على وقع أحلام رئيس الحكومة " المهندس عماد خميس" بأن يكون لدينا في سورية 800 معمل بدل 82 وآماله الوردية بأن يكون في كل ضيعة معمل بدا رئيس السلطة التنفيذية حازماً أمام تصوراته “المنقولة” وما سمعه ورآه في أمسية التحاور والتشاور مع نحو 15 شركة أدوية يمثلون 71 شركة ، التي رعى حضورها المجلس العلمي للصناعات الدوائية وساهم بمداولاتها وزير الصحة الدكتور نزار اليازجي ونقيب الصيادلة الدكتور محمود الحسن، ليستبق كل محاولات المنتجين “الظاهرة والمبطنة ” لتحريك أسعار الأصناف الدوائية بالرد الحاسم : أطلبوا ما شئتم “..تخفيضات جمركية …تسهيلات حكومية…حسومات بالنقل والشحن ….أما رفع الأسعار لتكون شبيهة بالمستورد، فهذا صعب وغير مقبول لما له من انعكاسات وارتدادات شعبية، لأن الدولة والمواطن ليسوا قادرين على تحمل صدمة تحرير الأسعار التي يمكن أن يقوم مقامها إجراءات داعمة للقطاع وتعويض الخلل السعري عبر مدخلات ومخرجات لا تضر الخزينة ولا تنعكس سلباً على الشركات.
التحيز غير مسموح
في رسالة تطمين قوامها أن الدولة توأم حقيقي لمن يقوم بالصناعة حمل رئيس الحكومة جلساء طاولة الشركاء مسؤولية الدخول في صناعة القرار وليس مجرد التصنيع والشكوى، فالمطلوب تطوير آلية العمل لاستنهاض القطاع الذي وصل تصدير الفائض منه إلى 235 مليون دولار بوجود فرص وتصميم حكومي لتشغيل المعامل المتوقفة وتأهيل المتضررة والترخيص لمنشآت جديدة عبر اتخاذ خطوات تسهل الإجراءات وتكثف الصناعة وتطورها ومن ثم تأمين مستلزمات المواطن من الأدوية بأسعار مقبولة. وهذا ما يستدعي دعم الصناعة عبر البحث بشفافية للمحافظة عليها وبالتالي تقديم دراسة متوازنة تتشارك بها الحكومة ونقابة الصيادلة والشركات وتضع أمام عينها وضع قانون استراتيجي لضمان الاستمرارية مطعم بالطروحات التي تصب بالبعد الوطني ، ليعلن المهندس خميس أن التجاوب الحكومي سيكون حاضراً لتلك المصفوفة التي كلف بإنجازها خلال أسبوعين قادمين.
ومع إصرار خميس على عدم السماح للوزير أن يكون متحيز لشركة ما أو ينظر بأكثر من عين للمعامل رداً على التهم التي تدعي على وزارة الصحة بالانتقائية بالتعامل مع الشركات كان لوزير الصحة كلام متوازن وفيه من المعنويات الكثير لمن لا يثق بجزء من عمل “الصحة” حيث قال: أن أصحاب المعامل وقفوا وقفة مميزة خلال الأزمة كرجال داعمين للدولة وكان لهم بصمة رغم وجود عثرات ولكن تذلل بشكل مستمر.
انخفاض 50%
رئيس المجلس العلمي الدكتور زهير فضلون قدم عرضاً مدعماً بالمعطيات والأرقام والنقاط الحرجة التي أثارت الاهتمام وفتحت الأعين على واقع يستحق التمعن، ليسرد أهم عناصر مساهمة الصناعة الدوائية بالاقتصاد الوطني والسياسة الصحية من تغطية السوق المحلية الذي يبلغ حجمه الكامل 900-1000 مليون دولار وحجم الإنتاج620 مليون دولار تقريبا 400 مليون دولار منها للسوق المحلية و 210 مليون للتصدير في عام 2010 ، لينخفض الآن إلى أكثر من 50% ويشغل هذا القطاع أكثر من /25 / ألف جامعي وعامل فني معظمهم قيد العمل وعلى جداول الرواتب ، في وقت يساهم القطاع في توطين تقنيات متطورة ومفهوم الجودة الشاملة وتشغيل القطاع الصيدلي والصناعات الرديفة، فمع تعداد الزمر الدوائية المنتجة ثمة توجه حالي نحو الأدوية السرطانية والحيوية.
