في وقت يناقش فيه مجلس النقد والتسليف في مصرف سورية المركزي معايير محددة وموحدة للإقراض من المصارف العامة، تظهر فكرة الإقراض وفق الحساب الجاري المدين كإحدى الأفكار التي تتم دراستها لمساعدة شريحة واسعة من رجال الأعمال على تمويل نشاطهم الاقتصادي سواءً التجاري أو الصناعي بطرق ميسرة ومتدنية المخاطر، وتالياً تضمن للمصرف المقرض تحصيل أمواله من دون اللجوء إلى إجراءات تنتهي بالملاحقة القضائية.
وبحسب مصادر مصرفية مطلعة أكدت أن هذا النوع من التسهيلات كان موجوداً قبل الأزمة وأوقف العمل به بسبب قيام البعض باستخدامه قرضاً، لافتاً إلى أن الحساب الجاري المدين يسمح للعميل بحرية السحب والإيداع في حدود المبلغ المسموح به من قبل البنك وفق حاجات نشاطه لتمويل رأس المال العامل كشراء بضائع ومواد ومستلزمات.
وتؤكد المصادر أن هذا الأسلوب في تقديم التسهيلات سيعتمد على ضوابط ومعايير قد تبدو مشددة أكثر مما كان معمولاً به في السابق، كأن يقدم الراغب في الاستفادة من هذا التسهيل ضمانة تعادل قيمة المبلغ الذي سيسمح له البنك بتحريكه، إضافة إلى تطبيق معدل فائدة قد يكون مرتفعاً نوعاً ما، ويحسب على المبلغ المستجر من إجمالي الحساب ويبدأ بالتناقص عندما يقوم العميل بالتسديد، أي أن الفائدة لا تطبق على مجمل الاعتماد المكشوف للعميل، بل على المبالغ التي يتم سحبها منه، وبعبارات أخرى يتيح نظام الحساب الجاري المدين للعملاء حداً ائتمانياً بمبلغ يتناسب مع الحاجات التمويلية، ويمكن للعملاء من خلال الاقتراض بهذا النظام الاستفادة من ميزات عديدة، أهمها السحب من الحساب وفقاً للاحتياج الفعلي لتمويل النفقات الفعلية الجارية لدورة النشاط مثل شراء المواد الخام والبضائع، تغطية المصاريف الإدارية وغيرها من العمليات الأخرى، إضافة إلى أنه يمكن العميل من سداد العائد على المبالغ المسحوبة من الحساب فقط وليس على كامل قيمة الحد الائتماني المتاح للعملاء، أما الميزة الأهم، فتتمثل بالإيداع في الحساب بأي قيمة وفي أي وقت من دون التقييد بقيمة أو بتوقيت محدد لسداد القسط، وتالياً ينخفض رصيد المديونية العملاء.
وكان مصرف سورية المركزي أصدر في تاريخ 25/1 العام الماضي تعميماً تضمن ضوابط منح وتجديد الحساب الجاري المدين ودعا حينها إلى ضرورة بذل العناية الواجبة عند منح وتجديد تسهيل الحساب الجاري المدين، بالليرة لدى المصارف التقليدية أو تمويل مرابحة بالليرة وفق صيغ التمويل الإسلامية.
وتجدد المصادر المصرفية قولها ان الحساب الجاري المدين يستخدم لتمويل العمليات التجارية، أي ان شريحة التجار هي الشريحة الأكثر استخداماً له، كما أنه لا يستخدم لتمويل أي مشاريع صغيرة أو متوسطة لأنه في هذه الحالة سيتحول إلى قرض، وبذلك يبتعد هذا النوع من التسهيلات عن أهدافه وغاياته المخصصة له.
تشرين