صعوبات عدة باتت تعترض الصناعات الدوائية في سورية بسبب انعكاسات الأزمة عليها مما افرز نتائج عدة لا تتوقف عند ارتفاع أسعار المكونات الأولية الدوائية والتهريب، ناهيك عن نتائج مضاربة المضاربين والمتلاعبين على أسعار الصرف والتذبذب الحاصل فيها نتيجة لذلك وما يترتب عليها من فروقات في تسديد أثمان الصفقات التجارية وبالنتيجة عقبات جدية أمام هذا القطاع المهم والحيوي وبالأخص في الفترة الحالية.
المركزي: الحل بتطبيق نظام الفوترة على مبيعات الأدوية
مصرف سورية المركزي خاطب وزارة المالية عارضا جملة من الأفكار تأسيسا على مطالبات صناعيي الدواء أبرزها ارتفاع تكاليف إنتاج الدواء السوري، حيث أدى ارتفاع تكلفة الدواء بالليرة السورية إلى إلحاق خسائر بالعديد من المنتجين نتيجة ارتفاع سعر الصرف -لأسباب ذات صلة بالأزمة الراهنة- إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلية من كهرباء ومازوت ورواتب ونقل وتكاليف مصرفية بنسبة أكبر من ارتفاع سعر مبيعه، لا سيما أن حوالي 80% من عناصر إنتاج الدواء السوري هي بالقطع الأجنبي -تأسيساً ما أفادت به لجنة الصناعات الدوائية-.
كما اشار المركزي في كتابه الى وزارة المالية إلى أثر ارتفاع تكاليف الإنتاج على الصناعة الدوائية والتصدير غير النظامي للدواء حيث افرز ذلك عجزاً عن وضع خطط طويلة الآجل للإنتاج وضعف الاهتمام بالأصناف الدوائية ذات هوامش الربح الصغيرة والتي تتميز برخص أسعارها والتي تشكل 60% من الأصناف الدوائية مع العلم أن ارتفاع تكاليفها مع بقاء أسعارها منخفضة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض جودتها، ناهيك عن قيام بعض حلقات مبيع الدواء من موزعين وسواهم بتفضيل الزبون الخارجي على المواطن السوري وذلك كون الأول يدفع قيمة الدواء بالدولار خصوصاً مع التكلفة الأقل نسبيا لقيمة هذا الدواء بالدولار نتيجة التراجع النسبي لسعر صرف الليرة أي أن الحلقات الوسيطة من موزعين ومستودعات استفادت من الدعم الموجه إلى الصناعة الدوائية على حساب المنتجين الذين تحملوا تكاليف إنتاج مرتفعة والمستهلكين الذي تراجعت قدرتهم الشرائية نسبياً نتيجة الأزمة التي يعاني منها القطر.
مصرف سورية المركزي أشار في مخاطبته لوزارة المالية إلى قيامه بتمويل جميع مستوردات الأدوية البشرية ومستلزماتها المستوفية للشروط المطلوبة وبسعر تمييزي يقل بحوالي 10 إلى 15 ليرة سورية عن الأسعار السائدة في السوق وذلك حرصاً من المصرف المركزي على دعم صناعة الدواء عبر تخفيض تكلفة استيراده وبالتالي بيعه للمواطنين بأسعار مقبولة نسبياً.
المركزي اعتبر أيضا أنه من الضرورة إعادة النظر في ضوابط بيع الأدوية وتوزيعها من المعامل وصولاً إلى نقاط البيع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من المفيد هنا اعتماد نظام للفوترة بهدف ضبط هذه العملية، مقترحا في هذا السياق التنسيق المشترك مع الوزارات المعنية لتطبيق نظام الفوترة على مبيعات الأدوية، مع الإشارة إلى أن نجاح تجربة نظام الفوترة في قطاع الدواء ممكن أن يكون حجر زاوية في تعميمه على باقي القطاعات، إضافة إلى توجيه مديرية الجمارك العامة بمكافحة التهريب في هذا المجال.
