أشارت مصادر مطلعة أن صناعة ألبسة اللانجري " الألبسة الداخلية" في سورية ما زالت تحافظها على أدائها و اسواقها رغم الأزمة التي دخلت عامها السادس وارتفاع الأسعار و صعوبات استيراد المواد الأولية، لا بالعكس اصبحت تنافس المنتجات الأوروبية و ذلك لرخص ثمنها و ارتفاع جودتها.
و أوضح حسين الأسعد مدير إنتاج في معمل للألبسة اللانجري، عدم وجود تقسيم واضح لتخصصات المحافظات في إنتاج الألبسة والمنسوجات إلا أن هذين المنتجين منقسمان وبشكل تقريبي بين حلب التي تصنع الأقمشة والنسيج ودمشق المتخصصة تقريباً في إنتاج الألبسة، وبحكم هذا التخصص للدمشقيين فإن هذا يبرر عدد المنشآت العاملة في هذا المجال حيث أظهرت إحصائية لغرفة صناعة دمشق وريفها أن عدد المعامل العاملة في مجال صناعة اللانجري نحو 300 معمل مرخص يضاف إليها وبحكم معرفتنا الأكيدة وجود أكثر من ضعف هذا الرقم من الورشات التي تعمل في الأقبية بعيداً عن أعين الرقابة والضرائب والتأمينات وغيرها من متطلبات المنشآت النظامية..
ولغياب البيانات والإحصائيات الصحيحة عن الطاقة الإنتاجية لهذه المنشآت والورشات فإن حجم أو قيمة إنتاجها لا يمكن ضبطه؛ إلاّ أن ثمة رقماً كبيراً لقيمة وحجم صادرات سورية من هذه المنتجات, إذ يكشف المكتب المركزي للإحصاء عن حجم وقيمة الصادرات في العام 2008 بواقع 2887 طناً بقيمة تتجاوز 853 مليون ليرة، الأمر الذي يستدعي منّا التوقف عند هذا الرقم وما يشكله من حجم صادراتنا النسيجية الذي نتغنى به!!!.
ويرى الأسعد أن هذه الصناعة بدأت تشهد تطوراً كبيراً في سورية وشهدت تلك الأعوام دخول معامل كثيرة في الإنتاج بالإضافة إلى الورش التي تشكل احتياطياً تستعين بها المعامل الكبيرة عندما لا تستطيع تلبية الطلبيات الكبيرة ضمن الفترة الزمنية المحددة..
وفيما يشير بشار الصغير صاحب إحدى الورش المنتجة للانجري أن رخص اليد العاملة في سورية وتوفر المواد الأولية ومنها الرخيصة المحلية والمستوردة عوامل هامة في تطور هذه الصناعة وأن في كل ورشة وكل معمل هناك مصممون ساحرون ينتجون هذا النوع من الألبسة بتصاميم لا تخلو من الإبداع والابتكار أو يقومون بتعديل بعض التصاميم، معتبراً أن هذا العمل يدخل أيضاً في مجال الإبداع مما يجعل الطلب عليه كبيراً..
ولا يخفي حسين الأسعد بعض التراجع في الطلب في الأسواق الخارجية في الفترة من هذا العام وإن كان يصنفه في خانة برود السوق؛ إلا أن الطلب في الأسواق الخارجية كان كبيراً في السنوات الأخيرة وخاصة في الأسواق الخليجية موضحاً أنه ورغم المنافسة من قبل المنتجات الصينية والأوروبية والتركية إلا أن المنتجات الصينية التي تتمتع بسعر منافس لا تصل إلى جودة المنتجات السورية فيما يُبقي أسعار المنتجات الأوروبية أكبر مع ارتفاع تكاليف إنتاجها وجودتها واستخدامها التقنيات الجديدة لتبقى المنتجات السورية ذات الجودة الجيدة والأسعار المعقولة هي المنافس في تلك الأسواق والتي لها زبائنها الكثر هناك
ومع تحقيق سمعة طيبة لبعض الشركات الهامة العاملة في هذا المجال وفي الأسواق الإقليمية والعالمية وخاصة الأسواق الأوروبية فإن الثقة التي حققتها منتجات تلك الشركات من قبل مستهلكي (مستهلكات) هذا النوع من المنتجات دفع بالكثير من هذه الشركات إلى تطوير منتجاتها كماً ونوعاً مع الحرص على الاستجابة للتبدل في الأذواق في تلك السنوات..
