يبدو أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة لم يؤثر فقط في المواد الغذائية والحياتية للمواطن بل كان لمواد البناء نصيب من هذا التأثير الذي شهدته السوق السورية، ولعل الارتفاع الجنوني لمستلزمات البناء في الفترة الأخيرة ساهم في ازدياد أسعار العقارات بشكل كبير رغم الطلب المتزايد عليها.
فقد شهدت محافظة السويداء في السنوات الأخيرة نهضة عمرانية واسعة، وعلى الرغم من وجودها، إلا أن سوق العقارات شهد ارتفاعاً متزايداً في الأسعار يرافقه بالتوازي ارتفاع مستمر لأسعار المواد الأولية للبناء من (حديد- اسمنت- بلوك- بحص...) ما جعل مسألة الحديث عن تأمين عقارات سكنية بأسعار تناسب القدرة الشرائية للمواطن أمراً أشبه بالمستحيل في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار... ويعد غياب مؤسسات متخصصة في التخمين العقاري واحداً من أهم عوامل الغلاء، إضافة إلى زيادة أسعار مواد البناء، فمثلاً طن الإسمنت الذي زادت أسعاره عدة أضعاف في عام واحد وكذلك الحديد إضافة إلى غياب المخططات التنظيمية لتلبية الطلب المتنامي على السكن، وعدم تغطية القروض العقارية لحاجات الباحثين عنه (السكن) ، كل ذلك أدى إلى تحوُّل سوق العقارات إلى نار كاوية تحرق المواطن العادي من ذوي الدخل المحدود.
وأشار محمد صعب- نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة السويداء وهو أحد أعضاء نقابة مقاولي المحافظة إلى أن الارتفاع الحاصل على مواد البناء جاء بشكل كبير ومتسارع ولاسيما بين الأعوام (2012- 2013) وحتى العام الجاري 2015 حيث سجل طن الحديد المبروم 145 ألف ليرة كمعدل وسطي بعد أن كان في السنوات السابقة 55 ألف ليرة ، كما ارتفع سعر طن الإسمنت من 12 ألف ليرة إلى 20 ألفاً مقارنة مع عام 2012، وارتفع سعر المتر المكعب لمادة الرمل والبحص 4000 آلاف ليرة كمعدل وسطي بينما كان في الأعوام المنصرمة بـ 700 ليرة، وأن (البلوكة) التي كانت في العام الماضي بـ25 ليرة أصبحت الآن بـ 50 ليرة حيث ارتفعت أضعافاً مضاعفةً من دون أجرة التركيب، مؤكداً - صعب - أن ارتفاع الأسعار سببه انعدام الطلب على مواد البناء وارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى ارتفاع أجور نقلها.
وبالنسبة لأسعار العقارات فهي أيضاً تشارك في سباق الماراثون لارتفاع أسعارها الخرافي إذ إن محافظة السويداء تتميز بحركة نشطة نسبياً بالنسبة لعملية البيع والشراء والحركة العمرانية بسبب الاستقرار والأمان الموجود في المحافظة، إضافة إلى وفود أعداد كبيرة من خارج المحافظة والاستقرار الدائم فيها، فقد وصل سعر المتر المربع الواحد للشقق السكنية بين 45- 50 ألف ليرة بينما كان سعر المتر المربع بـ 15 ألف ليرة للشقق التي على الهيكل وترتفع هذه الأسعار تباعاً حسب المنطقة ففي حي يدعى طريق قنوات في محافظة السويداء وصل سعر المتر الواحد لشقة تبلغ مساحتها (120) متراً مربعاً ذات كساء خارجي فقط 6 ملايين ليرة بينما كانت في العام الماضي بـ مليون وثلاثمئة ألف ليرة، أما على طريق المشفى فقد وصل سعر شقة بالمساحة نفسها مكسية بين (10- 12) مليون ليرة.
أما فيما يخص أسعار الأراضي فحدث ولا حرج إذ وصل سعر الدونم بين مليون واحد لـ 2 مليون ليرة على أطراف مدينة السويداء، أما في مناطق أخرى مثل منطقة ظهر الجبل فقد وصل سعر الدونم الواحد ولاسيما في المناطق السياحية أو المأهولة إلى (7) ملايين ليرة وهو سعر خيالي طبعاً ولكن عملية البيع والشراء تتم بحسب العرض والطلب رغم الخلل الكبير بين عملية العرض التي تفوق بكثير عملية الطلب.
خلاصة القول: والكلام لـ صعب بحسب ما نشرته صحيفة "تشرين" المحلية: إن مشروعات القطاع العام أصبحت مشروعات متوقفة بسبب الغلاء وفروقات الأسعار التي لا تغطي تكاليف البناء، بينما مشروعات القطاع الخاص تعمل على أكمل وجه ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات وبالمقابل ارتفاع أسعار الشقق الأمر الذي أدى إلى مضاعفة تكلفة البناء في المدينة والريف على السواء.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الارتفاع غير المبرر ولاسيما أن هناك مئات الشقق السكنية المشيدة منذ عشرات السنوات وليست وليدة الأزمة وقد (حفي) أصحابها وهم يبحثون عن مستأجر أو شارٍ... فكيف أصبحت تلك العقارات بقدرة قادر تفوق تكلفتها ملايين الليرات أم القضية هي أزمة أخلاق وابتزاز من تجار الأزمات؟ سؤال برسم المعنيين عن إيجاد مأوى للمواطن!!