أشار الباحث الاقتصادي " الدكتور عمار يوسف" حول هجرة السوريين خلال الأزمة ،أن هنالك العديد من المؤشرات المهمة حول هذه الظاهرة الخطرة، والتي بدأت تدق ناقوس الخطر في جميع المستويات وأهمها الجانب الاقتصادي.
ووفقا لصحيفة محلية فإنه يجب في البداية لابد لنا من القول إن الأرقام الواردة في هذه الدراسة هي أرقام حقيقية لا تستند لأي إحصائية حكومية أو إحصائية خارجية فهي محايدة ليس لها أي توجه سياسي سواء لاستغلال أزمة المهاجرين مع أو ضد أي جهة كانت.
اما خسائر خسائر سورية نتيجة الهجرة فتلخص بالآتي:
على المستوى الاقتصادي: لابد لنا بداية من تحديد العدد الحقيقي للمهاجرين السوريين إلى أوروبا وفقاً لإحصائيات ميدانية استقصائية، سيصل عدد المهاجرين السوريين الموجودين في أوروبا بنهاية العام الحالي إلى ما يزيد على مليون ومئة ألف سوري منهم من وصل فعلياً لأوروبا ومنهم من يتجهز للانطلاق من تركيا أو من لبنان فلا بد من اعتماد هذا الرقم بشكل إحصائي وخاصة أن ألمانيا ستكون الوجهة الأكبر لهذا العدد حيث من المتوقع أن يصل عدد اللاجئين السوريين في ألمانيا إلى ما يزيد على 750 ألف لاجئ سوري في أغلبيتهم.
تبدأ الخسائر السورية الاقتصادية منذ اللحظة الأولى لتفكير المواطن السوري بالهجرة:
1- خسارة المواطن: يقوم المواطن ببيع ما لديه من أملاك وذلك بشكل سريع وبأسعار رخيصة ليقوم بجمع المال الكافي لرحلة الهجرة فيخسر ما نسبته 30% من أملاكه بسبب الاضطرار للبيع.
2- خسارة الدولة من العملة: يأتي في المرحلة الثانية السعي لشراء العملة الصعبة لدفع تكاليف الرحلة ومن المعلوم أن هذا الأمر يشكل استنزافاً للاحتياطي النقدي السوري من العملات الصعبة ويؤثر سلباً في انخفاض قيمة العملة السورية تجاه العملات الأخرى نتيجة زيادة الطلب على العملات الصعبة وبقدر المبالغ التي خرجت من سورية بالعملة الصعبة بما يقارب سبعة مليارات وسبعمئة مليون دولار خلال السنتين الماضيتين بحساب أن كل مواطن سوري خرج من هذه الفترة حمل معه مالا يقل عن سبعة آلاف دولار أميركي أنفق معظمها في تركيا وجزءاً منها في لبنان كأجور معيشة ومواصلات الأمر الذي جعلها تدخل في حساب تلك الدول.
3- خسارة الطاقات التعليمية: من المعلوم أن سورية ومنذ أربعة عقود وأكثر وحتى الآن تدعم قطاعات كثيرة في الدولة ولعل أهم تلك القطاعات هو القطاع التعليمي فالطالب السوري ومنذ بداية تعليمه وحتى تخرجه لا يدفع ما يزيد على خمسة دولارات في حين عملياً يكلف الدولة ما يزيد على خمسين ألف دولار لحين تخرجه في المرحلة الجامعية إضافة إلى مجموعة كبيرة من المدارس الصناعية تخرج المهنيين والصناعيين فعند خروج هذه الفئة المتعلمة من البلاد وأغلبهم لا يفكرون بالعودة فهو من أكبر الخسائر على الدخل القومي السوري وتبلغ خسائر الدولة السورية لهذه الناحية ما يزيد على ستة مليارات دولار عبارة عن نزيف طاقات فكرية وعلمية وعملية سورية.
4- خسارة الصناعيين والمهنيين والتجار: مجموعة رجال الأعمال والصناعيين والمهنيين الذين هاجروا كان لهم منعكس اقتصادي لا يقل أهمية عن الخسائر في الاتجاهات السابقة منهم الطبقة المعول عليها في إعادة الإعمار في الأزمة حيث تم إفراغ سورية من أغلبية طاقاتها وخاصة الشباب منهم والمتعلمين والمهنيين ورجال الأعمال والصناعيين. ما حول سورية إلى بلد من الصعوبة فيه بمكان إعادة الإعمار دون الاعتماد على الطاقات الخارجية لعدم وجود فئة الشباب ويقدر المنعكس الاقتصادي لهذه الناحية بالذات إلى ما يزيد على عشرين مليار دولار لإيجاد وتأهيل مثل هؤلاء الأشخاص ويقدر مجموع ما قام به التجار والصناعيون بإخراجه من البلاد من العملات الصعبة للبدء بالمشاريع في أوروبا ودول أخرى وخاصة تركيا إلى ما يزيد على 200 مليار دولار منذ بداية الأزمة وحتى هذا التاريخ وهو منعكس اقتصادي متواز مع الخسائر الاقتصادية للهجرة ولكن لا يدخل ضمن حسابات خسائر الهجرة.