ورغم تميّز صناعة اللانجري في سورية إلا أنها هي جزء من صناعة الملابس في سورية التي تعاني من مشكلات كبيرة لا يمكن أن تخفى على أحد كما وصفها فؤاد اللحام المنسق الوطني لبرنامج التحديث والتطوير الصناعي، مشيراً في هذا المجال ومن خلال مشاهداته في البرنامج الذي يعمل على تحديث 36 شركة في قطاع الصناعات النسيجية إلى الصعوبات التي تواجه عملية تطوير وتحديث قطاع النسيج والملابس في سورية وفي مقدمتها ضعف التصميم مبيناً أن 10% فقط من الشركات المشاركة في البرنامج لديها قسم مختص في التصميم وأن صاحب الشركة أو أحد أفراد العائلة هو غالباً من يقوم بمهمة التصميم من خلال تقليد الآخرين ومحاكاتهم، أو بالاعتماد على نماذج معدة من المستورد الخارجي، إضافة إلى ضعف المستوى الفني، ومحدودية استخدام التقانات الجديدة في التصميم، وضعف التدريب والتأهيل، وعدم قدرة الشركات على المحافظة على الكوادر بالإضافة إلى ضعف التدريب والتأهيل وعدم القدرة على المحافظة على الكوادر الموجودة وضعف التكنولوجيا المستخدمة والافتقار إلى مصادر المعلومات وغياب الوعي لدى الشركات بأهمية التصميم.
وفي ورشة العمل التي أقامها البرنامج مؤخراً أشار المشاركون إلى غياب الثقة بين المصممين وأصحاب الشركات وعدم حماية حقوقهم، وعدم وجود جهة مختصة فعلياً برقابة الجودة على الألبسة المحلية أو المستوردة، والنقص الكبير للمواد الأولية اللازمة لتصميم الملابس, والاستيراد العشوائي للملابس ولوازمها من قبل التجار المحليين، وغياب مفهوم قطاعات الألبسة على مختلف مستوياتها، ونقص اليد العاملة الخبيرة، وتبعية السوق السورية لبعض البلدان المجاورة، واكتفاء القطاعين العام والخاص بنوعيات محددة من الأقمشة، وضعف الرقابة على تراخيص ومستوى إنتاج الماركات العالمية، وضعف المعرفة لدى مصممي الأزياء بالأقمشة والإكسسوار باتجاهات الموضة وتطورها.
ووَضع برنامج التحديث الصناعي عدداً من المقترحات الخاصة بتطوير صناعة الملابس والنسيج منها: وضع استراتيجية على المستوى الوطني للتأهيل والتدريب في مجال الصناعات النسيجية وبشكل خاص التصميم، وتشجيع القطاع الخاص التعليمي على الاستثمار في التعليم الفني ولاسيما تصميم الأزياء وإقامة ندوات ودورات تدريبية ومحاضرات خاصة بالأزياء بالتعاون مع المنظمات والجهات المانحة، وتسهيل إجراءات السفر وإقامة المشاريع والمعارض الداخلية والخارجية المتخصصة، وتبني حاضنات الأعمال لدعم المصممين الشباب ولو لفترات قصيرة، وخلق آليات وضوابط لحماية المنتج السوري، وصناعة الأزياء السورية في وجه موجة الاستيراد المفتوح، وضرورة العمل على إيجاد جداول قياسات موحدة خاصة بسورية على غرار القياسات الأوربية، وإيجاد رقابة صارمة على المعاهد الخاصة التي تنظم دورات التصميم والتفصيل، ومراقبة مستوى عملها وتطوير مناهج التعليم بشقيها العام والمهني، والاهتمام بالجانب الإبداعي في العملية التعليمية أو إحداث أقسام خاصة ومؤهلة للتصميم في كليات الفنون الجميلة.