تكبد الذهب عام 2015 ثالث خسائره السنوية على التوالي بفعل قوة الدولار والتوقعات برفع أسعار الفائدة الأميركية، حيث أقبل المستثمرون على بيع المعدن الأصفر الذي هبط نحو 10 في المئة هذه السنة بسبب مخاوف من أن يقوض رفع أسعار الفائدة الأميركية من جاذبية الذهب الذي لا يدر فائدة.
وارتفع سعر أونصة الذهب في العقود الفورية 0,1 في المئة إلى 1062,20 دولارا في آخر جلسات التداول لهذه السنة الخميس الفائت، وكان حجم التداول محدودا قبيل عطلة رأس السنة الجديدة.
وكان المعدن الأصفر هوى إلى أدنى مستوى له في نحو ست سنوات عند 1045,85 دولارا في وقت سابق من كانون الأول، فيما قال أحد المتعاملين في الذهب في هونغ كونغ إن المعدن قد يهبط إلى ألف دولار أو أقل العام المقبل لكن ربما يتعافى قليلا في النصف الثاني من العام.
وقد انخفض سعر أونصة الذهب تدريجاً خلال السنوات الثلاث الماضية، من 1654 دولاراً خلال عام 2012 إلى 1201,5 دولار في 31 كانون الأول 2013، ثم إلى 1186,5 دولاراً في 30 كانون الأول 2014، قبل أن يهوي بنهاية عام 2015 إلى 1062,25 دولاراً تقريباً. ويعني هذا المسار أن أونصة الذهب قد فقدت نحو 36 في المئة من قيمتها السوقية خلال 3 أعوام.
ومع أن التوقعات تذهب نحو مزيد من التشاؤم بالنسبة لسوق الذهب العام المقبل، فإن المُحللين المترصّدين لبورصات الأسهم والسندات والعملات والمعادن، ينطلقون من جملة معطيات لا يُمكن اعتبارها مبادئ أو قواعد علمية عامة، نظراً لعدم اتخذاها صفة مستدامة في حقبات مختلفة.
ويندرج الاعتقاد السائد بأنه كلما ارتفع النفط ترتفع أسعار الذهب، والعكس صحيح. لقد ثبُت هذا الاعتقاد في كثير من المرّات، لكن ليس وفق معادلة منطقية يُمكن التأسيس عليها، وهذا ما يجعل الربط النهائي بين حركة السلعتين أمراً «مُربكاً».
ولعل الأقرب إلى الارتباط بحركة الذهب هو الدولار الأميركي، الذي غالباً ما يتناقض مؤشره مع مؤشر الذهب. ففق أواخر عام 2014، حين بدا واضحاً أن العملة الخضراء اتخذت مساراً تصاعدياً بفضل بوادر انتعاش اقتصاد الولايات المتحدة، بدأت قيمة المعادن الثمينة بالانحسار، إلى أن انحدر سعر الذهب والفضة لأدنى مستوى في 4 أعوام، بسبب الصعود القوي للدولار وتلقّيه دعماً مهماً من قرار المركزي الياباني المفاجئ زيادة مشترياته الضخمة من السندات، وهو ما دفع الين للهبوط إلى أدنى مستوى في 7 سنوات أمام العملة الأميركية.
وهكذا لا يمكن للمحلل أو مستثمر أن يكون مصيباً دائماً لدى قراءته اتجاهات أسواق المال على اختلافها، مهما حاول استشرافها والاستدلال عليها من خلال الربط بين حركة منحنيات مختلف السلع والأوراق المالية بما فيها الذهب. وإلا وإلا فكيف يمكن تفسير الأرباح لتي يحصدها مستثمرون على حساب خسائر تصيب آخرين، بالرغم من استعانتهم بشركات سمسرة واستشارات معروفة؟
لكن في مطلق الأحوال، يبقى الذهب معدناً «لامعاً» لا غنى عنه بالنسبة لمعظم المصارف المركزية المتحوّطة من المخاطر، ولكل ثري يُحب المفاخرة بما يملكه من ثروة، كما لكل عروس تتوق للفرح بزينتها يوم زفافها حتى في أكثر الدول فقراً.
ومن بين المعادن النفيسة الاُخرى، أنهت الفضة عام 2015 منخفضة حوالى 11 في المئة، كما خسر البلاتين 27 في المئة مسجلاً أسوأ أداء سنوي له منذ سنة 2008، فيما كان البلاديوم الأسوأ أداء بين المعادن النفيسة حيث تصل خسائره السنوية إلى 31 في المئة. وبلغ سعر أونصة الفضة في أواخر التعاملات الخميس 13,87 دولاراً وارتفع البلاتين 0,72 في المئة إلى 876,3 دولاراً، في حين قفز البلاديوم 1.63 في المئة إلى 550,4 دولارا.