أدت الحرب في سورية إلى تدمير وتخريب معظم المعامل والورشات المهنية المنتجة للألبان والأجبان، ما أدى إلى خروج 250 معمل وورشة من أصل 300 معمل من الخدمة في دمشق وريفها، إضافة إلى صعوبة تأمين ونقل مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليفها وانقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة وارتفاع أسعار المحروقات وعدم توافر المياه بالشكل المطلوب لهذه الصناعة، والأهم من ذلك كله نقص مادة الحليب الناتج عنها مادة الألبان والأجبان والسمون نتيجة انخفاض أعداد الثروة الحيوانية إلى 30%، حيث يصل مجموع الإنتاج المتوقع خلال الموسم الحالي من الحليب إلى 1722142 طناً من الحليب.
وكانت "وزارة الزراعة" من اتخذت حزمة من الإجراءات للحد من الآثار السلبية التي تعوق زيادة الإنتاج بإعفاء الأبقار المستوردة من الرسوم الجمركية بهدف التربية والإنتاج واستوردت مؤخراً400 رأس من أبقار الحلوب لزيادة الإنتاج وتوزيعها على المربين بأقساط مريحة عن طريق المصارف الزراعية مع الاستمرار في دعم أسعار مبيع الأعلاف وفتح دورات علفية ووقف ضريبة الضميمة المفروضة على استيراد الذرة والشعير والتنسيق مع "وزارة النفط والثروة المعدنية" لتأمين مادة المحروقات ومتابعة العمل في مجال تقدير الأضرار الناجمة عن الأعمال الإرهابية وتسهيل عملية الحصول على التعويض وزراعة وإنتاج الغراس الرعوية وإجراء البحوث العلمية لزيادة كمية الوحدة الإنتاجية للرأس الواحد من الأغنام إلى 254 كغ في الموسم وللماعز إلى 2,25 كغ في اليوم وللأبقار إلى 5 أطنان في الموسم وإجراء التحصينات الوقائية من الأمراض وإيصال وتوزيع اللقاحات البيطرية ومستلزمات التلقيح الاصطناعي والرعاية التناسلية للمربين والتركيز على تأسيس نوعية قطعان محسنة وزيادة توعية المربين وتقديم الدعم والخبرة اللازمة ومنح القروض اللازمة للتربية والإنتاج. تنتشر في أسواق وأرصفة مدينة دمشق ظاهرة بيع مشتقات الحليب المكشوفة من الألبان والأجبان غير معروفة المصدر والصلاحية وتباع للمستهلك من دون رقابة ما ينجم عنها نتائج صحية ضارة وهي عرضة للحشرات والملوثات المختلفة من المؤثرات المحيطة بها بعيداً عن أي إجراءات صحية ورقابية.
المواطن أبو سليم موظف قال: صحيح اننا نشعر بمعاناة مربي الثروة الحيوانية وارتفاع مستلزمات تكاليف الإنتاج التي ترهق المربين وأصحاب المنشآت الحرفية المنتجة لمشتقات الحليب لكن ذلك يضطرنا كمستهلكين إلى أن ندفع فاتورة هذا الغلاء وتحمل ناره الكاوية نظراً لضرورة تأمين المادة الغذائية من الألبان لإطعام أطفالنا وأسرنا وبشكل يومي بعد انتهاء دوامي أتجول في الأسواق والمحلات للبحث عن أنواع رخيصة من الألبان لشراء كمية قليلة منها، وأجد نفسي مضطراً للإقبال على شراء اللبنة المجانسة المتوافرة بغزارة في الأسواق بأسعار أقل بكثير من أسعار اللبنة الناتجة عن الحليب الصافي رغم معرفتي بأن اللبنة المجانسة لا تحتوي على كمية الدسم المطلوبة اللازمة لتغذية الإنسان لكنها على الأقل تسد جوع أطفالي من دون وقوع أي ضرر صحي منها. وقالت المواطنة أم مأمون: بات شراء كمية قليلة من الجبنة أحد أحلام أطفالي عندما يشاهدونها في الأسواق والمحلات نظراً لارتفاع أسعارها وعدم قدرتنا الشرائية لها لأنني فقيرة وأعيل أسرة مستهلكة من خمسة أطفال وأستطيع بسعر الكغ من الجبنة شراء ما يسد حاجة أسرتي مدة أسبوع من اللبنة المجانسة.
طارق الحسن طالب جامعي قال: عند الصباح تقوم والدتي بإعداد طعام الفطور لي وللأسرة وتكون مادة اللبنة والزيتون هي الأساسية دائماً على مائدة الإفطار لهذا عندما أشاهد العدد الكبير من الباعة الجوالين للألبان والأجبان بشكل مكشوف على البسطات وبلاط الأرصفة يؤلمني أن أغذية الطبقة الفقيرة من أمثالنا لا يراعى فيها أبسط أنواع الرقابة الصحية ومعرفة مصدرها وتأثيرها في صحة الفقراء من المواطنين، وبدوري أطالب الجهات المعنية بحماية المستهلك والصحة بإجراء عملية تنظيم وضبط بيع هذه المادة الغذائية الضرورية واللازمة للإنسان وتخصيص أماكن آمنة ونظيفة لبيع المادة بعيداً عن الملوثات المحيطة بها المتعددة المصادر.