كشفت دراسة أعدها الباحث الاقتصادي " إيهاب إسمندر" إلى تراجع النمو الاقتصادي في سورية ما بين العام 2011 و 2015 بشكل كبير لتتجاوز -10%،أما على المستوى القطاعي حققت جميع القطاعات الاقتصادية معدلات نمو سلبية، في إطار العلاقة الجدلية بين القطاعات الاقتصادية والنمو الاقتصادي ككل، خصوصاً في الفترة بعد العام 2011.
وأشارت التدراسة التي حصل عليها موقع "بزنس2بزنس سورية" أن الاقتصاد السوري نما في الفترة ما بين 2006 – 2010 وهي فترة الخطة الخمسية العاشرة بمعدل بلغ 5% تقريباً، وكانت فترة انتعاش، بينما تراجع النمو الاقتصادي في الفترة الثانية بين 2011 – 2015 بشكل كبير تجاوز -10% وكانت فترة انكماش، ليتراجع بعدها حجم الاقتصاد السوري بشكل ملحوظ في السنوات السابقة حيث وصل إلى أقل قيمة له خلال عام 2015، ما يبيّن مدى تأثير الأوضاع التي تمر بها سورية على مستواها الاقتصادي.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً لحصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي بعد تراجعها لسنوات حيث وصلت إلى 23% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وكانت أقل نسبة تبلغها 16% في عام 2010، مع أن هذه الحصة كبيرة مقارنة مع الدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة “15% في المغرب، و14% في مصر و8% في تونس”، وعلى الرغم من كبر حصة قطاع الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي إلا أن مساهمته بالنمو الاقتصادي منخفضة وسلبية في بعض الأعوام: -41% في عام 2015، و-6% في كامل السلسلة بين 2010 – 2016، أي أنه كان مثبطاً للنمو الاقتصادي.
وأوضحت الدراسة أن قطاع تجارة الجملة والمفرق شهد زيادة مهمة من حيث حصته من الناتج التي وصلت إلى 22% في عامي 2013 و2014، ثم عادت لتتراجع في عام 2015 إلى 20%، ويعتبر قطاعاً مهماً في دعم النمو الاقتصادي إذ إن 24% من النمو الاقتصادي يأتي من هذا القطاع، ويتقارب قطاعا النقل والمواصلات مع قطاع الخدمات الحكومية من حيث حصتهما من الناتج وتبلغ 13% في المتوسط، أما مساهمتهما في نمو الناتج فكانت أكبر من حصتهما منه في المتوسط 14 و16% على التوالي.
وأوضح الباحث بحسب ما إطلع عليه موقع "B2B-SY" أن قطاع الصناعة والتعدين يشهد تغييراً في حصته من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة التي تناولتها الدراسة إلا 22% وسطياً، مع أنه من أهم القطاعات في دعم النمو الاقتصادي، إذ إن نسبة 28% من النمو الاقتصادي في المتوسط تأتي من هذا القطاع، مع الملاحظة أن مساهمته بالنمو تتراجع باستمرار في السنوات الأخيرة إذ بلغت 1% فقط في عام 2015، بينما يتقارب قطاعا البناء والتشييد وخدمات المجتمع والخدمات الشخصية حسب الدراسة من حيث حصتهما من الناتج التي تصل إلى 4% تقريباً، كما تتقارب مساهمتهما بالنمو 4% و5% على التوالي في الفترة المدروسة، ويستحوذ قطاع المال والتأمين على حصة منخفضة نسبياً من الناتج في وسطي الفترة المدروسة 5%، لكن مساهمته بالنمو تتزايد باستمرار 8% في وسطي السلسلة، و29% في عام 2015، علماً أنه كان سبباً في تراجع النمو الاقتصادي في عام 2011 بحوالي -13%.
بالمقابل طالب إسمندر،بثمان توصيات لرسم مسار صحيح للنمو الاقتصادي في سورية،هي:
-وضع خطة اقتصادية متكاملة لرسم مسارات النمو الاقتصادي الممكنة في سورية للفترة القريبة والمتوسطة المقبلة مع أخذ مختلف السيناريوهات المحتملة بعين الاعتبار.
-زيادة حصة الأجور وخصوصاً لأصحاب الشهادات العالية وجذب نسبة أكبر للعمل داخل مختلف المؤسسات الاقتصادية.
-زيادة المحتوى التقني والتكنولوجي في العملية الإنتاجية، لما للتكنولوجيا من دور في زيادة نسبة القيمة المضافة داخل وحدة المنتج.
-زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي على حساب القطاعات الخدمية والريعية.
-اعتبار الإنسان السوري هو محور أي عملية تطوير في الجانب الاقتصادي والعنصر الذي يمكن التعويل على دوره في بناء اقتصاد سوري متطور.
-لا بد من العمل في الفترة القريبة على الاستفادة من تنمية مناطق محددة في سورية كأقطاب نمو رافعة للحالة الاقتصادية، ومع تحسن الأوضاع في المستقبل يمكن العمل على برنامج أكثر تكاملاً للتنمية المتوازنة.
-بسبب ضعف الموارد المادية المتاحة سيكون جذب عدد أكبر من رجال الأعمال السورريين من الخارج، وخصوصاً من غادرو خلال الأزمة أمر في غاية الأهمية لزيادة حجم الاستثمارات المتاحة في الاقتصاد السوري.
-يجب أن ندرك دائماً أن المشكلات الاقتصادية ترتبط في مسار إيجاد الحلول المناسبة لها على طرق التعامل معها، ومدى علمية الأسلوب المرتبط بذلك.