رغم كل الظروف والضغوط التي يمر بها الاقتصاد السوري إلا أنه بقي قوياً واستطاع أن يتأقلم مع كل ما يمر به وذلك بأنحول التحديات إلى فرص مستفيداً من تفعيل منافذ وطرق وشراكات جديدة، واستفاد من مكامن قوته الذاتية المتمثلة بتنوع قطاعاته الإنتاجية من زراعة وصناعة تحويلية ووفرة اليد العاملة يردفها مصدر الطاقة الأهم (النفط)، وفوق كل ذلك سوق داخلي مهم.
وتجاوز المواطن العادي أثر الصدمة أو العامل النفسي الذي أدى في فترة من الفترات لعدة أيام إلى تراجع في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي إلى حدود مئة ليرة ما لبثت بعدها أن تراجعت إلى حدود طبيعية مقبولة، وقد اعترف المتابعون بتجاوز الأثر النفسي مدعوماً بثلاثة عوامل مهمة: أولها التدخل الهام الذي قام به المصرف المركزي وأدى إلى السيطرة على سوق الصرف واستقراره في حدود 68-69 ليرة للدولار الواحد، وثانيها تنوع قطاعات الاقتصاد السوري ومساهمتها في استمرار تدفق المنتجات السلعية والخدمية للمواطنين في ظل هذه الظروف، وثالثها تفعيل منافذ وطرق وشراكات جديدة خففت من تأثير الضغوطات.
والرهان يبقى على إصابة الاقتصاد السوري بتراجع عميق لم يظهر بالشكل الذي تخوّف منه البعض على أرض الواقع حتى ضمن الظروف الراهنة وقد ترافق مع زيادة كتلة الإنفاق الحكومي بطابعيه الاستهلاكي والاستثماري من خلال الرقم القياسي الذي بلغته الموازنة العامة للدولة هذا العام، وقد عوّضت زيادة الإنفاق الحكومي الموجهة إلى السوق الداخلي بشكل كبير التراجع الناجم عن تباطؤ الطلب الخارجي المتمثل في التصدير والذي لوحظ في الفترة الأخيرة، كما خففت قلة المستوردات الضغط على القطع الأجنبي الذي كانت توفر الصادرات النفطية جزءاً مهماً منه.
وحيث إن الليرة السورية ترتبط وتقيس حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي للاقتصاد وتعتبر وسيلة مهمة لإعادة توزيعه من جهة، وللعوامل الثلاثة أعلاه من جهة أخرى، فإن درجة المخاطر المرتبطة بالأوضاع الحالية لا تعدو كونها ذات أثرين الأول نفسي تم تجاوزه والثاني فعلي يصنّف ضمن الطفيف ما بقيت الظروف الراهنة على حالها.