تشهد السوق السورية المحلية ارتفاع يومي في أسعار الخضروات بات يشبه ارتفاع البورصة، ولم يعد يملك السوري أكثر من التندر على هذه الظاهرة بعد أن فقد قدرته الشرائية بسبب الزيادة الكبيرة في الأسعار وبقاء الدخل ثابت، كما شهد القطاع الزراعي خلال الأعوام الخمس الماضية خسارات تجسدت بخروج عدد كبير من الأراضي عن الخدمة بسبب احتراق الأراضي أو هجرة العاملين بتلك الأراضي.
بسام خليل من فلاحي محافظة طرطوس يقول: “نحن منذ أعوام طويلة نتلقى وعود بإقامة مصانع للعصير الطازج للبرتقال والمندريين، لكن القائمين على هذا الموضوع يقومون بتسويفه بسبب الظروف ويتم تأجيله للعام التالي، ويبقى الحل في الأدراج”، أما فراس فلاح من اللاذقية يقول: “نحن بحاجة إلى أكثر من مشروع كي يتم تصريف محصول الحمضيات، ولا نقوم برميه فالتصدير لوحده ليس حل وإقامة مصنع للعصائر الطبيعية وحده ليس حل”.
عدد كبير من الفلاحين كان يعتمد على موسم واحد أو موسمين كي يؤمن التزامات حياته اليومية، لكن تقطع الطرق بين عدد من المحافظات السورية، واحتراق الأراضي وهجرة الفلاحين وأيضاً اغلاق المعابر الحدودية، وغيرها من ظروف مصاحبة للحرب الدائرة أدى إلى تردي المستوى المعيشي للفلاحين، فهل سيؤمن فتح كردور للتصدير بين سورية وروسيا منقذ للفلاح السوري وخاصة فلاحي الحمضيات، حيث قدر إنتاج سورية الأولي هذا الموسم بمليون طن من الحمضيات، أما استهلاك السوق الداخلي في الظروف العادية فقد كان يتراوح بين 400-500 ألف طن، والبقية للسوق الخارجي.
وترى دكتورة الاقتصاد نسرين زريق في تصريح خاص لـ”الاقتصادي” حول تصدير الحمضيات إلى روسيا، أنه من المبكر تقييم نتائج عملية تصدير الحمضيات السورية إلى روسيا، حيث أننا نحتاج إلى عام مالي كامل، كي تكتمل دورة رأس المال المستثمر في هذه العملية، واسترداد القطع الأجنبي والاستفادة منه، وتتابع زريق بأن نجاح أو فشل عملية أو عمليتين للتصدير لا يعد مقياس حقيقي لهذه العملية، مشيرةً إلى أن الفلاح سيلمس نجاح عملية التصدير بعد مرور عام على بداية العملية، لكن زريق لا تعتبر أن تصدير الحمضيات هو المنقذ للفلاح السوري من الوضع السيء للزراعة نتيجة الظروف التي تمر بها سورية.
وقالت زريق: “إن التصدير سيكون بمثابة مساندة للفلاح السوري الذي بات أكثر تحكماً بتسعير منتجاته بعد أن كان ضحية التجار والظروف الكثيرة من تقطع الطرق وارتفاع تكلفة نقل محاصيله إلى الداخل السوري وبالتالي كساده وخسارته، فإذا أدرك الفلاح أن هناك عوامل محيطة به تسعى للإنجاح عملية التصدير فيكون بمقدوره رد جزء من خسارته في الأعوام السابقة، حيث أن رجل الأعمال الذي وقع الإتفاقية لا يملك البساتين وبالتالي سيكون مجبر على التفاوض مع الفلاح الذي صار يبيع محصوله بالقطع الأجنبي وليس بالليرة، كما أن الحكومة السورية ستعمل على أنجاح العملية من أجل تأمين القطع للأجنبي للخزينة”.
وعن إيجابيات تصدير الحمضيات والخضروات بمجملها قالت زريق: “إن الحكومة ستكون قادرة على تأمين قطع أجنبي مما يضمن استمرار في تأمين الرواتب، وسيكون لدينا عمل جديد لعدد كبير من العمال الذين باتوا وبسبب الظروف الحالية عاطلين عن العمل، ثالثاً سيكون هناك تحسن حياة لعدد من الفلاحين الذين تكبدوا في أعوام الحرب خسائر كبيرة”، أما سلبيات التصدير، فأوضحت زريق “سنلحظ ارتفاع أسعار عدد من الخضروات في السوق، وارتفاع الأسعار سيكون تدريجي لكن يمكننا أن نتنبأ بماهية الخضروات التالية التي ستصدر من خلال ارتفاع أسعارها في السوق الداخلية”.
أما على الصعيد الحكومي، صرح مدير مكتب الحمضيات في “وزرارة الزراعة” سهيل حمدان في وقت سابق، أننا نمر هذا الموسم بظروف صعبة، وعليه فإن السوق الداخلية لن تستقبل هذه الكميات بسبب الظروف القاسية التي نمر فيها، كما أضاف حمدان أن الكوريدور البحري الذي فتح الموسم الماضي مع روسيا لم ينجح لأننا حتى اليوم لم نصل إلى الشروط التصديرية الصحيحة، إذ لا توجد شركة مختصة بهذا، وبالنسبة لرئيس “المجلس الأعلى السوري- الروسي” سمير حسن فأوضح بأن التجربة التصديرية للحمضيات إلى روسيا كانت تجربة غير ناجحة، ولابد من تدخل حكومي وفريق حكومي متخصص، ولابد من تدخل “وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة الداخلية” منذ بداية الموسم.