في الإطار العام المعلن… وافق مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية شراء محصول القطن لعام 2015 الحالي بسعر 140 ل.س، وذلك وفق ما رشح عن اجتماعه الثلاثاء الفائت وجُلّ ما تناقله الإعلام بهذا الخصوص، لكن التفاصيل تشي بأن ثمة اختلاف في الرأي داخلمجلس الوزراء بقيادة وزير المالية رئيس اللجنة الاقتصادية، ثم رجح واحداً من رأيين، كانت طرحتهما اللجنة التي تدارست واقع تسعير محصول القطن لهذا العام في جلستها رقم 39 المنعقدة في الرابع عشر من الشهر الفائت.
الرأيان أو الاقتراحان اللذان حملتهما مذكرة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لرئيس المجلس الدكتور وائل الحلقي -الذي صدق عليها في الثلث الأخير من الشهر الفائت تمهيداً لعرضها في جلسة أول أمس- طرحا سعرين مختلفين لشراء محصول القطن وبفارق خمس ليرات للكيلوغرام الواحد، حيث رأى وزراء (الزراعة والإصلاح الزراعي – التجارة الداخلية وحماية المستهلك – الدولة لشؤون الاستثمار) بالإضافة إلى ممثل اتحاد الفلاحين شراء المحصول من المزارعين بإضافة نسبة ربح 25% على متوسط التكلفة المثقل الذي حدّدته لجنة التسعير في وزارة الزراعة، واعتمدته اللجنة الاقتصادية في سياستها التسعيرية والبالغ 116,2 ل.س للكغ الواحد، من خلال احتساب نسبة المساحات المزروعة وتكلفة كل منها حسب كل محافظة، وبالتالي يكون السعر 145 ل.س للكغ الواحد.
بينما رأى –حسب المذكرة التي حصلت عليها “البعث”- وزراء المالية “رئيس اللجنة الاقتصادية”– الاقتصاد والتجارة الخارجية – وزير الدولة رئيس لجنة تدقيق العقود – رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، اعتماد نسبة ربح 20 % -وهذا ما كان- واحتسب سعر 1 كغ من القطن بـ140 ل.س، وحرم الفلاح المنتج لثاني أهم المحاصيل الاستراتيجية بعد القمح من 5 ليرات على كل 1 كغ أي 5000 ل.س لكل طن.
إلا أن المشكلة الحقيقية ليست بتغليب الرأي الأقل سعراً، إذ إن كلا السعرين لا يبدو أنهما منصفان وخاصة أن عامل توحيد السعر بين المحافظات سيولد ظلماً لشريحة واسعة من مزارعي القطن على اعتبار أن التكلفة متفاوتة بين محافظة وأخرى، حيث بلغت أقصاها في محافظة حلب (وفق المعلومات المدوّنة في محضر اجتماع اللجنة المكلفة دراسة اقتراح تسعير المحاصيل الاستراتيجية التي تتسوّقها الدولة بتاريخ 13/9/2015) بواقع 151 ل.س للكغ الواحد من القطن وهي تزيد -أي التكلفة- 11 ليرة عن سعر الشراء المحدد في روزنامة مجلس الوزراء، وبالتالي فإن مزارعي القطن في حلب سيتعرضون لخسارة كارثية إذا قرروا بيع محصولهم وفق التسعيرة المذكورة.
بينما بلغت التكلفة أدناها في محافظتي الرقة ودير الزور 109,5 ل.س، أما في محافظة الحسكة فوصلت التكلفة إلى 133,33 ل.س بهامش ربح أقل من 7 ليرات، وكانت محافظة حماة منطقة الغاب قد بلغت التكلفة فيها 137,78 ل.س بهامش ربح أقل من 3 ليرات.
وعليه سيكون المحصول الاستراتيجي من القطن لهذا العام في خطر وعرضة للتهريب وتلاعب التجار في ظل تراجع الإنتاج إلى أدنى مستوياته، حيث لم تتجاوز المساحة المنفذة خلال هذا العام الـ 44109 هكتارات وهي تمثل ما نسبته 35% فقط من الخطة المقررة، علاوة على أن 90% من إجمالي المساحة المنفذة موجودة في محافظات (دير الزور – الرقة – الحسكة) التي تعاني من ظروف نقل صعبة وقد تكون غير ممكنة، حيث تستحوذ محافظة الرقة على 51% من المساحة المنفذة بواقع 22500 هكتار، بينما بلغت المساحة المنفذة في دير الزور 12 ألف هكتار وتشكل ما نسبته 27%، وفي الحسكة 5200 هكتار نسبتها 11,79%، بينما لم تتجاوز المساحة المنفذة في حلب 3445 هكتاراً وتشكل نسبة 7,81% منها، وفي حماة 964 هكتاراً بنسبة 2,19% من إجمالي المساحة المنفذة.