يراوح سعر برميل النفط في هذه الأيام حول 50 دولارا أو أقل بقليل، ويبدو أنه قد يستقر عند هذا السعر لبعض الوقت، ولكن، ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة إلى كل من المنتجين وشركات الطاقة والاقتصاد العالمي والمستهلك العادي؟
تتجه أغلب الدول المصدرة للنفط، التي تعتمد على عائدات الخام كمصدر دخل رئيسي، إلى وضع ميزانياتها على أساس سعر للنفط أقل من سعر السوق في أيام الرخاء.
على سبيل المثال، عندما ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في النصف الأول من عام 2014، كانت الدول المصدرة تضع ميزانياتها على أساس سعر يتراوح بين 40 و70 دولارا للبرميل.
وبالتالي فإن استقرار سعر البرميل عند 50 دولارا يعتبر جيدا لكل من المنتجين والمصدرين على السواء.
ربما لن يجعل هذا السعر كثيرا من الدول تعود للادخار، أو حتى لتخفيف سياساتها التقشفية التي بدأتها، لكنه سيوقف "نزيف" الخسائر، فتساعد إجراءات التقشف في احتمال انطلاقة اقتصادية جيدة في تلك الدول.
الجدير بالذكر أنه انهيار الأسعار بنسبة الثلثين تقريبا، منذ يونيو 2014 حتى فبراير 2016، أدى إلى خسائر تقدر بنحو 20 في المئة من ثروات كبار المنتجين والمصدرين.
ومع أن مستوى السعر عند 50 دولارا قد لا يعوض تلك الخسائر، فإن استمرار الأسعار عند 30 دولارا كان سيزيد بالتأكيد الخسائر بنهاية العام إلى نحو 30 في المئة أو أكثر من ثروة تلك البلاد.
أدى انهيار الأسعار على مدى نحو عامين إلى تراجع الاستثمارات في كافة جوانب قطاع الطاقة، وتسريح الشركات للعمالة وتوقف أو تأجيل نحو 60 في المئة من مشروعات الاستكشاف والانتاج، وزادت ديون شركات الطاقة، خلال هذه الفترة، بنحو نصف تريليون دولار أو أكثر.
وهكذا، فإن مستوى سعر برميل النفط عند 50 دولارا سوف يعمل على وقف نزيف خسائر الشركات ويمنع كذلك توقف مشروعات أخرى.
على أي حال، قد لا تتحول شركات الطاقة إلى الربحية، لكنها سوف تتمكن من الاستمرار في العمل، بل ربما تزيد من طاقة انتاجها نسبيا.
الأهم هنا هو شركات النفط الصخري، التي بدأت ترجع إلى الإنتاج بشكل معقول مع وصول الأسعار إلى حاجز الأربعين.
ومع الاستقرار عند حاجز 50 دولارا للبرميل، واحتمال الارتفاع، ستعود المزيد من منصات النفط الصخري للإنتاج، وستبدأ الشركات، التي نجت من أزمة انهيار الأسعار، في تحسين أوضاعها المالية.
الاقتصاد العالمي
يعكس مستوى 50 دولارا، وحتى مستوى 60 دولارا، الوضع الحقيقي للسوق ويمثل نقطة توازن لكل من المنتجين والمستهلكين والشركات، كما أنها تناسب توقعات النمو الضعيف للاقتصاد العالمي.
بالنسبة إلى أسواق الأسهم، بهذا السعر سوف يزول خطر الانهيار الذي بات حديث الجميع حتى مطلع العام مع استمرار الهبوط وخشية النزول عن مستوى 30 دولارا إلى 20 دولارا.
أما بالنسبة إلى القطاع المصرفي والمالي، فسوف يتنفس سوق سندات دين الشركات والمصارف الاستثمارية الكبرى الصعداء لعدم اضطرارها لشطب المليارات من ديون شركات الطاقة أو اعتبارها "ديونا رديئة" يشك في تحصيلها.
المستهلك العادي
ربما لا يشعر المستهلك العادي بفارق كبير جراء استقرار سعر برميل النفط عند 50 دولارا، ذلك أن سياسات التقشف في الدول المنتجة مستمرة لضبط أرقام الاقتصاد الكلي.
كذلك فإن أسعار المشتقات، مثل البنزين، لا تنخفض كثيرا بانخفاض أسعار النفط، حيث أن أكثر من نصف السعر الذي يدفعه المستهلك مقابل لتر البنزين إنما هو ضرائب ورسوم حكومية.
المصدر: سكاي نيوز عربية