كتب حامد سيف الدين|خاص موقع بزنس 2 بزنس سورية
يُعرف الاستثمار بأنه توظيف المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة على صاحبه.
و من أهم أشكال الاستثمار في معظم دول العالم هو الاستثمار في الأوراق المالية و منها الأسهم، و ينقسم المستثمرون في الأسهم إلى مجموعتين رئيسيتين هما، المضاربون و المستثمرون الحقيقيون.
فالمضارب هو من يدخل السوق لفترات قصيرة فيشتري و يبيع الأسهم ليجني أرباحاً ناجمة عن معلومات داخلية أو اضطراب في مؤشر الأسعار.
في حين أن المستثمر الحقيقي هو من يوظف جزء من أمواله في سوق الأسهم ليحصل على توزيعاتها السنوية بالإضافة إلى تحقيق عوائد من بيع جزء مما يملك من أسهم بعد فترة طويلة حيث يكون سعر السهم قد حقق ارتفاع.
و إن ما يمر به الاقتصاد من ظروف استثنائية لعب دوراً كبيراً في منح المضاربين فرص استثمارية جيدة في حين أنها ألقت بظلالها السوداء على فرص المستثمرين الحقيقيين في تحقيق العوائد.
لقد استثمر الكثير من الأشخاص في أسهم المصارف الخاصة التقليدية إيماناً منهم في دورها الإيجابي برفد الاقتصاد بفرص استثمارية و توظيفية و ما إلى ذلك من فوائد تعود على الاقتصاد الوطني، إلى جانب كون هذه المصارف تعمل تحت رقابة العديد من الجهات الوصائية و بالتالي فإن الاستثمار فيها يعتبر قليل المخاطر نوعاً ما.
و لكن توقف المصارف الخاصة التقليدية عن منح التسهيلات منذ حوالي أربعة أعوام و اكتفائها بتقديم بعض الخدمات المصرفية التي تحقق إيرادات متواضعة جعلت فرص المستثمرين في هذه الأسهم معدومة في الحصول على توزيعات أرباح سنوية عن ما يحملونه من أسهم.
و القارئ للبيانات المالية لهذه المصارف يلاحظ أنها تحقق خسائر كبيرة نتيجة قيامها باقتطاع مؤونات لمواجهة الانخفاض في محافظ التسهيلات الائتمانية التي كانت قد قدمتها مسبقاً، و هذه المؤونات قد سجلت حوالي /29/ مليار ليرة سورية خلال العام 2013 أي حوالي (49%) من مجموع رؤوس الأموال المدفوعة لهذه المصارف و البالغة حوالي /59/ مليار ليرة سورية مع نهاية العام 2013.
أمام هذه التحديات فَقَدَ حاملوا أسهم هذه المصارف الحق في المطالبة بتوزيعات أرباح سنوية، فلم يتم توزيع أية أرباح عن العامين الأخيرين لدى هذه المصارف الأحد عشر و قد تقبل المساهمون هذا الواقع و بشكل خاص أن جميعهم على أمل في تحسن الأوضاع و عودة توزيعات الأرباح في المستقبل القريب.
إلا أن الكثير من المساهمين يتذمرون من كتلة الرواتب و الأجور الكبيرة التي تتكبدها هذه المصارف سنوياً، و حسب اعتقادهم فإن السبب الرئيسي الذي يجعل من كتلة الرواتب و الأجور ضخمة يعود لكون جزء كبير منها يتم سداده للإدارة التنفيذية العليا التي تكون على الأغلب أجنبية، الأمر الذي جعل الكثير من المساهمين يشتكون من ارتفاع قيمة الرواتب و الأجور خلال سنين الأزمة على الرغم من تقشف الاقتصاد ككل و بشكل خاص أنهم يرون بأن لديهم الحق في تقييد هذه الرواتب و الأجور و جعلها أقل مما هي عليه الأمر الذي سوف يخفض من إحمالي نفقاتها و يحسن من ربحية السهم.
و هنا لا بد لنا من شكر مجالس إدارة العديد من هذه المصارف التي تخلت عن تعويضاتها و بدلاتها السنوية التي كان من الممكن أن يحصلوا عليها بموجب القانون، إلا أن نتيجة للظروف الحالية تخلوا عنها وقوفاً مع المساهمين الذين لم يحصلوا على أية توزيعات.
و من جهة أخرى، و بعد استسلام المستثمرون في حصولهم على توزيعات أرباح نتيجة لما تمر به هذه المصارف من ظروف استثنائية قاهرة ازدادت حظوظهم سوءاً عندما لم يحققوا أية عوائد في سوق الأسهم.
فهناك من اضطر لبيع جزء من أسهمه محققاً خسائر كبيرة عندما تراجع المؤشر إلى مستوياته الدنيا و هناك من فضّل الاحتفاظ بأسهمه على أمل أن يحقق أرباحاً من بيعها عند عودة أسعارها للارتفاع أو على الأقل أن يستعيد أمواله التي استثمرها مسبقاً، مع العلم أن مستويات الأسعار الحالية لم تصل إلى المستويات التي كانت سائدة قبل الأزمة و الجميع في انتظار عودة الأسعار إلى ما كانت عليه لما له دور من تشجيع للاستثمار في سوق الأوراق المالية من جديد.
الآن و مع بدء استقرار الحياة الاقتصادية و على اعتبار أن الفترة الحالية تشهد انعقاد اجتماع الهيئات العامة لهذه المصارف، فإن حملة الأسهم يطالبون مجالس الإدارة بتخفيض كتلة الرواتب و الأجور التي يتم سدادها للعاملين في هذه المصارف إضافةً إلى ضرورة وضع خطط عملية تهدف إلى الاقلاع من جديد و البدء بتقديم خدمات مصرفية و لو بشكل ضيق و التأقلم مع الظروف الحالية, و كلهم أمل في عودة توزيعات الأرباح السنوية من جديد و بانتظار تحسن أداء السوق بشكل أفضل و عودة مستويات الأسعار إلى ما كانت عليه لتعود معها حركة التداول إلى سابق عهدها الأمر الذي يساهم في بناء الثقة من جديد في مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية الأمر الذي يكسبه اللون الأخضر باستمرار.