اتخذت الحكومة السورية اجراءات جديدة يجب استكمالها عند بيع العقارات السكنية والتجارية، ولكن هل ستكفي هذه الإجراءات لحماية أملاك المواطنين السوريين..
وللوقوف على الموضوع كاملاً، سنستعرض في تقريرنا كيفية قيام تجار الأزمات والحروب بسلب المواطنين أملاكهم وبيعها بالغش والتدليس، وبمساعدة رجال القانون في سورية من محامين باعوا ضمائرهم بحفنة من النقود.
وللإيضاح أكثر نورد قصة سيدة سورية فجرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى بعض وسائل الإعلام السورية ملف النصب بالعقارات.
وأشارت المالكة الحقيقية للمنزل إلى قيام ثلاثة أشخاص من بينهم المحامي بعملية نصب وتزوير، باعوا بموجبها بيتها ونقلوا ملكيته إلى أحدهم، حيث كان الدور الأبرز للمحامي الذي باع منزل السيدة على أساس أنه بملكية شخص آخر، وذلك بحوالي ١٢ بالمئة من قيمته الحقيقية البالغة ١٠٠ مليون ليرة سورية.
وتستند المواطنة إلى وجود ممتلكات وأغراض تؤكد ملكيتها لمحتويات المنزل، وكذلك وجود أوراق ثبوتية لبعض مقتنيات ثمينة مسجّلة باسمها، إضافة إلى شهادات أهلها وأقاربها وجيرانها بالسكن.
وبحسب المواطنة فقد رفض القضاء المختص، تسليم المنزل إلى أي طرف إلى أن يتم البت بالموضوع، حيث أبدت تخوفها من التلاعب بالقضية وضياع الحقوق.
ومخاوف السيدة التي حرصت على نشرها في عدة مواقع صحفية من بينها موقع "الاقتصادي" كانت بمكانها، فمن المعروف أن ما يفاقم المشكلة رخاوة العقوبات الجنائية بالمحاكم السورية التي من المفترض أن تردع التزوير، وضياع حق أحد الطرفين المتضررين من هذه العملية، إضافة لطول أمد دعوى التزوير في المحاكم، بما يتجاوز ١٠ أعوام في بعض الأحيان.
وفي غياب إحصاءات رسمية حول تزوير ملكية العقارات، وثقت تحقيقات صحفية خلال بضعة أشهر قليلة من التقصي تسع حالات تزوير (ست وكالات وعقدين وقضية اختلاس عقار)، إحداها تدين عدة محامين.
في حين يوجد ٢٣٠٠ دعوى قضائية يطالب فيها مواطنون سوريون باستعادة سندات ملكية عقاراتهم التي ضاعت بسبب الحرب أو تعرضت للتزوير، خلال فترة عام تقريباً.
وبحسب التقديرات التقريبية يبلغ عدد حالات التزوير ٣٠ ألف حالة بالعاصمة دمشق وريفها والتي تتصدر حالات التزوير.
تليها مباشرة محافظة حلب بثمانية آلاف حالة، بينما تحتل حمص المرتبة الثالثة بستة آلاف حالة، فيما تتقاسم سائر المحافظات الإحدى عشرة خمسة آلاف واقعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
من جانبه قدر مصدر بالقصر العدلي بدمشق حالات التزوير خلال عام ٢٠١٤ بعشرين حالة يومياً، قد تزيد أو تنقص، أي ما يقارب ٧٣٠٠ حالة خلال العام المذكور.
وكشفت مصادر قضائية أن حالات التزوير والنصب في بيع العقارات ارتفعت بشكل كبير في مختلف المحافظات السورية لتصل إلى نسبة ٧٠ بالمئة عن الأعوام الماضية.
وبيّنت المصادر أن نسبة تزوير الهوية الشخصية ارتفعت بشكل كبير ما يدل بشكل واضح على انتشار العصابات التي تقوم بهذا العمل لافتاً إلى أن القضاء السوري يحاكم عدداً لا بأس به من العصابات التي زورت ملكية العقارات والأوراق الثبوتية كالهوية الشخصية والصحيفة العقارية.
وأكدت المصادر أن أكثر المناطق التي شهدت التزوير هي العشوائيات بريف دمشق وفي محافظة حلب وأن هناك عصابات باعت عقارات في المالكي بدمشق.
وبيّن قاضي محكمة البداية الجزائية الأولى بدمشق ناجي العيد أن انتشار هذه الظاهرة الخطيرة يعود إلى ترك الأهالي لبيوتهم ما سمح للعصابات المنظمة والمختصة في مثل هذا النوع من التزوير بشكل كبير.
علماً أن الأهالي والمواطنين كانوا مرغمين على ترك منازلهم جراء الحرب الدائرة بالبلاد، وعند تركهم لممتلكاتهم كان في حسابهم أن يعودوا يوماً ولا يجدوها ولكن ليس بسبب سرق ملكيتها وانما بحكم القذائف وظروف الحرب الدائرة وليس بسبب التواطؤ القانوني والنصب والتدليس.
وبعد شهور الشكاوي وعلو أصوات المواطنين والمتضررين قررت الحكومة السورية فرض إجراء قانوني محاولة الحد من الاحتيالات، حيث أصدر رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي تعميما يقضي بإضافة حالة بيع العقارات من المنازل والمحال التجارية سواء بالمناطق العشوائية أو المنظمة إلى قائمة الحالات التي يقتضي إنجازها الحصول على موافقة أمنية مسبقة.
وبينّت رئاسة الوزراء أن الهدف من هذا التعميم هو حرص رئاسة مجلس الوزراء على الحقوق القانونية والأمنية للمواطنين والراغبين ببيع عقاراتهم أو التنازل عنها للغير.
ووفقا للتعميم فإن الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة شملت بيع العقارات، والتنازل عنها سواءً الواقعة في المناطق المنظمة أو العشوائية.
فهل سيوقف هذا الإجراء الجديد حالات النصب، أم أن محامو الأزمات وتجارها سيجدون فتاوى قانونية للاستمرار بعملياتهم اللا أخلاقية؟.