كشف "سامر جنُّود" رئيس قسم العمليات في مفوضية الحكومة لدى المصارف، أن نسبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الملتزمة بتسديد ما عليها من التزامات مالية ومديونية في سورية، تتجاوز الـ95%، بينما المشاريع التجارية والكبيرة وفوق الكبيرة لا يتعدى مستوى التزامها بالتسديد نسبة 15- 20% وفي أقصى الحالات 30%.
وأكد خلال مداخلة له في ندوة “دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة” التي عقدتها غرفة تجارة دمشق ووزارة الاقتصاد في إطار فعالية “الأربعاء التجاري- لقاء مع مسؤول” كممثل لمصرف سورية المركزي مؤخراً، أن تلك النسب هي حسب الإحصائيات الموجودة في سورية وخارجها. واللافت أن كشف هذا كان في سياق النقد الموجّه إلى المصرف فيما يخص تعاطيه مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لناحية اعتماده في ذلك على تعاريف خاصة به تحكم آليات تعامله مع تلك المشاريع، لافتاً إلى جملة من القضايا لم تكن معروفة لنا كإعلاميين ولا حتى للمعنيين في هذا الأمر من جهات عامة وخاصة، ومنها أن قرار مجلس النقد والتسليف الصادر في عام 2009 بخصوص ما يجب على المصارف الخاصة عمله فيما يخص هذا النوع من المشاريع، كان بغاية تحفيز المصارف من خلال إعطائها ميزة وهي “تخفيض الاحتياطي على الودائع” مقابل المساهمة في عمليات تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولكن يبدو أن لها رأياً آخر..
تعريفان
وأوضح جنّود أن المركزي استند إلى تعريفين داخليين في عام 2009، وهما تعريف هيئة التشغيل سابقاً وتعريف المركزي نفسه، وليس استناداً إلى تجارب خارجية، مبيّناً أن المشروع الصغير بالنسبة لعدد العمالة هو 50 عاملاً فما دون، والمتوسط ما بين 50 و250 عاملاً، وفوق الـ 250 عاملاً هو مشروع كبير، علماً -والكلام لجنُّود– أن البنك الدولي يعتمد معيار ما بين 50 وما دون للصغيرة، و50 و150 عاملاً للمتوسطة.
ضمان متكامل
وفيما يخصّ القانون رقم 12 الذي صدر حديثاً المتعلق بمؤسسة ضمان المخاطر لقروض تلك المشاريع، أكد ممثل المركزي أنه يأتي كلاً متكاملاً لعمل الجهات المعنية وهي المركزي ووزارة الاقتصاد، وبمشاركة غرفة تجارة دمشق بشكل جزئي، وقد أخذت الوزارة على عاتقها كل الأمر مع بقية الوزارات والجهات المعنية في موضوع المشاريع المتوسطة والصغيرة، مبيّناً أن المبدأ العام يقول: إن مؤسسة ضمان المخاطر تضمن نحو 75% من كتلة الدين المطلوب تمويلها، كاشفاً عن احتمال أن تتحمّل مؤسسة ضمان المخاطر السورية ما بين 60- 75%.
أما المبدأ الآخر فيقول: إنه كان من المفترض أن تكون مؤسسة ضمان المخاطر برأسمال كبير، كي تخفّف ولو قليلاً من الأعباء المالية على الحكومة، ولذلك تم التوجّه إلى المصارف للمساهمة في التمويل، علماً أنه أمر ليس حصراً عليها فالأمر متاح لغرف التجارة واتحاد المصدّرين والهيئات العامة.
تعدّد المعايير
كما كشف عن أن الإقلاع بعمل مؤسسة ضمان المخاطر قد بات قريباً جداً، لافتاً إلى ضرورة وأهمية التفريق عند التعاطي تمويلاً ودعماً، بين المشاريع القائمة والتي ستُحدث قريباً تحت مسمّى المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ورأى جنُّود ضرورة أن يراعي التعريف العتيد للمشاريع أكثر من معيار لها، وعدم الاكتفاء بمعيار العمالة أو رأس المال أو حجم الإيرادات، بل أن يكون معياراً متوازناً بين تلك المعايير الثلاثة، إضافة إلى ضرورة وجود معايير انتقائية، فمثلاً قد يلتزم صاحب مشروع بمعيار العمالة ولكنه لا يستطيع الالتزام بمعيار رأس المال، لافتاً إلى أن هناك مسألة واجهتهم في مجلس النقد والتسليف تمثلت بعدد العمال، فإذا كان عددهم في مشروع متناهي الصغر 9 عمال فما دون، فالسؤال الذي يُطرح مباشرة: هل هؤلاء العمال مسجّلون بالتأمينات، وعليه إن أراد صاحب المشروع تسجيلهم فهذا يعني إلغاء المشروع من أصله، فتسجيلهم تترتّب عليه تكاليف معينة والتزامات أخرى، وخاصة عندما يحتاج المشروع إلى عمالة مؤقتة أو موسمية، وهذا الأمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وفي هذا الشأن يؤكد جنُّود أن الشركات الحالية القائمة في سورية لم تسجّل سوى 10% من عمالها في التأمينات الاجتماعية و90% غير مسجّلين.
دعم الفوائد
وفيما يتعلق بآلية الدعم، السؤال الذي يُطرح في هذا المجال هو: هل ستقدّم الحكومة دعماً بالفوائد، أي أن تتحمّل جزءاً من الفوائد التي سيدفعها المشروع الصغير، وهناك نقطة أخيرة تتمثل بدور المجتمع المحلي والبلديات وهذا الدور من الخطأ التهاون فيه أو إهماله، وإلاَّ فلن ينجح ما اجتهدنا لأجله..!.
نقطة ساخنة
نحن نقدّر ونفهم تحوّط المصارف العامة والخاصة تحديداً من عامل المخاطرة، ومبدأ رأس المال الجبان، ولكن حين تعترف المصارف بفائض سيولة مقابل تذمّرها من “قلة أعمال”، ألا يحقّ لنا أن نقول: إن مساهمة ومشاركة المصارف بتمويل ودعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، المؤكد ريادته الاقتصادية ودوره المهم تنموياً واجتماعياً وتشغيلياً في كل دول العالم دون استثناء، هو دعم للمصارف نفسها، إذ إن انطلاق هذا القطاع ونجاحه يعني حكماً خدمات مصرفية ومحافظ استثمارية واعدة غاية في الأهمية، وهي ذاتها أسّ العمل المصرفي وسرّ استدامته وتطوّره.