نقاط حرجة وطريق واحد
أما النقاط الحرجة في الصناعة الدوائية – وفق فضلون- تتجلى بالترخيص للمعمل والصنف والتسعير وتأمين الإنتاج ومستلزماته والرقابة للمعمل والصنف والدعاية والإعلام والتسويق والتوزيع وكذلك التفاعل مع الوزارات والمؤسسات والنقابات الطبية، عدا التزوير والتهريب والاستيراد للأصناف المصنعة محلياً، ويرى بالاستثمار في الصناعات الدوائية طريق باتجاه واحد لا عودة فيه بشروط متميزة عن بقية الصناعات ، لاسيما أن المنتج الدوائي سلعة لها خصوصية خاصة جداً ما يستدعي التطور المستمر في آليات العلاج وتصنيع أصناف جديدة والتخلي عن القديمة ، وهي السلعة العامة الوحيدة المحددة السعر والمراقبة مركزياً على مدى ثلاثين سنة. و تسعى الصناعة الدوائية بصورة مستمرة إلى تقليص السلة الاستيرادية. وتقوم وزارة الصحة بتوجيه المعامل لتصنيع الأدوية المستوردة والمفقودة حالياً. ولكي يكون ذلك ممكناً لا بد من تسريع عملية ترخيص الأدوية الجديدة وخاصة النوعية استثناءً من الدور مع منحها حوافز سعرية على ألا تتجاوز سقف الـ 50% من سعر المستورد المماثل.
1830 طلب مجمد
وطالب فضلون بإعادة النظر بقرارات اللجنة الفنية للدواء التي فصلت لمرحلة معينة ولأسباب محددة في وقت إصدارها ما سبب تراكم طلبات التسجيل لتصل إلى 1830 دون أي دراسة ( تجميد) مع البطء الشديد في الدراسة. ومن الصعوبات الاقتصادية التي طرحها رئيس المجلس في ورقته التضخم و زيادة رواتب العمال و زيادة سعر الزجاج والمستلزمات وأصبحت مستوردة بالكامل وبأسعار عالية جداً وصعوبة نقل المواد.
أما الوضع الصعب للصناعة الدوائية فعبر عنه فضلون بتجميد الأسعار الذي أدى إلى تآكل الأرباح وأصبح الاستمرار في التصنيع يعود إلى تحمل أصناف لأصناف أخرى ولن يكون على حساب الجودة فإما تغطية التكلفة مع ضمان الجودة أو التوقف عن الإنتاج وهذا غير مسموح ، علماً أن الصناعة أمام واقع حتمية الاستمرار لتأمين الإمداد الدوائي وعدم الوصول إلى إيقاف أيٍ من خطوط الإنتاج منعاً لتسريح العمال وخاصة في الظروف الراهنة وتأمين الإمداد الدوائي ، وعلماً أن أسعار الأدوية في سورية ما زالت تعادل من 2-20% من أسعار الأدوية في الدول المجاورة لنفس الصنف وصعوبات اقتصادية في آليات التسعير من قبل ثلاث جهات ما يسبب عدم العدالة و عزوف تدريجي عن التصنيع المحلي باتجاه الاستيراد.
المهندس خميس أعقب اجتماع الشركات باجتماع مع القطاع العام وتقرر اعتماد تسجيل المنتجات الدوائية المسجلة في الدول الصديقة ( إيران –روسيا – الصين – كوبا- الهند ) بهدف خلق آلية استجرار مرنة للدواء لتلبية حاجات السوق، وتعديل نظام منح التراخيص للمنتجات لمنع احتكارها، ومراجعة آلية استيراد المواد الأولية وتقديم الدعم الحكومي وعودة الألق إليه من خلال إصدار التشريعات الكفيلة بتطوير آليات العمل وتجهيز البنى التحتية له ، بالإضافة إلى دراسة واقع المعامل المتضررة كل على حده لتقديم الدعم اللازم لها للبدء بالإنتاج من جديد .
وتم التأكيد بحضرة وزراء الصحة والصناعة والتعليم العالي والاقتصاد على أهمية معالجة ظاهرة تزوير وتهريب المنتجات الدوائية ، ومواجهة تحديات عمل القطاع نتيجة الأزمة وخاصة تأمين مستلزمات الإنتاج وزيادة أسعارها بسبب الحصار الاقتصادي، وتعديل آليات منح التراخيص والتسعير وإجراءات التصدير.