فرضت "وزارة النقل" أول عقوبة بحق إحدى شركات الطيران الخاصة المخالفة لتعاميم المؤسسة العامة للطيران المدني، إذ أصدرت الوزارة أمس قراراً يقضي بتعليق شهادة المشغّل الجوي لشركة أجنحة الشام مدة 30 يوماً مع إيقاف كل أعمال الشحن للبضائع من مقصورة الركاب، وإيقاف كابتن الطائرة ومساعده وبقية أفراد الركب الطائر من مهندسين وفنيين عن التحليق مدة 90 يوماً.
وأوضح مدير عام المؤسسة العامة للطيران المدني المهندس إياد زيدان أن سبب العقوبة هو وجود حمولة زائدة على متن الطائرة العائدة للمشغل الجوي أجنحة الشام، وعلى أثر ذلك تم تشكيل لجنة تحقيق من المؤسسة والوزارة وبعض الخبراء والفنيين للتقصّي وتحديد المسؤولية.
تحقيق
مصادر في الوزارة بيّنت أن اللجنة الخاصة بالتحقيق خلصت إلى أن حجم الحمولة الزائدة قدّر بـ13 طناً، وحسب التقرير الذي أعدّته اللجنة عن الحادث فإن ما تم تحميله في الطائرة قدّر بـ28.825 طناً، في حين أن الوزن الأعظمي المتاح هو 15.665 طناً وهو الرقم المسموح به بموجب الشركة الصانعة، ما جعل جناح الطائرة يصطدم عند الإقلاع بالمدرج وبالتالي إلغاء الرحلة التي لو تيسّر الإقلاع لها لتسبّبت بكارثة كبيرة أثناء الهبوط.
من جانبه يرى المدير الفني في المؤسسة المهندس يوسف الحوش أن سوء توزيع الحمولة الموجودة في الطائرة فضلاً عن الحمولة الزائدة الموجودة أصلاً، أدّى إلى اختلال في مركز الثقل لدى الطائرة الأمر الذي أدّى إلى اصطدام جناح الطائرة بالأرض أثناء الإقلاع، موضحاً أنه تم إصلاح أعطال الطائرة مباشرة.
مسؤولية
بدوره حمّل خبير الطيران المهندس وليد شعبان مسؤولية الحادث لمسؤول العمليات الأرضية والجوية، حيث إن الأرضية مسؤولة عن تحديد الوزن والحدود المسموح بها، والجوية مسؤولة عن كشف الحمولة المقدّم ضمن بيانات واضحة، مبيّناً أنه يجب أخذ وزن الإقلاع الكامل المحدّد من الدليل الفني للطائرة، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق تحدّد المشكلة وتقترح الإجراءات المناسبة لعدم تكرار تلك الأخطاء مع ضرورة التقيّد بدليل الطائرة حسب الأوزان والحمولات.
إبداء الأسف
المدير التجاري "لشركة أجنحة الشام" الخاصة "نزار سليمان" أبدى أسفه للحادث واكتفى بالقول: إن المتضرّر من وراء العقوبة بتعليق شهادة المشغّل هو المواطن السوري بالمقام الأول وما يلحق بالشركة من سمعة سلبية، وإن لدى الشركة برنامج رحلات خلال الشهر الحالي والتزامات عديدة، مبيّناً أن الشركة تعتبر نفسها الرديف الرئيسي للشركة الأم السورية للطيران، ومشدّداً على التزام طائرات الشركة بالمعايير الدولية للأمن والسلامة وتقديم أعلى مستويات الخدمة التي تليق بالمسافرين، مشيراً إلى أهمية دعم قطاع النقل الجوي الخاص بشتى الوسائل لأن القضية ليست استثمارية بل قضية وطنية بامتياز في ظل هذه الظروف الصعبة…!.
