بعد التوتر الكبير الذي طرأ على العلاقات السعودية – الايرانية بعد اعدام نمر النمر، وردّات الفعل الايرانية سياسيا من خلال التصريحات و ميدانيا بالاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في ايران، لا تزال اسعار النفط العالمية مستقرة عند أدنى مستوياتها، بل سجل النفط اليوم ادنى سعر له منذ 2011 في وقت ينبغي ان تسجل الاسعار ارتفاعا تدريجيا بسبب الخلافات بين اثنتين من اكبر الدول المنتجة للنفط. فما هو السبب؟
يرى مختصون بأوضاع الأسواق النفطية أن الأزمة نفسها لو اندلعت قبل أعوام لكانت كفيلة برفع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، ولكن هذا السيناريو لم يحصل، فسعر البرميل لم يتجاوز الاثنين حاجز 38 دولارا، قبل أن يعود لينخفض مجددا إلى 36 دولارا.
وتمتلك السعودية مع إيران مخزونات نفطية تصل إلى 400 مليار برميل، ومعظم الكميات موجودة في حقول قريبة من مضيق هرمز الذي يمكن لأي مواجهة بينهما أن تؤدي إلى تعطيل الملاحة فيه وقطع إمدادات نفطية تقدر بـ17 مليون برميل يوميا عن الأسواق العالمية، ما يعني أن المواجهة الكلامية بين البلدين يفترض أن تشعل قلق الأسواق العالمية.
وقال فيديل غيط، كبير محللي النفط والغاز في مؤسسة "أوبنهايمر" لـcnn : "لا يمكن تحمل حصول ما يعطل إمدادات النفط والغاز في هذا الجزء من العالم.. في حال حصول مواجهة عسكرية فعلية فالأسعار قد تصل إلى 200 دولار للبرميل.
ويرى محللون أن هناك أكثر من سبب لثبات الأسعار وعدم تأثرها بما يحصل، بينها أولا وجود اعتقاد واسع لدى الأسواق العالمية بأن المواجهة بين البلدين لن تصل أبدا إلى مستوى الصراع العسكري المباشر، إلى جانب معطى أساسي آخر يتمثل في شعور الأسواق بوجود بدائل تتمثل في كميات النفط الصخري الهائلة المنتجة بأمريكا والغرب، إلى جانب كثرة المعروض من النفط في الأسواق بظل رفض أوبك خفض إنتاجها.
ويشرح ماثيو سميث، مدير قسم أبحاث السلع الرئيسية في مؤسسة "كليبر داتا" أهمية هذه العوامل بالقول: "كان يمكن للأسعار أن ترتفع إلى أقصى حد لولا مشكلة وجود كميات إضافية كبيرة في الأسواق تعمل كمظلة أمان لها."
وفي السياق عينه، يرى بعض الخبراء أن الأزمة الحالية بين السعودية وإيران قد تساعد خلال الفترة المقبلة على تدهور أسعار النفط بشكل أكبر، إذ أن الصراع الحالي سيبدد أي فرصة قائمة لحصول اتفاق بين البلدين ضمن منظمة أوبك على خفض الانتاج، ما يعني أن الكميات الكبيرة التي تنتجها دول المنظمة ستبقى كما هي، بالإضافة إلى توقع زيادة إيران لصادراتها النفطية بعد الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى.