في ظل الظروف السورية الاقتصادية الراهنة التي باتت تتحكم بالمواطن والتاجر على حد سواء، وجد التجار أمانهم وسلامة ما تبقى من تجاراتهم بالتوقف عن التقسيط، ، فأصبحت معظم العمليات التجارية التي كانت تجرى سابقاً عن طريق عقود وسندات وتقسيط، تحدث بشكل فوري ونقداً (كاش) وربما دون تأمين.
ما زاد من بطء العجلة الاقتصادية في السوق السوري، وهو بالتالي ما نتج عنه انخفاض القدرة الشرائية لدى معظم العاملين بأجر وعدم ملاءمة ارتفاع الأسعار مع راتبهم الشهري.
كما أثر أيضاً على المواطن الذي كان التقسيط بالنسبة له سابقاً، ملاذ مريح يخفف من أعباء التكليفات المادية، فكيف الأن مع ازدياد الأسعار أضعافاً مضاعفة، ومن المعروف سابقاً أن معظم المواطنين كانوا يلجؤون في شراء حاجياتهم الضرورية التي تحتاج إلى مبالغ طائلة وكبيرة إلى الشراء بالتقسيط. بالطبع كان ذلك سابقاً، أما حالياً فنتيجة الظروف الراهنة، فإن هذا الأمر لم يعد يُعمل به لدى معظم الوكالات وتجار الجملة أو حتى المفرق.
ورغم أن القرار بإيقاف التقسيط كان من التجار، إلا أنه كان بالنسبة لهم.. “اختيار إجباري” وسط الجمود والحصار الاقتصادي، وانتشار تجار الأزمة ومستغليها بالأسواق، فكان تأثير هذا القرار سلبياً على التاجر قبل المواطن.
بالنسبة للتجار.. قل الطلب على البضائع، خاصة أن التقسيط يعتبر من أهم الأساليب التجارية المحفزة للطلب وخاصة في الفترات التي يزداد فيها الكساد، إذ يتمكن العديد من التجار والموزعين من زيادة مبيعاتهم وتنشيطها والتغلب على مشكلة تراكم المخزون السلعي، لأنهم يفضلون الربح على المدى البعيد على أن يخسروا تجارتهم بالكامل.
وأدى إيقاف البيع بالتقسيط إلى تناقص فرص الاستهلاك وتقليص مداه وأثره على الاقتصاد السوري، ما زاد في تكدس البضائع، ولفترات طويلة زمنياً، بحيث أن كل ما ينتج سوف يباع بمعدلات بطيئة، ويعمل هذا الأسلوب (البيع بالتقسيط) على إيجاد وسائل تنشيطية تمويلية لضخ وسائل دفع متنوعة تزيد من المعروض النقدي وتحقق الانتعاشة الدائمة والرواج المستمر وتغطية الآثار السلبية للدورة الاقتصادية، خاصة في أوقات الانكماش، والارتقاء بمستوى معيشة المواطن، ويحقق التوظيف الدائم لقوى الإنتاج بشرط أن تكون الأقساط مناسبة لدخل الفرد.
ولم يكن نصيب المواطن من إلغاء التقسيط أقل من نصيب التجار السلبي، بل على العكس، فكان الضحية الأولى لهذا القرار هم أصحاب الدخل المحدود، فارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة من الأمور التي تثقل كاهل المواطن، إذ يقوم أغلبهم بدفع إيجار البيت، فضلاً عن المصاريف الشهرية التي ليس لها أول ولا آخر،، وبات المواطن هو الآخر باختيار إجباري للاستغناء عن الكثير من الاحتياجات الضرورية وخاصة فيما يتعلق بالكهربائيات المنزلية والأشياء التي تحتاج لمبالغ كبيرة لم يعد باستطاعته تقسيطها على دفعات.
علماً أن نظام التقسيط لم يكن سارياً في الأسواق السورية فقط على السلع الأساسية التي تحتاج لمبالغ كبيرة، بل أنه كان يتبع بالتعامل بالبقاليات التي تبيع السلع اليومية والغذائيات وحتى في محال الألبسة وغيرها، وبدأ انحساره وتنفيذ قرار الوقف من تلك المحال الصغيرة والسلع الخفيفة من بقاليات إلى وكالات أجهزة كهربائية ومفروشات ليصل إلى أسواق السيارات وغيرها.
قرار اتخذه التجار قالبين الطاولة عليهم وعلى المواطنين، مجبرين للحفاظ على ما تبقى من تجارتهم بتكدس بضاعتهم، وقابله قرار من المواطن بالاستغناء عما بات يعد كماليات ترهق أيامه وجيبه الذي بات معتاداً على اختفاء نقوده.