من أسباب رفع سعر المازوت من 15 ليرة سورية إلى 20 ليرة سورية كان نتيجة أن في فصل الشتاء مجموعة من الأشخاص يستغلون حاجة المجتمع للمادة ويبيعونها بسعر اللتر 20 ليرة سورية وقد لاحظت الحكومة على أرض الواقع ذلك من خلال كم كبير من ضبوط مخالفات السعر ورأت أن مخالفة السعر وقبوله من المواطن لم يؤثر في الأسعار لذلك اعتمدت سعر 20 ليرة سورية للتر وهذا يعني أن أي مجموعة تخالف التسعيرة لأي مادة يمكن للحكومة أن تقونن تسعيرة المخالفة من خلال قرار حكومي. إضافة إلى ذلك فالمازوت يتأثر بسعر الصرف وهذا صحيح والتبرير أتى أن سعر 15 ليرة سورية للتر قد تم اعتماداً على أساس سعر الدولار 47.5 في حين اليوم أصبح سعر الدولار 68.5 هذا الأمر ضخم الكتلة النقدية لدعم سعر المازوت. وتقول جهات بوزارة الاقتصاد: إن رفع سعر المازوت لم تؤثر في الأسعار. على اعتبار أنه قبل قوننة السعر كانت المادة تباع على هذا السعر. من يريد أن يسعر على أساس سعر الصرف وللخروج بنتيجة لا تجعل المواطن يتحمل أكثر مما هو متحمل لذلك يجب أن نتابع دائماً موضوع القوة الشرائية لليرة السورية والقدرة الشرائية للدخل. فالمواطن الذي كان دخله 47500 ليرة سورية يمثل 1000 دولار منذ عام ونصف العام، اليوم 47500 تمثل 693 أي بفرق 307 دولارات هل تم لحظ ذلك من الحكومة عند دراسة رفع سعر المازوت طبعاً قابل هذا الهبوط في القدرة الشرائية للدخل ارتفاع أسعار شديد أدى إلى تضخم وضعف القدرة الشرائية لليرة السورية.
وذكرت صحيفة الوطن بأن ارتفاع سعر المازوت سيؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج وارتفاع أسعار الشحن وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية وبالأخص نحن القادمين على موسم سقاية للزراعات الإستراتيجية والزراعات الاستهلاكية والقاعدة الاقتصادية تقول إن دخول أي إنفاق إضافي على تكلفة المنتج سيؤدي بشكل طبيعي إلى ارتفاع سعره. لذلك فترويج أن رفع سعر ليتر المازوت لن يؤثر في الأسعار كلام غير صحيح وغير اقتصادي.
لذلك فالمنتج الصناعي والزراعي سيتأثر مباشرةً ليس بسعر المازوت فقط وإنما بسعر الكهرباء أيضاً حيث تم رفع سعر الكهرباء على الصناعيين وقبل أن يعتمدوا على المازوت في التوليد تم رفع المازوت وهذا يعني أنه تم فرض رفع التكلفة على الصناعيين وهناك صناعات احتجت على ذلك كأصحاب مصانع الأدوية يبدو أن الحكومة تضع الصناعي أمام خيرات تسيء للاستثمار وتدعو إلى هجرته فإذا أخذنا معامل الأدوية في سورية فهي توفر 93% من حاجة السوق من الأدوية إضافة إلى أنها تحقق دخل 600 مليون دولار سنوياً نتيجة التصدير. فهناك 137 دولة تستورد الدواء السوري نتيجة مطابقته للمواصفات ونتيجة سعره المناسب. يبدو أن هذا الأمر لا يدخل في حسابات الحكومة ويبدو أنها لا تنظر إلى التاريخ عندما كانت سورية تدفع مئات الملايين من الدولارات لاستيراد الأدوية.
وما دامت الحكومة كما تدعي أنها تعتمد على الواقع في اتخاذ قراراتها نرى أن الواقع يعكس مدى التناقضات التي تعيشها الحكومة في سياساتها والمواطن يدفع الثمن. من غير المعقول ولا المقبول أن تسعى وزارة الاقتصاد إلى تخفيض الأسعار من خلال لوائح تأشيرية. والحكومة تصدر قرارات تساعد على رفع الأسعار ومن غير المقبول أن يحاول المصرف المركزي تثبيت سعر الصرف والحفاظ على ثبات سعر الدولار حتى يساعد في ضبط الأسعار وعدم ارتفاعها والحكومة تعمل بعكس هذا الاتجاه. ومن غير المقبول أن تصدر الحكومة قرارات تخص المصارف وتأتي هذه القرارات (كالمارشات العسكرية) لما حوته لهجة القرار 5727 الخاص بلائحة الجزاءات التي ستطبق على المصارف والمؤسسات المالية حيث فرضت غرامة تصل إلى 100 مليون ليره سورية والقرار أتى مستنداً إلى قانون تأسيس المصارف وقوانين ومراسيم أخرى ليعدل بها في بعض فقراته أو يضيف عليها في فقرات أخرى ونحن نعلم أن ذلك يلزمه سلطة تشريعية مختصة بذلك فوضع لائحة جزاءات يلزمه محاكم مصرفية مختصة تسبقه قبل إصداره ولكن نحن تعودنا أن نشتري المعلف قبل الحصان لأنه بالنتيجة الحصان يموت ويبقى المعلف. وشراؤنا للمعلف يخالف الدستور والقانون. وهذا الأمر ليس بمشكلة إذا كان الهدف تهجير الاستثمار المالي من البلد عن طريق تعقيد عمليات وأنشطة ومزاولة الأعمال المالية في البلد بهدف خلق حالة نفور لرأس المال يقابله دعوة شفهية غير عملية لتأسيس صناعة مالية متطورة ترفد الاقتصاد الوطني وتدعم إيرادات الدولة. أعتقد أن القرارات الصادرة عن الحكومة الحالية تباعاً تشير إلى خلق مصاعب ومشاكل أمام الحكومة القادمة ما يشير إلى أننا سنبقى ندور في الحلقة نفسها وهذا ما كانت تعمل عليه الحكومات السابقة. لذلك إذا كنا جادين في الإصلاح الاقتصادي لا بد لنا من المطالبة بمجلس وطني اقتصادي يكون داعماً لقرارات الحكومة الجديدة ومستشار اقتصادي لمجلس الشعب فهل نحن جادون؟ نتركها للمستقبل القريب.