بوضوح و بشكل مباشر لا يقبل أي تفاصيل من تحت الطاولة : قال الدكتور همام جزائري وزير الاقتصاد و التجارة الخارجية لمستوردي الألبسة : أنّ الحكومة حسمت سياستها الاقتصادية التي تميل نحو حماية العملية الإنتاجية في شقيها الصناعي و الزراعي .. و بالتالي أي قرار اقتصادي يتخذ يجب أن يكون لمصلحة العملية الإنتاجية التي تعني بالمحصلة أموال مستثمرة داخل البلد و فرص عمل و تصدير و حماية لاقتصاد البلد و مصدر قوة له .
و هذا ما صعّب مهمة مستوردي الألبسة الجاهزة في محاورة الوزير الشاب و محاولة إقناعه بفوائد الاستمرار باستيراد الألبسة و أهميتها للاقتصاد الوطني .. محاولة قوبلت برفض أن تكون هناك أي منافسة للمستورد مع الصناعة المحلية التي تحتاج من 3 إلى 5 سنوات حتى تتعافى و تعود إلى ما كانت عليه قبل الأزمة .
فالوزير جزائري لم يقبل حديث أولئك الّذين يدّعون أنّه لا توجد مصانع تعمل و تنتج في محاولة لتسويق مبررات استيراد الألبسة المتوقفة حاليا و منذ أشهر .
المستوردون الّذين فردوا كل أوراقهم على طاولة الوزير همام جزائري خرجوا بنتيجة واحدة و هي وضع دراسة تتضمن ضوابط لاستيراد الألبسة بحيث إذا تم السماح بالاستيراد و معاودة منح إجازات الاستيراد فستكون على أساس عدم تشكيل أي ضغط على مصانع و ورشات الألبسة , لأنّ هناك قرار على مستوى الدولة بالعمل على تأمين ما يوفر استمرارية الصناعة المحلية و توفير كل ما يؤمن تطورها و توسعها ..
الوزير جزائري : طرح مجموعة من الأفكار شكلت كلها غصة في حلق المستوردين غير الراغبين كما يبدو بخسارة شيء حتى و لو كان كرمى للصناعة الوطنية ..
و لعل النقطة الأهم التي طرحها السيد الوزير هي رفع السعر الاسترشادي للألبسة المستوردة ليصبح 40 دولار للكيلو و بالتالي استيفاء الرسم الجمركي البالغ 30 % على هذا السعر و ليس على الأسعار السابقة التي كانت 2 أو 3 دولارات على الكيلو ؟
طبعا عرض الوزير قابله المستوردون بالرفض و اعتبروه بمثابة الانتحار ... و وصفوه بالأمر المستحيل و الصعب مع العلم أنّ نفس الاستحالة و الصعوبة موجودة حتى و لو كان السعر الاسترشادي 30 و حتى 20دولار للكيلو ..
علماً أنّ الوزير استمع لكل الطروحات و ذهب مع المستوردين إلى أبعد ما قاموا بطرحه خاصة لجهة تعظيم دورهم في الاستثمار و توفير فرص العمل و تأثرهم بسعر الصرف .. بل إنّ البعض طرح رغبته بتصنيع ما يعرضونه في محلاتهم و متاجرهم محليا و لكن المصانع السورية لا تلبيهم و لا تف بالغرض .. و غيرها من الطروحات التي تكسرت كلها عند إصرار السيد الوزير على فكرة أن هناك قرار حكومي بحماية الصناعة المحلية " التي هي ليست وهم و إنّما حقيقية مؤكدة " حتى و لو كان الأمر على حساب المستوردين فالمهم أن تربح الصناعة المعركة , حتى و لو تضرر البعض , فمصلحة البلد تكمن حاليا في تعظيم العملية الإنتاجية مهما كان الثمن ..
و بوضوح قال الوزير جزائري : أنّه لن يتم السماح للألبسة المستوردة التي تستهدف الطبقة الوسطى و ما دون بأن تنافس المصانع التي تنتجها محليا , و بالتالي ستستمر الدولة في التضييق على استيرادها لمصلحة الصناعة المحلية و أحد أدوات التضييق هو السعر الاسترشادي العالي بالإضافة إلى الأداة الجمركية ..
أما الألبسة الموجهة لذوي القدرة الشرائية العالية فسيتم منحها إجازات و لكن ضمن ضوابط تضمن لمستورديها العمل بشكل نظامي و ذلك على اعتبار أنّ الألبسة الراقية السورية بحاجة إلى وقت حتى تستطيع الحصول على عقود تصدير إلى أوريا ريثما تتمكن من الاستقرار وهذا يحتاج الى ثلاث سنوات على الأقل .
