث الوزير لمعدي التقرير فكانت الفائض الموجود لدى الحكومة من القطن وبكميات كبيرة مع التاكيد على ان هذه الكميات قد حلجت وغزلت بل ان امكانية التصدير منها متاحة ولكنه قرار لم يتخذ لتمكين الصناعات النسيجية السورية اكثر.
وزير الاقتصاد أوضح ان التقرير وتحديدا بالنسبة لعام 2014 قد اغفل الكثير من المعطيات التي كان يمكن ان تشكل تغييرا مهما في النتيجة فيما لو اعتمدت، حيث ان القياس ما بين 2014 و 2010 فيه الكثير من الغبن وعدم الدقة بالنسبة للاقتصاد السوري، في حين ان مقارنة عام 2014 بعام 2013 فيه اظهار للحقيقة، كون ذروة الازمة كانت بين منتصف 2012 ومنتصف 2013، ولكن الاقتصاد بدا يسجل نموا ويتطور بدءا من النصف الثاني من 2013، بعد ان تحسنت كثيرا خطوط التواصل والنقل والانتقال وحالة الطرقات العامة بين دمشق والساحل السوري مرورا بحمص، ودمشق اتجاه السويداء، كما بدات القدرة الذاتية للاقتصاد تتعزز، معتبرا ان هذا التعزيز هو الهدف الاول للحكومة وبطبيعة الحال وزارة الاقتصاد بمعنى العمل على ان يتحسن الاقتصاد الوطني بشكل يومي.
كما اكد الجزائري ان النتائج التي توصل اليها معدو التقرير حملت بعض الانحياز بسبب الربع الاخير من عام 2014 اما في حال عزل هذا الربع وقياس بقية المعطيات فسوف تختلف المؤشرات، اما اليوم فان المشهد الاقتصادي مختلف تمام الاختلاف، والمؤشر الذي ارتكزت عليه وزارة الاقتصاد في تحديد معدل النمو هو المستوردات السورية ومكونات هذه المستوردات، مؤكدا ان عام 2014 انقضى بنسبة تتراوح بين 60 الى 65% من مستورداته على شكل مستلزمات انتاج، وهو رقم وسطي بالنسبة للعام كله، في حين ان النسبة العظمى من مستوردات سورية عام 2013 كانت سلع نهائية جاهزة للاستهلاك.
وأشار الجزائري إلى ان مناطق عدة في ريف دمشق مثل يبرود ومزرعة فضلون والسبينة الكبرى والصغرى وريما، وفي حلب مثل الشيخ نجار التي عاد فيها الى العمل 306 معامل اضافة الى العرقوب والراموسة وكلها قد عادت الى الانتاج، معتبرا ان عودتها الى العمل الان هي نتاج لتحولات اقتصادية برزت وتمت في عام 2014، مؤكدا في الوقت نفسه اثرها الايجابي على الاقتصاد الوطني.
وزير الاقتصاد لفت إلى ان دعم الانتاج مسالة حتمية، بالتوازي مع تطوير السياسات الاقتصادية والياتها والتي اعتبرها ايضا مسالة حتمية لتطوير الانتاج في سورية، مع تعزيز امكانيات التصدير لمجمل هذا الانتاج، مشيرا الى ان اعتماد الانتاج كمؤشر لنمو الاقتصاد السوري يوضح وببساطة ان انتاج عام 2013 من المحاصيل الاستراتيجية كان اكبر من عام 2014، ولكن المهم بالنسبة لوزارة الاقتصاد كمقياس ليس الانتاج في مكانه بل المسوق منه، وبالرغم من ان الانتاج في 2014 كان اقل الا ان تسويقه كان افضل بمراحل، ما يعني فارق بين السلب والايجاب.
معدّو التقرير اكدوا ان ما ورد فيه هو عبارة عن فهمهم للواقع الحالي ومناقشتهم لما توصلوا اليه من معطيات بناء على بحثهم مع الاخذ بعين الاعتبار ان اسقاط المعطيات على الواقع كان حسب القطاعات وصولا الى النتائج التي توصل اليها، معترفين في الوقت نفسه انهم اعتمدوا في النتائج التي توصلوا اليها على اراء بعض الخبراء ولم يجروا مسحاً شاملاً اضافة الى اعتماد اراء بعض الاشخاص الموجودين في مناطق بعينها دون الاعتماد على اراء تخصصية، بالتوازي مع الاعتماد وبشكل رئيسي على التصريحات الاعلامية والصحفية التي نسبت الى الرسميين عبر وسائل الاعلام دون ان يصار الى تاكيد المعلومة او الرقم او تثبيتهما من قبل من نسبا اليه.
كما تحدثوا عن الرغبة القائمة لدى الباحثين ومراكز البحث لفتح حوار سياساتي مع المعنيين في الوزارات المعنية وذات الصلة بالشان الاقتصادي لتوصيف الواقع الحالي ليكون بداية مرحلة من الحوار الموضوعي بين صناع القرار والمراكز البحثية.