أوضحت "وزيرة الدولة لشؤون البيئة" الدكتور "نظيرة سركيس" أن الأزمة ألقت آثاراً سلبية جداً على جميع عناصر البيئة، الأمر الذي انعكس على القطاع الاقتصادي والصحي والسياحي والزراعي، مبينة أنه كان لمدينة دمشق الأثر الأكبر من تلوث الهواء بسبب الأزمة، حيث زادت الكثافة السكانية في دمشق بشكل ملحوظ مما أدى إلى ارتفاع في وتيرة استهلاك الوقود، وزيادة عدد الآليات التي انتقلت من المناطق الساخنة إلى المدينة، وزيادة الطلب على وسائط النقل، مما يسبب الازدحامات والاختناقات المرورية وتكرار توقف السيارات، كما أن عدم خضوع المركبات - ولاسيما باصات النقل الداخلي- للفحص الدوري وقياس غازات العادم وضبطها سبباً مهماً في زيادة الانبعاثات داخل المدينة.
وبينت وزيرة البيئة أن ضرورات تقنين التغذية الكهربائية الذي فرضته الأزمة أيضاً دفع شريحة كبيرة من المواطنين وأصحاب الفعاليات التجارية والاقتصادية لاستخدام المولدات الكهربائية بدون ضوابط والتي تسبب تلوثاً بالضجيج إضافة إلى انبعاث الغازات السامة.
وأشارت د. سركيس إلى أنه في قطاع النفايات لوحظ ارتفاع وتيرة الحرق العشوائي للنفايات الأمر الذي يعد بالغ الخطورة، ويؤدي إلى انبعاثاث خطيرة ويوصف بعضها بأنه مسرطن كالديوكسينات، وساهم في ذلك زيادة كمية النفايات في الأماكن الأكثر أمناً، واختلال مواعيد جمع النفايات، وعدم إمكانية جمع النفايات في كثير من المناطق، وعدم إمكانية الوصول إلى أماكن الرمي النظامية، وتوقف العمل في أعمال إنشاء محطات النقل والمعالجة والمطامر.
موضحة أن الأسباب السابقة الذكر تؤدي إلى ارتفاع في تراكيز الملوثات ذات الآثار السلبية على الصحة العامة وعلى المنظومة البيئية، مثل ثاني أوكسيد الكبريت (SO ) - وأكاسيد النتروجين (NOX) - وأول أكسيد الكربون (CO) - والمركبات الهدروجينية المختلفة إضافةً إلى الرصاص والعوالق التنفسية (PM10).
واستعرضت د. سركيس أهم الآثار الصحية للملوثات، حيث تكمن خطورة العوالق الهوائية في كونها تخترق الدفاعات التنفسية، وتكون محملة بالمواد السامة وأحياناً المعادن الثقيلة، ويؤثر ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت على الجهاز التنفسي ويسبب التهاباً في القصبة الهوائية وضيق التنفس، وقد يؤدي إلى تشنج مفاجئ واختناق، كما يؤدي إلى التصلب الرئوي.
كما يؤدي غاز ثاني أكسيد النيتروجين إلى تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية ويسبب أضراراً في الرئة. وتتمثل خطورة ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون في كونه يحرم الجسم من الحصول على الأكسجين نتيجة اتحاده مع هيموجلوبين الدم، كما أن تجاوز الضجيج للمعايير المسموحة يؤثر على الصحة النفسية والعصبية للإنسان ويسبب الضيق والقلق.
وأوضحت سركيس أن الوزارة عملت على تأمين محطات قياس ملوثات الهواء في أغلب المحافظات السورية وتشغيلها، لمراقبة التراكيز اليومية للملوثات وتغيراتها، غير أن الأزمة الراهنة حالت دون استثمار تلك المحطات بشكل كامل، وتدمير بعضها، كما منع الحصار الاقتصادي الظالم تأمين الغازات العيارية اللازمة لعمل تلك المحطات، كما تسعى الوزارة بالتنسيق مع وزارات الدولة لتخفيض مستوى التلوث الحاصل من خلال مجموعة من الإجراءات، حيث اعتُمدت مصفوفة مشاريع محددة ببرنامج زمني ومادي تضمن تحسين نوعية الهواء من قبل الوزارات المختلفة في مرحلة إعادة الإعمار لدى توفر المناخ المناسب للتنفيذ.
وتتضمن المصفوفة مشاريع توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقات النظيفة، مشاريع تربية وتنمية الغابات وحمايتها من الحرائق، تحسين نوعية الوقود، وتخفيض التلوث الناجم عن عمليات التكرير، وتخفيف التلوث الناجم عن المنشآت الصناعية المختلفة، وتنفيذ المساحات الخضراء داخل المدن إضافة إلى تفعيل مشروع استبدال السيارات القديمة، وتحديث وصيانة مسارب الفحص الفني للمركبات، وكل تلك المشاريع المذكورة كفيلة بتخفيف التلوث وتحسين نوعية الهواء.