ما من اجتماع لمناقشة واقع القطاع العام أجاب عن السؤال: لماذا تخسر الشركات العامة؟!.. ربما لأن الجواب سيطرح سؤالاً أكثر أهمية: لماذا لا يتمّ تغيير نشاط الشركات المتوقفة عن العمل بسبب عدم قابلية إنتاجها للتسويق؟.
طرحنا مرّة تغيير نشاط الشركات المتوقفة أو الخاسرة إلى إنتاج سلع تلقى رواجاً في الأسواق بدلاً من استيرادها من الخارج، وأشرنا حينها إلى شركة الكبريت كمثال، فغضب مديرها العام واعتبر الاقتراح “تصفية حسابات شخصية” لصالح الإدارة السابقة!!.
ولم تستجب أي حكومة لمقترح تحويل شركة الأخشاب المتوقفة إلى إنتاج المفروشات أو على الأقل التخصّص بإنتاج أثاث الإدارات المهمّة والجهات الحكومية وخاصة "وزارة التربية"!.
حسناً.. ارتأت الحكومة إيقاف شركة الأخشاب بدلاً من تغيير نشاطها على الرغم من خسائرها المتواصلة.. ولكن ماذا عن إدارتها وعمالها؟!.
الشركة المتوقفة منذ 12 عاماً لا يزال يديرها مدير عام وجهاز إداري وعمال يتقاضون رواتبهم من خزينة الدولة.. ربما هم بانتظار قرار استئناف العمل من جديد!.
وإذا كان الاجتماع الأخير برئاسة المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء ناقش وضع استراتيجيات محدّدة لتطوير القطاع العام الصناعي.. فهل نستنتج أن هذه الاستراتيجيات كانت غائبة أو مغيّبة خلال العقدين الأخيرين على الأقل؟.
الأمثلة التي ذكرناها تؤكد أن خطط التطوير والإصلاح التي أقرّتها لجان وزارية متعدّدة لم تجد طريقها سوى إلى الأرشيف الحكومي!!.
قد تكون بداية تصحيح الخلل المزمن الذي يئنّ تحت وطأته الثقيلة القطاع العام منذ تسعينات القرن الماضي هي بما أعلن عنه رئيس الحكومة “وضع آليات النهوض بالقطاع العام الصناعي والبدء بتشغيل المصانع والشركات العامة المتوقفة وفق برنامج تدريجي وزمني محدّد..”.
وإذا كانت الحكومة تتجه لإيقاف الشركات الخاسرة عن العمل.. فإن المنطق يفرض الإجابة عن السؤال: لماذا تخسر الشركات العامة؟!.
هل تخسر بسبب سوء إداراتها.. أم بسبب قدم الآلات والتجهيزات.. أم لقصور بالتشريعات النافذة؟!.
حسناً.. يمكن أن نكتشف بسهولة أن ما من شركة خاسرة إلا وربح مديرها عشرات الملايين، والبعض منهم يدير حالياً شركات خاصة؟!. وقد يكون سبب الخسائر الهائلة يعود لقصور في الرقابة الحكومية.. وإلا بماذا نفسّر أن تخسر شركة عامة أكثر من 51 مليار ليرة دون أن تعلم "وزارة الصناعة" بهذه الخسارة؟؟!.
“جريدة البعث”