قال " المهندس عماد خميس وزير الكهرباء" تعقيباً على ما طرح حول إعتراض "وزارة الكهرباء" على كميات الغاز الطبيعي اللازمة لتصنيع "سماد اليوريا" إن الموضوع لا يمكن مقاربته من ناحية الاعتراض أو عدم الاعتراض على استثمار تلك الكميات، بل من ناحية الجدوى الاقتصادية لاستثمار الغاز في صناعة سماد اليوريا.
ووفق ما أوضح خميس فإن نحو 1.2 مليون م3 من الغاز الطبيعي الداخلة في تصنيع اليوريا، هي كمية تشكل ما نسبته 10% من كميات الغاز المتوفرة في سورية، مبيّناً أنه وبتلك الكميات من الغاز باستطاعة وزارة الكهرباء إنتاج ما بين 200 – 220 ميغاواط، وأن هذه الكمية بدورها تستطيع تأمين الطاقة الكهربائية لمحافظتي حمص و حماة معاً أو محافظة اللاذقية بشكل كامل.
وبرأي وزير الكهرباء أن استجرار نحو 1.2م3 من الغاز لتشغيل معمل سماد اليوريا في حمص، هو برسم وزير الصناعة الذي سيكون له تقدير وبيان مدى الجدوى الاقتصادية وضرورة الاستمرار في استثمار تلك الكمية وبالتالي اتخاذ القرار المناسب بإيقاف معمل سماد اليوريا أو عدم الإيقاف.
ما يحكمنا..
“البعث” كانت قد تناولت هذا الموضوع مع كمال طعمة وزير الصناعة، حيث أكد عودة توريد الغاز إلى معامل الأسمدة بعد الانقطاعات التي كانت تحدث بسبب الأعمال الإرهابية، لافتاً إلى أن معمل سماد اليوريا ينتج 1000 طن يوريا يومياً قيمتها 35 مليون ليرة.
ومتابعة لتفاصيل الموضوع للوقوف على طرح وزارة الكهرباء وبيان الجدوى الاقتصادية من استثمار الكميات الداخلة بتصنيع اليوريا، تواصلنا مع المدير العام للشركة العامة لصناعة الأسمدة المهندس بشار عكاري، الذي رأى أنه لا يمكننا تناول الموضوع بالمطلق من ناحية الجدوى الاقتصادية وأن المال هو الغاية الأولى والأخيرة، مشيراً إلى وجود اعتبارات أخرى تحكم التعاطي في هذا الشأن وتتمثل بالاعتبارات لاجتماعية التشغيلية والاقتصادية وقد تصل إلى درجة المراعاة للاعتبارات السيادية.
حسابات وبيدر
توضيحاً لدلالة هذه الاعتبارات قمنا بالاتصال هاتفياً بمدير معمل اليوريا محمد حمشو، الذي قال موضحاً: إن الـ1000 طن المنتجة يومياً التي تبلغ قيمتها 35 مليون ليرة، 20 مليون ليرة منها هو ربح صافٍ، وعليه ففي حال عدم تزويد الشركة العامة للأسمدة بالغاز وتحويله إلى وزارة الكهرباء، فهذا يعني التوقف عن إنتاج الكمية السابقة من سماد اليوريا محلياً، كما يعني بالمقابل اللجوء إلى استيراد تلك الكمية من الخارج، أي دفع نحو 400 دولار للطن المستورد، ويعني أيضاً توقف معمل الأمونيا يوريا ومعمل الكانترور اللذين يعتمدان على الغاز في تصنيع منتجاتهما، وهذا بدوره يقودنا إلى عدم التمكن من دفع الرواتب لنحو ألف عامل وإداري في الشركة ودون أي إنتاج.
وذهب حمشو إلى أبعد من ذلك بتأكيده أن إنتاج سماد اليوريا محلياً يعني حصول الفلاح عليه بشكل مباشر من الشركة عبر المصرف الزراعي وفي أي وقت وعلى مدار العام، أما في حال الارتهان للاستيراد فهذا يعني عكس ذلك و فوق هذا خسارة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة سواء في القطاع العام أم الخاص، إضافة إلى مخاطر هذه العملية لناحية التوقيت المناسب في الحصول على السماد وأيضاً تغيير التكاليف والأسعار، ناهيكم عن مشكلة المقاطعة والحصار.
وبسؤالنا حول تكلفة الغاز الداخل في صناعة سماد اليوريا التي يقال إنها تعتمد بنسبة 100% على الغاز، قال حمشو: إن التكلفة تصل إلى ما بين 80 – 90%، مبيّناً أن تصنيع 1 مليون م3 غاز ينتج عنه نحو 1000 طن سماد يوريا وجزء يسير من الأمونيا.
توقف الأمونيا
أما بالنسبة للكميات المنتجة من سماد اليوريا، فقال: إن العودة إلى مباشرة التشغيل بداية الشهر الرابع في العام الجاري، حيث تم خلال نيسان إنتاج 9500 طن من اليوريا إضافة إلى كمية من الأمونيا كرصيد للسوق المحلية ولتشغيل المعمل الثاني الكانترور، أما ما تم إنتاجه في هذا الشهر فقد بلغ حتى تاريخه نحو 1000 طن من اليوريا وجزء يسير من الأمونيا.
ما خلصنا إليه
ما نستشفه بدورنا أن هذا الموضوع، وبما تقدّم من معلومات، قد يكون في ظاهره حاجة لكل من الكهرباء كما هو حاجة للصناعة، لكن هناك تفصيل في غاية الأهمية يجب تسليط الضوء عليه وهو أن تلك الكمية البالغة بين 1 – 1.2 مليون م3 من الغاز اللازمة لإنتاج ألف طن من سماد اليوريا، لا تستثمر بالكامل، بل إن قسماً منه ووفقاً للخبراء الفنيين في شركة الأسمدة، قد يهدر نتيجة لعملية فنية بحتة مرتبطة بخصوصية تصنيع هذا النوع من السماد المعتمد بتصنيعه إلى حد كبير –كما ذكر آنفاً– على الغاز، الأمر الذي يدعونا إلى السؤال حول المبررات الحقيقية لاستخدام الغاز في صناعة اليوريا، ولاسيما أن الموضوع لا يزال مثار جدل بين أطراف الحكومة؟!.