يبيّن الدكتور "سنجار طعمة" معاون مدير "المركز الوطني لبحوث الطاقة" في "وزارة الكهرباء" أن استهلاك الطاقة الذي يتسبّب في ارتفاع فاتورة الاستهلاك له ارتباط وثيق بانتشار ظاهرة المباني المريضة لاعتمادها على أجهزة التكييف الاصطناعية وإهمال التهوية الطبيعية في ظل تزايد الطلب على المباني في سورية نتيجة معدل النموّ السكاني المرتفع.
ويرى طعمة أن العقارات التي تشكّل وسيلة للادخار إلى جانب أنها مشروع استثماري، أنتجت ظاهرة الأبنية المريضة المستنزفة للطاقة الكهربائية بشكل كبير ما أدّى إلى ضخ الكثير من الاستثمارات في المباني الحديثة وابتعاد صناعة البناء عن مفاهيم وممارسات الاستدامة والعمارة الخضراء، ولاسيما أن توفر موارد الطاقة سابقاً ودعم الحكومة شكلا تشجيعاً لعدم العمل على إنشاء أبنية كفؤة طاقياً، مشيراً إلى أن وضع الطاقة المستقبلي في سورية من المصادر المتوقع استثمارها، لذا يجب أن يلتزم كل المعنيين بهذا القطاع، وحسب قانون الحفاظ على الطاقة بتطبيق معايير العمارة الخضراء وخاصة لجهة تطبيق العزل الحراري والاستفادة من تطبيقات الطاقات المتجدّدة مثل تسخين المياه بالطاقة الشمسية أو توليد الكهرباء من الخلايا الكهروضوئية بالتعاون مع المعماريين والمهندسين المؤهّلين في هذا المجال، وهو ما يقود إلى إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات البيئية والاقتصادية والوظيفية للمباني الحديثة.
المباني المستدامة ليست ترفاً أكاديمياً -يقول طعمة- ولا توجّهاً نظرياً أو أمانيّ وأحلاماً لا مكان لها من الواقع، بل تمثّل توجّهاً تطبيقياً عالمياً وممارسة مهنية واعية بدأت تتشكّل ملامحها وأبعادها بشكل كبير في أوساط المعماريين والمهندسين المعنيين بقطاعات البناء في الدول الصناعية المتقدمة، وقطعت أشواطاً طويلة في ظل التزايد الملحوظ والإقبال على هذا التوجّه من العامة والاهتمام المتواصل من المهنيين أنفسهم، مشيراً في هذا السياق إلى دور المعماريين والمهندسين في توطين هذه التقنيات وتأصيلها كممارسات مهنية أثناء تصميم مشاريع المباني والإشراف على تنفيذها، ما يتطلب الاهتمام بالتعليم المعماري والهندسي في الجامعات بحيث تصبح كليات العمارة والهندسة “حاضنة” لتوجّه العمارة الخضراء والمباني المستدامة.