يبدو أن مفهوم الجودة لا يزال غائباً عن قاموس الجهات الحكومية، سواء المعنية بالإنتاج المحلي، أم بالاستيراد، إذ تشير مجريات الأمور إلى أن هذه الجهات تعتبر أن هذا الموضوع يندرج تحت إطار الترف الاقتصادي ليس إلا، تحت ذريعة أن ثمة أولويات يجب العمل عليها، جاهلة أو متجاهلة أن تهميش هذا المفهوم له عواقب صحية وبيئية واقتصادية، بدليل التدفق الهائل للشواحن الصينية سيئة الصيت التي غزت أسواقنا بداية الأزمة تحت ماركات أقل ما يقال عنها بأنها مغمورة، ولنا أن نتخيل حجم الهدر والخسارة المحققتان جراء استيراد بضائع لا تحمل شهادات تحقق أدنى معايير الجودة والمقاييس العالمية، أو حتى المحلية، وإن كانت زهيدة الثمن مقارنة بنظيراتها المشهود لها، ولنا في مثالنا السابق خير دليل..!.
الآن وبعد انتهاء موضة هذه الشواحن والاستعاضة عنها بالليدات نتيجة استمرار التقنين الكهربائي، يطفو إلى السطح البطاريات المشغِّلة لهذه الليدات، فمعظمها ذات ماركات غير معروفة، وذات مستوى تصنيعي رديء، وذلك نتيجة عدم اعتماد أي منها لشهادة جودة من قبل أية جهة رسمية حكومية، أو منظمة مخولة بإعطاء الأيزو أو ما شابه، والأخطر من ذلك أنها مشروع لنفايات خطرة ستزيد من فاتورة أعبائنا البيئية والصحية، إذ يؤكد العارفون أن هذه المُدّخرات تحوي على مادة الرصاص السامة، وهو المعدن السام الوحيد الذي تنتقل أعراض التسمم به إلى الأجنة ...!.
رئيس "الجمعية العلمية للجودة المستشار" "هشام كحيل" أكد أن هناك مواد ذات سمية قاتلة نتيجة افتقارها لأدنى معايير الجودة تغزو الأسواق بشكل كبير، ولا ينتبه إليها المواطن العادي، منها على سبيل المثال لا الحصر "لمبات توفير الطاقة"، التي تدمر أسرة بكاملة في حال انفجارها، كونها تحوي مواد كيماوية سامة، واصفاً إياها بـ"قنابل موقوتة في المنازل" كون أن الغاز الموجود في داخلها يقتل الأطفال فوراً، ويتسبب بأذى للكبار..!.
وحذر كحيل من عدم كسر هذه اللمبات عند تعطلها، وضرورة وضعها في كيس أسود محكم الإغلاق ورميها في المكان المخصص لإتلاف المواد الكيماوية
وفي سياق متصل أكد المستشار كحيل أن إحدى شركات الأغذية طلبت من الجمعية الحصول على شهادة سلامة للغذاء "أيزو 22000"، بغية التقدم إلى إحدى مناقصات "اليونيسيف" لتوريد مواد غذائية تحت إشراف الأخيرة، لكن الجمعية بينت لها أن الحصول على هذه الشهادة يتطلب من الشركة دورة تأهيلية لمدة سبعة أشهر، وأخرى للمنح لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، كما أن الجمعية المؤهلة يجب ألا تكون هي المانحة في نفس الوقت..!. فلجأت الشركة عندها إلى للحصول على الشهادة من إحدى مكاتب القطاع الخاص العاملة في مجال الجودة، خلال شهر واحد فقط بطرق ملتوية..