لعل اليوم المهزلة التي تحدث في " اتحاد الصحفيين " في سورية لأعضائه عند يقول ان الصحفي يحصل على راتب تقاعدي بقيمة 7 آلاف ليرة سورية شهرياً، أي ما يعادل أقل من 13 دولار وفق سعر الصرف (530) ليرة..!.
يرنو الزملاء اليوم بأن تفضي انتخابات اتحاد الصحفيين لأعضاء خرجوا بالفعل من رحم معاناة عايشوها سوية، وتقاسموا معهم الهم الحقيقي للصحفي، لا أن يكون مبتغاهم البحث عن منصب نقابي يحققون من خلاله مكتسبات شخصية كمن سبقوهم..!.
هذه المهزلة أصبحت محط تندر لجلسات الزملاء عندما يتباحثون أوضاعهم المهنية والنقابية، ويقارنون مهنتهم ذات الطابع الفكري بامتياز والمقترنة بالمتاعب، مع نظيراتها من المهن الأخرى، فراتب المهندس التقاعدي لا يقل عن 28 ألف ليرة، والحد الأدنى لراتب المحامي 30 ألف ليرة شهرياً..!. فضلاً عن تعويضات الوفاة التي تصل في نقابة الأطباء إلى 600 ألف ليرة سورية وتعويضات نهاية الخدمة في نفس النقابة التي تصل إلى 800 ألف ليرة إضافة إلى تعويض التقاعد الذي يصل إلى أكثر من 15 ألف ليرة شهريا..!. في حين أن تعويض الوفاة باتحاد الصحفيين لا يتعدى الـ300 ألف ليرة سورية..!. ويدفع 50 ألف ليرة عند إحالة الصحفي على التقاعد..!.
يعتبر بعض الزملاء أن وجود اتحاد الصحفيين وعدمه سيان، فهو لا ينتصر لحقوقهم، لدرجة أن الكثيرين مهم لا يعرفون تفاصيل ما يتوجب على الاتحاد تقديمه لهم سواء تلك المتعلقة بالضمان الصحي، أو تلك المتعلقة بالحسومات ذات العلاقة بالسفر وغيره على سبيل المثال لا الحصر، معتبرين أن مرد ذلك يعود لتقصير أعضاء مكتبه التنفيذي، اللذين يمطرون زملائهم بوعود لتحسين وضعهم النقابي، وسرعان ما تتبخر لحظة استلام مكاتبهم، رغم أنه بإمكان أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد فيما إذا توفرت لديهم الإرادة الحقة والمبادرة الطموحة أن ينتزعوا مكاسب لمن يمثلوهم كالحصول على نسبة تخفيض مناسبة لتذاكر السفر من المؤسسة العامة السورية للطيران، من منطلق أن السفر جزء من نشاط الصحفي، علماً بأن المواطن العادي قادر إلى حد ما الحصول على مثل هذا التخفيض في بعض الحالات، كما أنه بالإمكان إعادة النظر بالتأمين الصحي بالاتفاق مع المؤسسة العامة السورية للتأمين، إضافة إلى التنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل مهمة الصحفي خاصة الاستقصائي للحصول على ما يريد من معلومات، بحيث تضمن له حصانة مهنية نوعاً إذا اقتضى الأمر، فالعمل الصحفي بالنهاية رديف قوي لبعض الجهات لاسيما الرقابية منها ، إضافة إلى البحث عن سبل تحسين وزيادة إيرادات الاتحاد المالية، سواء استثمار عقاراته أو الدخول في مشاريع اقتصادية رابحة وغيرذلك.
وأوضح بعض الزملاء اللذين التقتهم "صاحبة الجلالة" أن اللافت في انتخابات الدورة الأخيرة خلوها من أية دعاية انتخابية، وهذا يدل وفق تعبيرهم على عدم معرفة المرشحين لما يتوجب على الاتحاد كمنظمة نقابية تقديمه للمنتسبين إليه من جهة، وعدم الشعور بمعاناة زملائهم لاسيما من جهة الانحياز لهم، كتعرض أحدهم لغبن ما، أو مثوله أمام القضاء في حال تم رفع قضية ما بحقه من قبل بعض الجهات العامة أو الخاصة خاصة عندما ينشر تحقيق يقض مضاجع المتورطين في الفساد وما شابه من جهة ثانية، وافتقادهم إلى المبادرة بطرح رؤى وأفكار كفيلة بالنهوض بأداء الاتحاد من جهة ثالثة..!.
وأضافوا أن التصارع –وليس المنافسة- كان جلياً باتجاه المنصب، وذلك من خلال تكتلات المرشحين وتحالفاتهم أثناء العملية الانتخابية للانتصار لتحقيق مكاسبهم فقط، مشيرين إلى أن مثل هذه المناصب لا تغري في غالب الأحيان المجتهدين وأصحاب الشأن المهني، بدليل إحجام معظم الأسماء المعروفة والأقلام المؤثرة في عالم الصحافة السورية عن الترشح، وترك الساحة لغير الأكفاء بالمجمل، معتبرين أن المتابع للقوائم الأولية للترشيح يلحظ ذلك دونما عناء، مبدين هواجسهم من استمرار الأسماء القديمة التي لم تقدم شيئاعلى صعيد العمل النقابي..!.
أبرز ملاحظات الزملاء تركزت على غياب جمعيات التعاون السكني الخاصة بالصحفيين، إذ يلاحظ أن ثمة جمعيات سكنية تابعة للطيران والمهندسين والمصارف والأطباء...الخ، تنتشر في ضواحي العاصمة دمشق، إلا اتحاد الصحفيين فهو الغائب الأبرز عن هذا المشهد، وهنا يوضح بعض الزملاء أن مرد ذلك قد يكون لنشاط التنظيمات النقابية الأخرى وقيامها باستثمارات تعزز ملاءتها الماليةالتي تخولها تأمين أراض لهذه الجمعيات. وهنا يعتبر بعض الزملاء أن نسبة الـ10% التي يقتطعها اتحاد الصحفيين من الاستكتاب الشهري للزميل لا بأس بها ويمكن أن تشكل مورداً مالياً جيداً للاتحاد.
لكن في المقابل يرى البعض الآخر أن انخفاض عدد المنتسبين للاتحاد يشكل تحدياً كبيراً لزيادة هذه الموارد، فبالكاد يصل عدد المنتسبين للاتحاد 1400عضواً على رأس عملهم، و350 متمرناً، مقارنة مع نقابة المهندسين الذي يصل عدد المنتسبين إليها لنحو 130 ألف عضو..!. إلا أنهم اعتبروا أنه يمكن للاتحاد تجاوز هذا التحدي وزيادة موارده المالية من خلال مساهمته في بعض المشاريع كمعمل العصائر –مثلاً- المزمع إنشاؤه في الساحل السوري والتي تنوي وزارة الصناعة طرحه ضمن إطار التشاركية.
بالمحصلة...تقتضي مهنة المتاعب أن يقودها اتحاد قوي قادر على الاضطلاع بما ينتابها من تحديات باتت تؤثر بشكل أو بآخر على أداء العمل الإعلامي ككل، فقوة الصحفي من قوة اتحاده والعكس صحيح، فماذا يرجى من صحفي عليه أن يمضي جلّ عمره المهني في معترك مهنة أُسها عصف فكري محاط بمتاعب وسجالات مع أصحاب النفوذ تارة، والمتمردين على القانون تارة أخرى، عساه يحصل على بعض الحقيقة، ويكافئ بـ7 آلاف ليرة كراتب تقاعدي..!.
ملاحظة: في حديثنا عن المرشحين في انتخابات الاتحاد لا نعمم في أحكامنا، هناك بعض الأسماء لها من الاحترام والتقدير ما يجعلنا نتفاءل، وإن كنا نعتقد سلفاً أن التغيير لن يأتي بما نريد جمعياً.
المصدر: صاحبة الجلالة