تركت الأزمة السورية وما زالت آثاراً سلبية على جميع الصعد، وقد جعل منها البعض شماعة علقوا عليها ما يحلو لهم من طموحات وتطلعات، سواء أكانت سلبية أم إيجابية، ولو استعرضنا ما حدث على أرض الواقع من تجاوزات للأنشطة الاقتصادية غير القانونية فهي أكثر من أن تحصى، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد شهدت سرمدا في الشمال السوري أنشطة كثيرة وبالطبع غير قانونية، وحسب أحد أبناء المنطقة، فإن التعامل بالعملة الصعبة كان أبرز الأنشطة التي تشهد رواجاً كبيراً والعمل بالمشتقات النفطية من خلال المتاجرة والتكرير وإنتاج بضائع ومنتجات رديئة جداً بأسعار باهظة، أما المخدرات والمنشطات بأنواعها فقد أوجدت الأزمة لها بيئة خصبة، ناهيك عن تداول أنواع مختلفة من الأدوية البشرية مجهولة المصدر، أما التنقيب عن الآثار، فقد شهدت جبال حارم وغيرها من الجبال في الشمال السوري الكثير من عمليات التنقيب السري لما تحويه من كنوز أثرية.
بينما شبكات الاتصال الفضائي ”التركي” وغيره حققت حضوراً في ظل الحاجة لهذه الخدمة بعد غياب تام للشركة العامة للاتصالات وانتشار معامل تعبئة المياه، وبخاصة إذا علمنا أن محافظة إدلب تحوي نبع عين الزرقا الذي يحوي على مياه معدنية ذات مواصفات صحية جيدة.
يشير أحد أبناء جبل الزاوية المهندس ”ج.ب” إلى الأنشطة الاقتصادية غير القانونية خلال الأزمة السورية فيقول: معظم الأنشطة التي طفت على السطح، وبخاصة غير القانونية، كثيرة وأكثر من أن تحصى، إلّا أن هناك نشاطاً إيجابياً اخترق تلك الأنشطة.. وتابع يقول: لقد برزت خلال الأزمة ظاهرة الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة واستعمالها لأعمال البناء والزراعة وغيرها، البناء العشوائي من دون رقيب أو حسيب، حتى في الأماكن التي فيها مخططات تنظيمية، إغلاق شوارع، إلغاء حدائق، وتكرير النفط المسروق على يد المجموعات المسلحة المسيطرة عليه وذلك بطرق بدائية تؤذي البشر والتجمعات السكانية، وقطع الأشجار الحراجية في أراضي أملاك الدولة وبيعها حطباً للتدفئة، وحفر الآبار الارتوازية في كل مكان واستجرار المياه الجوفية من دون رقيب وحتى تخطيط، وسرقة الآثار وبيعها وتكسير القطع الكبيرة منها وبيعها، والاستيلاء على الأراضي التي تقوم فوقها المدن المنسية في محافظة إدلب وزراعتها بالزيتون وغيره، انتشار ظاهرة استعمال المولدات الكبيرة لتغذية التجمعات السكنية بالكهرباء بالاعتماد على ”الديزل” المكرر، وانتشار ظاهرة الخطف والإجرام للإتجار بأعضاء البشر.
الظاهرة الإيجابية الوحيدة التي يمكن التوقف عندها، ألّا وهي انتشار الألواح الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية.
ويرى المهندس أحمد عبد الحميد، يعمل في قطاع التعمير باللاذقية، أنه خلال الأزمة السورية التي نعيشها هذه الأيام برز للعيان النشاط الاقتصادي السلبي وذلك من خلال افتعال الحريق لكثير من الغابات، قطع الخشب “الحطب” وبيعه، افتعال الأزمات في أوقات المواطن بأمس الحاجة لها. وهي أزمة الغاز، ثم أزمة البنزين والمازوت، وهكذا دواليك.
أما النشاط الاقتصادي القانوني فيتمثل في تكريم أهل الشهيد بأي نوع من التكريم والتقدير، دعم المشروعات الاقتصادية الصغيرة من خلال تقديم القروض من دون فوائد تترتب على المستدين، دعم مادي للموظف من خلال إعطائه مبلغ تحسين مستوى المعيشة بحيث يتناسب مع الغلاء الذي نمر به خلال الأزمة.
من الأنشطة الاقتصادية غير القانونية، غلاء بدلات الإيجار سواء بيت السكن أم محل العمل، مستغلين الوضع وحاجة المستأجر سواء للبيت أم المحل للعمل.
بعبارة أدق وأشمل، فإن النشاط السلبي غالب على النشاط الإيجابي في ظل غياب المحاسبة للمقصر المسيء ولا مكافئة للجيد، وهناك أيضاً التسيب وعدم الالتزام بالعمل الوظيفي من خلال الأزمة.
جريدة الأيام