أطلقت الحكومة يد المصارف العامة لاتخاذ إجراءات قسرية ومباشرة وواضحة فيما يخص معالجة واقع القروض المتعثرة وإعادة الإقراض التنموي الذي يخدم العملية الإنتاجية، بالتزامن مع دراسة واقع النظام المالي في المصارف العامة ومعالجة ثغرات العمل فيها، فيما يبدو أنه صافرة بداية لإصلاح القطاع المالي والنقدي الذي يجب أن يبدأ –كما ترى عين الحكومة- من معالجة ثغرات العمل وتحصيل الديون، ودراسة الهيكلية الإدارية للمصارف العامة والتشريعات والقوانين الناظمة لعملها وعلاقتها مع المصارف الخاصة للعمل وفق مبدأ التكاملية فيما بينها ومعالجة نقص الكوادر البشرية التي تمتلك خبرات نوعية بالعمل المصرفي.
وضمن هذا السياق كان الاجتماع الاقتصادي برئاسة المهندس "عماد خميس" رئيس "مجلس الوزراء" الذي ركز على أهمية عودة الإقراض وفق ضوابط وشروط جديدة للمنح والتسليف وتحفيز المصارف على تقديم أنواع جديدة من القروض تتناسب مع احتياجات المرحلة القادمة، ووضع نظام قانون استرشادي لكل مصرف يتناسب مع طبيعة عمله والتوجّه نحو تخصيص المصارف بالقروض التي تمنحها بشكل يتناسب مع الشريحة التي يتعامل معها كل مصرف ومنح مجالس الإدارات للمصارف العامة صلاحيات واسعة لتكون المحاسبة على مخرجات العمل.
الاجتماع كان فرصة أمام المصارف العامة لطرح رؤيتها لتطوير عملها خلال المرحلة القادمة واستئناف نشاط التمويل التنموي ومنح القروض بعد أن تجاوز معظم هذه المصارف الكثير من المشكلات التي فرضتها الأزمة حيث رسمت توجّهات وسياسات لعملها المستقبلي ضمن الإمكانات المتاحة وتمحورت حول معالجة المعوقات التي تعانيها المصارف عند تحصيل أموالها من خلال متابعة استكمال عمل اللجان المشكلة بين وزارتي المالية والعدل ومصرف سورية المركزي لإعادة النظر بالقوانين المتعلقة بأصول إجراءات الدعاوى المصرفية وتطوير عمل المحاكم المصرفية وإعداد مشروع صك تشريعي خاص بجدولة الديون المتعثرة يناسب الوضع الحالي للمتعاملين وخاصة من تعرّضت منشآتهم للتخريب، كما تضمّنت الرؤية زيادة رأس مال المصارف ومعالجة واقع الصرافات الآلية وتحرير عمل المصارف من قانون العاملين الموحّد وقانون العقود من خلال إعداد صك تشريعي خاص بإدارة المؤسسات المالية (المصارف والتأمين) يراعي طبيعة عملها الخاصة، وجاءت بمنزلة توجّهات وسياسات للعمل المستقبلي ضمن الإمكانات المتاحة.
وجاءت مذكرة "وزير المالية" الدكتور "مأمون حمدان"التي أودعها في المجلس حول إعداد مشروع صك تشريعي خاص لجدولة الديون المتعثرة ضمن شروط واقعية تناسب الوضع الحالي للمتعاملين وخاصة ممن تعرّضت منشآتهم للتخريب، مع الاعتراف بأن سيولة المصارف قد تعرّضت منذ بداية الأزمة إلى انخفاض حاد بسبب سحب جزء كبير من الودائع.
أما اقتراح استئناف النشاط التمويلي ومنح القروض من المصارف العامة فقد قوبل بالموافقة على العودة إلى وضعها الطبيعي ولاسيما بعد الموافقة على استثمار ودائع المصرف الصناعي من 5-10 مليارات ليرة حسب الحاجة وبفائدة لا تتجاوز 3%، ولأن المصارف تعرّضت إلى تسرّب كبير في الكوادر البشرية كان العمل منصبّاً على ملء الشواغر وتكثيف التدريب والتأهيل للكوادر المتبقية من خلال وضع الخطط، وكان لبند التوسع الجغرافي ضرورة من خلال فروع ومكاتب في مراكز المحافظات، بالتزامن مع متابعة العمل على إحداث محولة وطنية للمصارف العامة ومتابعة العمل بالتنسيق مع المصارف لإحداث جمعية المصارف السورية لتنظيم العمل المصرفي وإبداء الآراء والمقترحات للجهات الوصائية.
المصدر: البعث