و بناء على هذه المبادئ يمكن تحريك القرار بشأن الألبسة المستوردة من مرحلة المنع إلى مرحلة فرض رسوم عالية.
على كل كان حديث السيد وزير الاقتصاد واحداً جدا باتجاه أنّ كلفة الألبسة المستوردة سترتفع لصالح الخزينة من جهة و الصناعة من جهة أخرى , و من أجل ذلك سيتم اعتماد السعر الإسترشادي العالي المطروح مبدئيا و هو 40 دولار على كل كيلو ألبسة مستوردة
.. و كنوع من استمرار حالة الحوار و جعله مثمرا و مقربا لوجهات النظر طلب الوزير وضع دراسة سريعاً تتضمن اقتراحات المستوردين للضوابط التي يمكن تبنيها في موضوع استيراد الألبسة و قد يكون المجال مفتوحا للنزول قليلا بالسعر الاسترشادي و إن كان المستوردون يريدون النزول به كثيرا .
و بنهاية الحوار مع لجنة مستوردي الألبسة في غرفة تجارة دمشق أكد جزائري : أنّه يجب الأخذ بحقيقة واحدة و هي السير في أي سياسة من شأنها إرضاء الصناعة و التصدير لأنّ فيهما مصلحة البلد بعد كل ما تعرضت له بفعل الأزمة و حيث لا بد من التركيز على الإيرادات و عدم المبالغة بالاستيراد بما يتجاوز الطاقة المتاحة من القطع .. فأي اقتصاد لن يقدر على استيراد أكثر مما يأتيه من موارد .
و بالتالي أي مستورد يكسر الصناعة الوطنية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يجب أن نتطلع فيها بعناية فائقة إلى الصناعة التي تواجه ظروفاً قاسيى للغاية خاصة لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج .
في كل الأحوال المستوردون قالوا كل ما لديهم لوزير الاقتصاد .. الذي عليه أن يسمع لعشرات مصنعي الألبسة من عدة محافظات الّذين سيجتمعون اليوم الأحد على طلب واحد و هو وقف الاستيراد و مكافحة التهريب بما في ذلك الاستيراد تهريبا ً , كي يتمكنوا من النهوض بصناعة الألبسة و إعادة الألق لها خاصة و أنّ المستوردات و المهربات لا تفعل شيئا إلا إيذاء الصناعة التي هي أحد الأدوات الرئيسية للخروج بالاقتصاد السوري من الأزمة .
هوامش :
- وزير الاقتصاد قال : أنّ آخر همه هو اللحاق بركب الموضة .. طالما أنّنا أمام مسألة حياة أو موت بالنسبة للصناعة السورية
- رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان قلاع : قال لست ضد المنتج فأنا معه قلبا و قالبا و لكن لا بد من أن يكون هناك توازن .. مطالبا وزير الاقتصاد بسعر استرشادي للألبسة المستوردة يكون متوازن و منطقي يدعم الصناعة و لا يؤذي المستورد .
- الوزير همام : يهمني أن يحصل ذوي الدخل المحدود على ألبسة بسعر مناسب لهم لذلك سأحمي الصناعة المحلية لأنّ الموظف لن يذهب إلى الألبسة الغالية و بالتالي سيتم التضييق عليها .
- الوزير : نحن نريد الانتقال من مرحلة عدم منح إجازة استيراد إلى مرحلة منح إجازة صحيحة و أخذ رسوم لصالح الخزينة و الصناعة المحلية .
- حقيقة قيلت في الاجتماع : 80 % من الألبسة الأجنبية في أسواقنا دخلت بطريقة التهريب .. فالبضاعة الأجنبية تدخل و هذا يعني أنّ هناك التهريب غول كبير و له من يحميه ...و من هن أكد الوزير أنّه لا للتهريب قولا واحداً .
- الوزير همام .. قال : إذا اعترض مستوردو البندورة على منع الاستيراد سأقول لهم دعوا بندورة بانياس تصل الى الشام ... و إذا اعترض مستوردو البرتقال سأقول دعوا برتقال الساحل يصل إلى الشام .. و حتى و لو بأسعار عالية فنحن يهمنا أن يربح المنتجون السوريون .
- إذا خرج ما يفكر به الوزير همام جزائري و توفرت له فرصة التطبيق الصحيح فإنّنا سنكون أمام بدايات حقيقية لإعادة توزيع الدخل و الضريبة و الدعم بشكل عادل و لمصلحة الفقراء و ذوي الدخل المحدود ..و التفاصيل قادمة فيما يتعلق بهذه النقطة تحديدا .. نقطة ستضع فارقا لا يقوم على عدالة الاستحقاق الضريبي بين الفقراء و الأثرياء ?
المصدر: موقع سيرياستبس