لعل من أشهر مشاريع الدمج المتوقفة في مؤسسات القطاع العام هو مشروع دمج المؤسسة العامة للخزن والتسويق وقرينتها الاستهلاكية وثالثتهما سندس، وهو مشروع طُرح وغاب ولم يعد من حديث حوله، وحول هذه المسألة وفي تصريح لـ«الوطن»، قال وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد نضال الشعار إن مشروع دمج المؤسسات الثلاث ما زال قائماً، ولكن يجب أولاً تنقية هذه المؤسسات مما علق بها وبأدائها من شوائب قبل دمجها، وبعبارة أخرى يجب العمل على شفائها من أمراضها قبل دمجها، حتى لا يكون الكيان الجديد مريضاً قبل ولادته، أما عن أبرز النقاط التي تعمل عليها الوزارة لتنقية هذه المؤسسات، بالنظر إلى الأداء الجيد الذي حققته مؤسسة الخزن والتسويق خلال الأزمة، وتدخلها الإيجابي في الأسواق، أوضح وزير الاقتصاد والتجارة أن ليس كل المؤسسات تعمل بالشكل الأمثل، وليس كلها فعالاً بالطريقة التي نطمح إليها، على الرغم من أن أداء بعضها ممتاز، ولكن بعضها يحمل تركة ثقيلة وتراكمات كبيرة من الفترات السابقة، ومن ثم يهم الوزارة قبل أن تنفذ الدمج أن تقوم بعض السلوكيات، وتستبعد مواطن الخطأ، حتى يكون الدمج للجانب الصحي مع الصحي، وليس دمج الجانب المريض مع المريض.
وزير الاقتصاد أوضح في حديثه لـ«الوطن» أن شفاء بعض هذه المؤسسات مما علق بها من أمراض، فبعض الجوانب في عملها منعها من الوصول إلى الهدف الأمثل المحدد لها، مبيناً أن هذه الفكرة لا تعمم على المؤسسات الثلاث، لأن إحداها ارتقت بعملها فوق مستوى قدراتها وإمكانياتها، وهي مؤسسة الخزن والتسويق التي كان دورها إيجابياً جداً خلال فترة الأزمة، حيث حققت معادلة التدخل الإيجابي في أسواق الغذائيات والمواد الاستهلاكية المنزلية، وأوجدت منفذاً حقيقياً للمواطن في تأمين غذائه وحاجياته من خلال صالاتها، التي استمرت بالعمل وتأمين هذه المواد في أحلك الظروف، ولم تغلق أبوابها أو تقطع ضخ المواد إلى صالاتها في أكثر المناطق سخونة خلال الفترة الماضية.
وحول ما طرحه البعض من حاجة الدمج إلى التمويل بكتلة مالية ضخمة والقنوات المقترحة لهذا التمويل عن طريق المصارف مثلاً، قال المدير العام للمصرف التجاري السوري أحمد دياب إن هذه المؤسسات لديها حجم تدفق نقدي كبير، وطبيعة عملها وتأمين مستلزماتها تتطلب كتلاً مالية كبيرة وتمويلاً بنسب عالية، لأن حجم مستورداتها كبير جداً وتساهم في تأمينها للمواطن، وبالأخص مؤسسة الخزن والتسويق التي تستورد المواد بكميات كبيرة وقيم كبيرة، مبدياً استعداد المصرف التجاري السوري لتمويل هذه المؤسسات في حال وجود طلب تسليفي، ولاسيما أن دورها مهم جداً في تأمين المواد المدعومة للمواطنين، وحسب رؤية وزارة الاقتصاد والتجارة، فإن دمج المؤسسات الثلاث من شأنه خلق كيان اقتصادي محلي قادر على القيام بأعباء الأسواق وتلبية الحاجات المتزايدة للمواطنين، بحيث يكون للمؤسسة الجديدة ذراع تنفيذية للأغذية بمختلف أنواعها، وذراع أخرى للاستهلاكيات من أدوات منزلية وما شابه، وثالثة للألبسة والأقمشة والنسيج، على أن تسير هذه الأذرع الثلاث وتعمل بطريقة متكاملة وفقاً لخطة موحدة تخلق هذا التكامل، بما يتجاوز التعارض والتداخل الذي ينشأ حالياً في عمل هذه المؤسسات منفردة، وصولاً إلى مرحلة يكون فيها هذا الكيان الاقتصادي الجديد قادراً على إحداث فارق حقيقي في مجال التدخل الإيجابي والمنافسة، من باب القدرة والتنوع، وليس من باب الحصرية أو الحماية.