دأبت الحكومة السورية خلال العام وحتى أخر جلسة لها بالحديث عن تحسين المستوى المعاشي للمواطن و العمل على ضبط الأسواق ومكافحة ارتفاع الأسعار، ولكن في واقع الأمر لم يتحقق شيء من كل هذا، بل على العكس كان هنالك "حربا" يخوضها المواطن مع وزاراته في إصدار قرارات رفع الأسعار و التي شملت المواد الأساسية للمواطن وعلى رأسها الخبز والدواء والمحروقات.
ومن أبرز هذه القرارات سلبية على المواطن كان رفع سعر الدواء المحلي بنسبة 50%، وبُرر القرار بأن هنالك أصناف دوائية مقطوعة نتيجة الخسارة في إنتاجها، وتعهدت المعامل بتأمين هذه الأدوية خلال شهر من قرار رفع الأسعار.
وأكد نقيب صيادلة سوريا محمود الحسن أن النقابة كانت تطالب برفع أسعار الدواء بنسبة 25% و للأدوية المقطوعة من أجل تأمينها للمواطن وعدم احتياجه إلى الأدوية المهربة الغير مراقبة والتي سعرها أضعاف الدواء المحلي.
وأضاف الحسن لكن حتى الآن وبعد انتهاء المهلة فلم يكن هنالك توفر لهذه الأدوية، وبالتالي لابد من متابعة الموضوع من قبل وزارة الصحة، ولكن المفارقة كانت بصدور قرار بتخفيض شريحة ربح الصيدلي بنسبة 5% لتزيد من أوضاعه المادية السيئة.
القرار الآخر والذي كان يعد خلال الأعوام الماضية خط أحمر في مجال رفع الأسعار، هو رفع سعر الخبز، حيث دخل حيز الرفع للمرة الثانية، فتم رفع سعر ربطة الخبز من 35 ليرة إلى 50 ليرة، وخفض وزن الربطة لتصبح 7 أرغفة بدل من 8.
وكان المبرر ارتفاع الكلفة بشكل كبير مع ارتفاع سعر الطحين والمازوت، وجاء القرار بعد فترة من حدوث تغير بلون الخبز ونوعيته التي ساءت بعد رفع نسبة الاستخراج من القمح ومع رفع السعر تم تحسين نوعيته لفترة قصيرة ليشعر المواطن بأن الرفع قابله تحسين للخبز، و لكن فيما بعد تراجعت النوعية ليخشى المواطن من التفكير مجدداً برفع السعر.
بالنسبة لرفع أسعار المحروقات، فأصبح الموضوع أمراً اعتيادياً منذ تشكيل لجنة حكومية لتسعيرها وفق الأسعار العالمية، ولكن لازالت وزارة النفط تؤكد أن أسعار المحروقات في سوريا تباع بأقل من الكلفة، وكان آخر رفع لهذه الأسعار في تشرين أول الماضي، وتم بموجبه رفع سعر لتر المازوت إلى 135 ليرة، ورفع سعر أسطوانة الغاز 300 ليرة، لتباع حالياً بسعر 1900 ليرة بحسب السعر الحكومي.
من جهة أخرى لم ترفع الحكومة أسعار مادتي الرز والسكر المقنيين، حيث بقي سعر الكيلو 50 ليرة ولكن من دون توزيع لهما، حيث توقف توزيع الرز منذ بداية العام لتتبعه مادة السكر منذ منتصف العام، ولاتوجد أي بوادر بعودة توزيعها في الفترة المقبلة.
وانعكس هذا الأمر سلباً على أسعار السكر في السوق حيث ارتفع بنسبة 50%، من حدود 150 ليرة إلى نحو 250 ليرة واكتفت مؤسسات التدخل الإيجابي ببيع كميات قليلة بسعر 175 ليرة للكيلو.
إلا أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ورغبة منها في مد المواطن بـ"جرعة أمل" أصدرت قرارا يقضي بتمديد قسيمة السكر رقم 79 حتى نهاية شهر آذار من العام القادم وتوزيع السكر على القسيمة رقم 80 حتى نهاية شهر حزيران من 2016.
كما رفعت الشركة العامة للاتصالات أجور المكالمات الخليوية للخطوط لاحقة ومسبقة الدفع بعد دراسة واقع الأسعار الجديدة مع شركتي الاتصالات الخلوية "سيريتل" و" MTN" .
وحدد سعر المكالمة للدقيقة الواحدة للخطوط لاحقة الدفع من خليوي إلى خليوي بـ6.5 ليرة ومن خليوي إلى خط أرضي بـ9.5 ليرة، أما الخطوط مسبقة الدفع فأصبح سعر المكالمة 9.5 ليرة من خليوي إلى خليوي، وسعر المكالمة للدقيقة الواحدة أيضاً من خليوي إلى أرضي 12 ليرة.
كما أصبحت خدمة الإنترنت بـ6 ليرات لكل 1 ميغابايت وذلك ابتداءاً من نيسان، وبالنسبة للهاتف الثابت فتم رفع سعر الاشتراك الشهري مؤخراً مع تقديم عدد من المكالمات المجانية.
وفيما يتعلق بالسلع المنتجة من قبل شركات القطاع العام، فارتفعت بشكل مستمر مع ارتفاع تكاليفها ومع ذلك فقد وجدت صعوبة كبيرة في منافسة إنتاج القطاع الخاص سواء لجهة السعر أو الجودة أو توفر الإنتاج نتيجة للظروف الصعبة، سواء لوجودها في أماكن ساخنة أو عدم تمكنها من توفير المادة الأولية.
ومن ذلك إنتاج الخيوط القطنية حيث تباع للشركات المحلية بأعلى من السعر العالمي حسب عضو "غرفة صناعة دمشق وريفها" مهند دعدوش، وهذا ينعكس رفع على أسعار الألبسة في الأسواق.
مؤسسات التدخل الإيجابي بقي أداءها متواضعاً، وكان ارتفاع السعر فيها مستمر بشكل دائم، فمعظم المواد المباعة مشتراة من التجار وهم المتحكمين بأسعارها، وحتى السلع التي تم استيرادها عبر الخط الائتماني الإيراني فقد تم رفع أسعارها لأكثر من مرة بموجب توصية صدرت عن اللجنة الاقتصادية ببيع هذه المنتجات بأسعار أقل من السوق بنسبة لاتتجاوز 5% تجنباً للخسارة.
وهذه المواد تشكل الجزء الرئيسي من مبيعات هذه المؤسسات، وتحولت هذه المؤسسات إلى مجرد محلات بيع إضافية وتعتمد بشكل رئيسي في مبيعاتها على المقنن أو قسائم الشراء لموظفي القطاع العام.
وكانت الحكومة أصدرت زيادة على الرواتب بقيمة 2500 ليرة وتبعها فوراً جملة من قرارات رفع الأسعار حملت المواطن أضعاف هذه الزيادة.