درس وعبرة
هذه الحادثة تستوجب الوقوف على مخالفات وتجاوزات المشغّل الجوي الخاص الذي أصبح يسرح ويمرح دون أدنى محاسبة أو رقيب، بدليل أن المشغّلين الجويين لم يتعرّضوا إلى عقوبات منذ بدء عملهم حتى الآن رغم كثرة المخالفات المثيرة للريبة والدهشة؟ وتبقى الأمثلة حاضرة فيما طرحناه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر احتكار المحطات الخارجية وكسر أسعار تذاكر رحلاتها، والاستيلاء على خطوط يعمل عليها المشغّل الجوي الوطني الأم “السورية للطيران” يضاف إليها عدم الالتزام الكامل والتهاون بدفع بدلات الخدمات المقدّمة لها في المطارات فضلاً عن المخالفات الإدارية والقانونية..!.
ويؤكد مصدر مطلع في المؤسسة العامة للطيران المدني أن بعض المشغلين الجويين الخاصين يعملون على عقد اتفاقيات وإجراء بعض الترتيبات التي تتعلق بالنقل الجوي التجاري مع بعض الجهات الخارجية، وهذا يعتبر مخالفة حسب قانون الطيران المدني، المصدر بيّن أن ذلك يجب أن يتم عن طريق المؤسسة العامة للطيران المدني وبالتنسيق مع الناقل الوطني الأم…!. وأضاف المصدر: إن ضوابط العمل للمشغّل الجوي الخاص لم تمنعه من العمل على الخطوط نفسها التي تعمل عليها السورية للطيران، معتبراً أنه يفترض بالمشغّل الخاص -وفق أدبيات العمل- العمل على فتح خطوط جديدة لا أن يعمل على الخطوط نفسها التي يعمل عليها الناقل الوطني الأم..!.
محطّ رهان
ويبقى الرهان قائماً على مشروع مرسوم خاص بتطوير وتحرير النقل الجوي، وما يعوّل عليه من تنظيم وضبط للمخالفات المحتملة من الشركات الخاصة، وحسب المعلومات الواردة إلينا فإن الوزارة شارفت على وضع اللمسات الأخيرة لمشروع المرسوم ضمن إطار إعادة هيكلة مؤسستي الطيران المدني والسورية للطيران، وبيّن المصدر أن مشروع المرسوم أو القانون المزمع إصداره يتألف من سبع مواد رئيسية تتلخص المادة الأولى منه في السماح بترخيص شركات خاصة للنقل الجوي المنتظم الداخلي والخارجي وفقاً لأحكام قانون الطيران المدني رقم 6 لعام 2004، ويحق لهذه الشركات -إضافة إلى نقل الركاب والشحن- القيام بخدمات الإطعام، والخدمات الفنية، والخدمات الأرضية، والشحن الجوي، والتدريب، وغير ذلك من خدمات أخرى، بينما تأتي المادة الثانية منه لتحدّد تولي وزارة النقل إنجاز كل مشاريع الصكوك التشريعية اللازمة لإعادة هيكلة قطاع النقل الجوي بما يضمن منح المرونة للناقل الوطني الحكومي لإنجاز أعماله، وتحويل المؤسسة العامة للطيران المدني إلى هيئة ذات طابع إداري تُعنى بسلطة وسلامة الطيران، والحركة الجوية والضابطة الجوية، وإحداث مؤسسة ذات طابع اقتصادي لإنشاء وإدارة وتشغيل المطارات خلال سنة من تاريخ نفاذ هذا المرسوم.
وتبقى إشارات الاستفهام موجودة وقائمة ما دام المشغّل الجوي لم يتقيّد بالضوابط والأسس التي تم على أساسها الترخيص والسماح له بالعمل، وهنا نشير إلى أن تاريخ الطيران المدني السوري كان ولا يزال مضرب مثل على المستوى العالمي لأنه لم يتعرّض لأي حادث كان، ويفترض بالشركات الخاصة أن تضع هذا الأمر نصب أعينها ليبقى قطاعنا الجوي يتصدّر قائمة الأمان في رحلاته..!.
المصدر: صحيفة "البعث"