أكد " دكتور شفيق عربش" الأستاذ في كلية الاقتصاد والمدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء إن ما يشكل السند الأساسي في مساعدة الأسرة السورية لتأمين الحدود الدنيا من متطلباتها المعيشية يأتي بشكل رئيسي من الحوالات الخارجية والإعانات التي تُوزع، مستحضراً تصريحات لرئيس الحكومة السابق د.وائل الحلقي قال فيها "إن الحكومة تدفع رواتب لمليونين ونصف عامل لديها".
وهنا علّق الخبير الاقتصادي: لو صدقنا الرقم المذكور دون نقاش، واعتبرنا أن مليون ومئتي ألف من العاملين لدى الدولة يشكلون زوجاً وزوجة، سيكون لدينا 600 ألف أسرة، وببعض الحسابات يظهر أن 9 ملايين فرد يعتاشون من الرواتب التي تدفعها الدولة للعاملين لكن هذه الرواتب حتى لو كانت مضاعفة فهي لن تصل بالأسرة إلى منتصف الشهر كأبعد ما يمكن!.
وتبعاً لحساب معدلات التضخم التي شهدتها سورية خلال فترة الأزمة والحصار الاقتصادي وتغير سعر صرف الليرة بشكل كبير ثم انعكاس ذلك على المستوى العام للأسعار يمكن القول إن "الزيادات التي طرأت على الرواتب والأجور ظلت ضمن حدود محدودة لا تغطي ولو جزءاً يسيراً من الاختلالات الاقتصادية والسعرية والنقدية التي حصلت".
يقول د.عربش وفقا لصحيفة " صاحبة الجلالة": في حال تطبيق المعايير الدولية الجديدة التي اعتمدها البنك الدولي، فإن متوسط دخل الفرد اليومي في سورية يبلغ (دولار وربع)، وعليه فكل شخص يكون دخله أقل من ذلك يعتبر تحت خط الفقر، حتى إن الحديث حالياً يتناول الرقم (دولارين إلا ربع) وهو ما يرفع نسبة الفقر، ووفق معيار (الدولار وربع) فقد تجاوزت النسبة الـ 80% ، في حين وصل ثلث الشعب السوري إلى الفقر المدقع.
وعن الفرق بين الفقر والفقر المدقع أوضح الخبير الاقتصادي: يوجد خطان للفقر هما الأعلى والأدنى، ويمكن تصنيف المواطن تحت خط الفقر الأدنى بأنه مصاب بالفقر المدقع، وهي عبارة عن كمية النقود التي يصرفها يومياً لتأمين احتياجاته. وهو ما يؤكد أيضاً أن نسبة كبيرة من الناس هبطت من وضع معيشي مقبول إلى ما تحت خط الفقر، في حين تحول من كانوا أقرب لخط الفقر الأدنى للفقر المدقع.
لكن هل تم تأكيد ذلك عبر بيانات وإحصائيات أصدرتها جهات رسمية؟
يجيب د.عربش مؤكداً أن مسوحاً شبه رسمية أجريت في سورية خلال سنوات الأزمة، ولم تنشر نتائجها، لكن ما تم تسريبه يشير إلى ما سبق، علماً أنه لا قيمة لأي رقم إذا لم يكن متداولاً، ولا سيما إذا أردنا الحديث عن أثر العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية، حتى إن النتائج نفسها أكدت أن نسبة كبيرة من الأسر السورية تبات دون وجبة العشاء، وهناك أسر أخرى كانت تستغني عنها أكثر من 15 مرة خلال الشهر.
إذاً المستوى المعيشي في تراجع مستمر، وسيكون لذلك انعكاسات سلبية على صحة الأجيال القادمة، حيث اضطرت معظم العائلات لإعادة النظر في تركيبة سلتها الغذائية واستغنت عن مواد كانت ما قبل الحرب جزءاً أساسياً بالنسبة لها. وبالمقارنة بين نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة عام 2009 نجد أن متوسط الإنفاق كان حوالي 31 ألف ليرة، أما اليوم فهو يتراوح بين 250 ألف و300 ألف ليرة، لكن بعد أن عدلت الأسر السورية من نمط استهلاكها، باتت تحتاج إلى ما بين 170 ألف و200 ألف ليرة تبعاً للأستاذ في كلية الاقتصاد.