اتحاد المصدرين: رفع السعر بما يتوافق مع تكاليف الإنتاج
محمد السواح رئيس اتحاد المصدرين قال في تصريح لـ "الثورة" : إن قطاع الصناعات الدوائية كان من القطاعات القوية ويحتل مركزاً مهماً في مجال الصادرات ويجب على كل المعنيين العمل على رفع السعر بما يتوافق مع التكاليف الكبيرة التي تتكبدها المعامل المصنعة للدواء ومصلحة المواطن الذي يقوم بشراء الدواء وإلا ستكون النتيجة فقدان الدواء من الأسواق لا سيما أن 30 - 40% من المعامل بدأت تتوقف عن العمل نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم قدرة المصنعين على الاستمرار بالعمل في ظل الظروف الراهنة من دون رفع السعر بالنظر إلى أن الأسعار المخفضة تؤدي إلى تنشيط التهريب إلى الدول المجاورة.
اللجنة: مقترحات لتطوير القدرات التصديرية وصولاً الى 200 مليون دولار
لجنة الصناعات الدوائية استعرضت انعكاسات الأزمة على الصناعات الدوائية، وبحسب اللجنة فإن حوالي 80% من عناصر الإنتاج مستوردة بالدولار، كما أن الارتفاع أصاب كل كلف الإنتاج المحلية كالكهرباء والمازوت إضافة إلى ارتفاع كلف توريد المواد الأولية إلى الضعف وارتفاع أجور شحن المنتجات المصنعة.
اللجنة اعتبرت أن هذه الصناعة خرجت من ديناميكيات وآليات السوق بسبب التبدل بأسعار الصرف وحرمان الصناعي من إمكانية التأقلم مع تغير أسعار الصرف عكس التاجر، داعية اللجنة الاقتصادية لمراجعة الأسعار كلما اختلف سعر الصرف أكثر من 10 إلى 15% ولفترة زمنية متواصلة لشهرين مثلاً، مؤكدة أن من تبعات هذه المعطيات على الصناعات الدوائية عدم الاهتمام بالأصناف ذات الهوامش الحدية والتي تتجاوز 60% من الأصناف في أغلب المؤسسات بحكم شهرة الصناعة الدوائية برخصها قبل الأزمة، مع التركيز على استهلاك مخزون المصانع من المواد الأولية وعدم تعويض الأصناف الخاسرة ضمانة للاستمرار وتفادي الاستنزاف.
اللجنة طالبت بالتركيز على التصدير للمحافظة على أسواق تستحوذ عليها منذ 10 أو 15 سنة ولاسيما أن أسعار التصدير كان يحددها المعمل حسب تلك الأسواق والمنافسين وبالدولار ولكن انخفاض سعر المبيع المحلي والاستمرار بالمبيع بالدولار للتصدير أظهر هامشاً كبيراً جعل بعض حلقات مبيع الدواء تفضل الزبون الخارجي على المواطن السوري.
اللجنة طرحت بعض الأفكار لحل كافة العقبات التي تعترض الصناعة الدوائية القابلة للتطوير والنابعة من عدم المس بآليات السوق والتي تقوم بالنسبة للأصناف الجديدة على تسعيرها حسب لائحة أسعار مصرف سورية المركزي، أما بالنسبة للأصناف القديمة فتقوم على إعطاء الصناعة الدوائية قطع أجنبي بسعر مدعوم، او أن ترفع الأسعار المحلية وبالتالي تعود الأسواق للاستقرار مع التاكيد ان هذا الرفع يضمن على المدى القصير توفر كل المنتجات للمواطن السوري، وعلى المدى الطويل إعادة بناء الصناعة الدوائية، مع المحافظة على أسواق التصدير ومضاعفة قيمة القطع الناتج عنها والمقدر بحوالي 200 مليون دولار، ما يؤدي حتما إلى استرجاع أسواق التصدير والعودة إلى تصدير يتجاوز 500 مليون دولار وذلك لوجود فرصة ذهبية في السوق حالياً بسبب غياب المنافسين وفتح الحدود.
اللجنة اعتبرت أن هذا الاقتراح يضمن حل مشكلة الصناعة الدوائية الداخلية وللتصدير على المدى القصير والمدى الطويل.
المصدر: صحيفة الثورة – B2B-SY