أكدت مصادر مصرفية في سورية أن الاستثمار العقاري بات الأسوأ اقتصادياً على مستوى التنمية وليس الأفراد، نظراً لاستقطابه كتلاً مالية هائلة تحولت إلى كتل بيتونية، ورغم ذلك لم تحل أزمة السكن ولم تخفض الأسعار وفقاً لقاعدة العرض والطلب، سبب ذلك هو أن أصحاب التوظيف العقاري الكبير قادرين على التحكم بالأسعار بحدودها الدنيا والعليا من خلال ممارساتهم الاحتكارية، مشيرة إلى أن تدخل بسيط من الحكومة وهيئتي التطوير والتمويل العقاريتين يمكن أن يلجم هذه الارتفاعات.
حيث ترتقي فلل يعفور والصبورة إلى مستويات عالية من الفخامة والإبداع العمراني، بحيث تلبي رغبة الشريحة المخملية لقاطنيها، لدرجة أنها تغنيهم عن الإقامة بفندق خمس نجوم، فقاطنيها يشعرون أنهم في رحلة استجمام دائمة، كونها مجهزة بجميع مستلزمات وأغراض الراحة والرفاهية، ومع ذلك نجد أن لمعظم ملاكها شققاً فاخرة في أحياء راقية كالمالكي وأبو رمانة وكفرسوسة، وربما امتدت حيازاتهم السكنية إلى ما وراء البحار، فكثيراً ما نسمع عن تملك رجال أعمال سوريين لفلل وشاليهات في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من دول العالم.
مؤكد أننا لا ننظر إليهم بعين الحسد - على الأقل عملاً بالمثل الشعبي المعروف (لكل مجتهد نصيب) - ولكن ألا يحق لنا التساؤل هنا عن الكتل النقدية المجمدة في هذه القطاع دونما تحقيق قيماً مضافة يمكن الحصول عليها فيما لو وظِّفت في قطاعات إنتاجية، لاسيما إذا ما علمنا أن سعر الفيلا يصل إلى مئات الملايين؟ أو لو تم استثمارها في نفس القطاع لبناء ضواحي سكنية من شأنها المساهمة بحل مشكلة السكن؟.
ربما لا نبالغ إن حملّنا أصحاب هذه العقارات الفاخرة مسؤولية تطرف سوقنا العقارية ولو بشكل غير مباشر، نظراً لتكريسهم –ولو بغير قصد- قاعدة (العقار هو الملاذ الآمن للحفاظ على السيولة) على اعتبار أن قسماً منهم يوظف جزءاً من أمواله في هذا المجال تخوفاً من أزمات محتملة ولو بعد حين، والقسم الآخر يحوِّل إيرادات أعماله إلى أصول عقارية فاخرة، بدلاً من توسيع استثماراته، ليصل الحال ببعض رجال أعمالنا إلى التركيز على المضاربة بالعقار على حساب الاستثمار في القطاعات الأخرى الخدمية منها والإنتاجية، ليس هذا وحسب بل إن كثير ممن يملكون محاضر أو أجزاءً منها يبقونها على أمل أن ارتفاع الأسعار أكثر وأكثر، وتكون المحصلة الإخلال بمشهد قطاع أعمالنا، الذي يفضل رواده الظهور وبكامل بريستيجهم الاقتصادي والاجتماعي وكأنهم صناع اقتصادنا الوطني، في حين استثماراتهم الحقيقية تملأ الدنيا تحت مسميات أجنبية برّاقة.
كثيرون هم المغرمون بعالم المال والأعمال، ويطمحون للولوج إليه بأقصر السبل وأقل مجهود، لذا نلاحظ معظمهم يختار المضاربة بالعقار بعد أن يبيعوا ما يمتلكونه من أصول عسى أن يحظوا بنصيب من الرفاهية، أسوةً بقاطني فلل يعفور والصبورة المساهمين الأساسيين برفع أسعار الأراضي في هاتين المنطقتين إلى مستويات غير مسبوقة...وختاماً نسأل: ماذا يدفع أصحاب الفلل الفاخرة في يعفور والصبورة من ضرائب ورسوم بلدية وإدارة محلية؟ كيف يتم التعامل معهم لجهة استهلاك المياه والكهرباء والمشتقات النفطية؟!.
المصدر: صاحبة الجلالة