وصف "وزير العمل" الدكتور "خلف سليمان العبد لله" مرحلة إعادة الإعمار بمفتاح فرص العمل واستقطاب العمالة المهاجرة والمتسربة، مشيرا في هذا السياق الى ان القطاع الصناعي هو اكثر القطاعات ترميما لنفسه وسرعة في ذلك بعد خسارته لأعداد منها، لافتا الى ان القطاع السياحي الاكثر خسارة للعمالة بين مجمل القطاعات الاقتصادية.
العبد لله اشار الى أن الازمة أرخت بظلالها - دون شك- على واقع الحال ولكن الوزارة عملت على تعديل البيئة التشريعية والقانونية بما يتناسب مع احتياجات العمالة السورية في الفترة الحالية كما باشرت تهيئة الارضية اللازمة لفترة اعادة الاعمار
يث تم تعديل قانون التأمينات الاجتماعية واصبح نافذا في اول شباط من العام الجاري 2015 كما اعدت صيغة جديدة لقانون العمل رقم 17 الناظم للعلاقة بين العامل ورب العمل ووافقت عليه الحكومة وهو في طريقه الان الى مجلس الشعب لمناقشته، لافتا الى أن الوزارة تعمل حاليا على القانون الاساسي للعاملين في الدولة (رقم 50 لعام 2004)، نظرا لوجود حالات قانونية لا تعد ولا تحصى لم تجد حلاً كون الظروف الحالية غير مسبوقة ولم تخطر ببال المشرعين يوم وضعوا مشاريع هذه القوانين، اما القول بخلق فرص عمل تمتص العمالة السورية وضمن ظروف الازمة -يضيف العبد لله- فذلك امر غير ممكن للأسباب المعروفة للجميع وبالتالي لا بد من تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتأمين المزيد من فرص العمل مع التعويل في جانب رئيسي من هذه المسألة على قرب انفراج الازمة وانتصار الجيش العربي السوري على شذاذ الافاق الارهابيين ومباشرة اعادة الاعمار، مؤكدا انها مرحلة تحتاج لعمالة بأعداد كبيرة بفرص عمل مؤمنة حكماً، فعماد اعادة الاعمار هو البناء وهي مهنة تشغّل نحو 185 مهنة رديفة لها، أي إن انطلاق الاعمار سيكون مفتاح فرص العمل وتنشيط العمالة السورية واستقطاب المتسرب والمهاجر منها.
وزير العمل أكد أن العمالة السورية تعرضت لظروف ليست بالهينة حيث اضطرت اعداد منها لترك العمل نتيجة ظروف متعددة، وكانت ذروة النزيف في هذه القوة خلال عام 2012 وفقا لبيانات التأمينات الاجتماعية حيث قام قسم من العمال بتصفية حقوقه وقسم اخر حصل على معاش تقاعدي مبكر وقد وصل اجمالي العدد وقتذاك الى 140 الف عامل وبعدها بدأت الاعداد بالتناقص الى ان وصل العدد الاجمالي لحوالي 200 ألف عامل، وهو رقم يشمل العمالة المتعلمة والفنية والتقنية، وعلى سبيل المثال فقد تسرب من البلاد ما نسبته 20% من اطباء الاسنان وكذلك نسب اخرى من التسرب لدى المهندسين والاطباء البشريين، اما بقية العمالة فقد لعب تخريب الإرهاب الذي طال المعامل والمنشآت في القطاعين العام والخاص وحتى الورشات الحرفية والمنزلية دورا كبيرا في خسارتها، يضاف الى ذلك ما قام به بعض ارباب العمل من اغلاق منشآتهم والخروج من البلاد دون تصفية حقوق عمالهم، اما التسرب الابرز فكان في عمالة القطاع السياحي لما لقيه من اضرار هائلة. هذا من جهة.
ومن جهة اخرى - يتابع وزير العمل - يمكن القول ان اجمالي النزيف في قوة العمل السورية لا يتجاوز 15% في أسوأ الأحوال كون المجتمع السوري من المجتمعات الشابة التي تفرز عمالة جديدة بعشرات الالاف في كل عام، اما على المستوى الداخلي فقد عمد من اضطر لمغادرة سكنه ومكان عمله الى العمل واستثمار خبرته في منطقة اخرى آمنة، أي إنه لم يتوقف عن العمل واستثمار خبرته وهذا هو المهم.
العبد لله اكد أن هذه المحاور كانت من صلب ما تحدث به امام منظمة العمل الدولية في مؤتمرها بمدينة جنيف خلال شهر أيار من العام الجاري 2015 حيث شدد على ان المنظمة اجتماعية غير سياسية وسورية عضو اساسي فيها ومع ذلك قاطعت وهيئاتها المعنية بالعمل سورية، وهو خطأ غير مبرر بالنظر الى وجود برامج متنوعة كانت في طور التنفيذ مع المنظمة مثل خلق فرص عمل وتدريب العمالة السورية، ومع ذلك نجحت الوزارة في إقناع المنظمة بمد جسور التواصل المبدئي مجدداً، وبالفعل فقد التقى وفد من الوزارة بوفد يضم عشرين خبيرا من المنظمة في العاصمة اللبنانية بيروت للبدء ببرامج تدريبية وتأهيلية وبرامج التشغيل المضمون للمرحلة القادمة بالتوازي مع العمل على مكافحة عمالة الاطفال ومتابعة احتياجات مراكز اللجوء، وقد درس وفد الوزارة مع وفد المنظمة كل هذه النواحي وحملوا معهم الى جنيف مشروع اتفاقية جديدة لتوقيعها والمصادقة عليها لتبدأ المنظمة بالدخول الى سورية والعمل فيها مجددا وخلق صيغة جديدة لمنشآت العمل في اطار البحث عن مستقبل افضل للعمالة السورية.