5-المنعكس الاقتصادي على أسعار جميع المواد: حيث حدث ارتفاع غير مسبوق في الأسعار أحد أسبابه الرئيسية هجرة أغلبية الصناعيين والمهنيين والكفاءات الاقتصادية القادرة على الإنتاج ما خلق هوة كبيرة بين المطلوب والكمية الفعلية في الإنتاج والتي انخفضت نتيجة الهجرة إلى حد غير مسبوق لقلة الكوادر في أحيان كثيرة والقائمة تطول.
6- كسر دورة الاكتفاء الذاتي التي تنتج عن الأزمة الاقتصادية في مثل هذه الظروف من خلال تدمير الحلقة الأهم فيها وهي الموارد البشرية (المهاجرون الشباب).
المنعكس الاجتماعي للهجرة
لا يقل المنعكس الاجتماعي للهجرة في سورية تأثيراً عن المنعكس الاقتصادي، وخاصة أن سورية بلد يمتاز بالحالة الاجتماعية المترابطة بين أفراد المجتمع سواء العائلة أو القرية أو المدينة وبشكل عام أي تجمع بشري.
بداية: كان هنالك تدمير للروابط الأسرية نتيجة الهجرة وكان هنالك الكثير من المشاكل الاجتماعية أولها ضغط الشباب الراغب بالهجرة على الأهل بطريقة قد تجعلهم يخسرون مدخرات حياتهم لتأمين المبلغ اللازم لسفر الشباب وهجرته ما قد يجعلهم يدخلون في مرحلة الفاقة والفقر إضافة إلى فقدان الوالدين للمعيل المستقبلي للأسرة من خلال سفره وقد وصلت الحالات المشابهة والقريبة من هذه الحالة إلى ما يزيد على أربعين ألف حالة ترك فيها الشاب منزله بعد أن استولى على المدخرات طوعاً أو غصباً.
الحالة الثانية الملاحظة ضمن المجتمع السوري
حالات الطلاق التي وصلت إلى حد غير مسبوق فبلغت ما يقارب 20000 عشرين ألف حالة كان أغلبها بسبب سفر الزوج أو الزوجة وهنا لابد من الإشارة إلى حالة خطرة جداً قدمت الأسرة السورية فعندما تصل الزوجة إلى الدول الأوروبية يكون أمامها الخيار بترك الزوج والاحتفاظ بالأولاد فالكثيرات ممن كن مضطهدات من الزوج في سورية وتمنحهن العادات الاجتماعية الطلاق وترك الزوج يقمن بهذا الأمر فور وصولهن إلى بلد اللجوء حيث وصلت مثل هذه الحالات إلى ما يقارب 6000 حالة سواء في سورية أو في بلد اللجوء.
المنعكس القانوني
لا بد أن عملية الهجرة تركت الكثير من الآثار القانونية أول تلك الآثار كانت:
1- ظهر الكثير من عمليات الاحتيال وخاصة ما يتعلق ببيع العقارات العائدة للأشخاص الذين هاجروا من سورية وخاصة إذا كانت العائلة بكامل أفرادها حيث تبقي أملاكها في سورية من دون أي رقابة أو متابعة ما يجعل بعض المحتالين يستغلون هذه الفرصة من خلال اقتحام بعض البيوت وادعاء ملكيتها وبيعها لأشخاص حسني النية ما يؤدي إلى ضياع الحقوق حيث وصل عدد هذه الحالات إلى ما يقارب 4000 حالة منها ما تم اكتشافه ومنها ما لم يتم اكتشافه بعد.
2- حالات الوكالات العامة التي يجربها الشخص المهاجر في الأغلب لزوجته أو أحد أقربائه حيث يقوم هذا الشخص ببيع كل أملاك المهاجر ويستولي عليها دون أي قدرة من المهاجر على استيفاء حقه نتيجة وجوده خارج سورية إضافة لأن التصرف الذي قام به الوكيل يعتبر ساري المفعول تجاه المهاجر.
3- زيادة غير مسبوقة في حالات الدعارة والدعاوى المتعلقة بها نتيجة حتمية للوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل غياب رب الأسرة.
الوطن