خاص B2B-SY
خاص موقع بزنس 2 بزنس سورية | فاطمة عمراني
إذا كان إنفاق الملايين على الدراسة الجامعية يثير الاستغراب، فماذا نقول عن إنفاق تلك الملايين على المرحلة الابتدائية !!
فنتيجة الارتفاع الكبير في أقساطها، لم تعد المدارس الخاصة بمتناول أصحاب الدخل المتوسط فقط بل خرجت عن ذات يد الطبقة المتوسطة وما فوق المتوسطة أيضاً. ووصلت أقساط بعضها إلى أرقام كبيرة تعجز أغلب الأسر عن دفعها خاصة في ظل الظروف الحالية.
وما تشهده سوريا من ارتفاع للأسعار بشكل عام ما دفع الكثير من الأسر إلى نقل أبنائها من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية لتوفير قسط المدرسة الخاصة لما هو أهم كتأمين الغذاء والكساء والدواء، وعلى الرغم من الأزمة والضائقة المادية التي تمر بها الكثير من الأسر السورية، إلا أن تلك المدارس مكتظة بطلابها الذين فضلوها على المدارس الحكومية العامة.
وفي جولة خاصة لموقع "بزنس 2 بزنس" على بعض هذه المدارس ظهر الامتعاض المتصاعد من قبل المواطنين حول ارتفاع أقساطها الكبيرة تحت حجج مختلفة منها ما يتعلق بغلاء المعيشة والنقل والمحروقات وارتفاع أجور المدرسين والعاملين فيها.
وفيما يلي لمحة عن أقساط بعض مدارس العاصمة دمشق وفقاً لجولة "بزنس 2 بزنس" بلغت أقساط مدرسة إيلاف الخاصة في مشروع دمر 225 ألف ليرة للروضة بدون الباص، وللمرحلة الابتدائية 260 ألف ليرة.
أما المدرسة السورية الحديثة في المزة فتراوحت أقساطها ما بين 200 إلى 285 ألف ليرة دون المواصلات والكتب واللباس، على نحو آخر وصلت أقساط مدرسة سورينا الخاصة إلى 290 ألف ليرة.
ومدرسة التألق النموذجية بلغت أقساطها للمرحلة الابتدائية 265 ألف ليرة، وللإعدادية 275 ألف، وللثانوية 285 ألف ليرة متضمنة اللباس والكتب الإثرائية والتأمين الصحي.
أما مدرسة الطموح الخاصة فبلغت أقساطها 200 ألف ليرة سورية بدون مواصلات، ومدرسة منهل المجد 140 ألف إلى 180 حسب المرحلة ويضاف 50 ألف ليرة ثمن كتب ولباس ليتراوح القسط بين 190 إلى 230
وتراوحت أقساط مدرسة عمر بن عبد العزيز ما بين 365 و385 ألف ليرة تبعاً للمرحلة الدراسية، أما أقساط مدرسة الفارابي فبلغت 275 ألف ليرة.
من ناحية أخرى بلغت أقساط مدرسة القرية الصغيرة لمرحلة الحضانة 280 ألف ليرة، وللمرحلة الابتدائية 360 ألف ليرة، وبالنسبة لصفي السابع والثامن 390 ألف ليرة، ومن التاسع للحادي عشر 415 ألف ليرة، ولمرحلة البكالوريا 445 ألف ليرة، يضاف إلى هذه الأقساط 125 ألف ليرة للمواصلات.
أما المدرسة السورية العلمية فبلغت أقساطها للروضة 290 ألف، للابتدائي 390 ألف، وللسابع والثامن 410 ألف، ومن التاسع للبكالوريا 430 ألف ليرة.
ونرى أن الروضات أيضاً لم تكن أرحم حالاً من المدارس، حيث وصلت أقساط روضة الحياة الخاصة 135 ألف ليرة.
هل يتناسب المستوى التعليمي في القطاع الخاص ومستوى المدرسين المختارين مع المبالغ المدفوعة حقاً؟
يقول محمد (موجه سابق) في إحدى المدارس الخاصة لموقع "بزنس2بزنس سورية": " هناك مدارس ذات أقساط مرتفعة جداً تختار المدرسين بعناية لا بأس بها، وبالمقابل تكون المرتبات جيدة ومجزية وهناك اهتمام واضح بالطلاب، بالمقابل هناك مشكلة تكمن في المدارس الخاصة ذات الأقساط التي تعد متوسطة مقارنة بغيرها أي من 100 ألف ليرة سنوياً وحتى 150 ألف ليرة، تبدأ المشكلة من اختيار الكوادر التدريسية وخصوصاً بالنسبة للمدارس الابتدائية التي توظف مدرسات بالوساطة، أي بنات معارف المدير أو أقرباؤه ومنه فإن الاختيار هناك لا يتم على أساس المهارات ولا الشهادة ولا الخبرة، ويبدأ ضعف مستوى الطلاب بالظهور وتبدأ معه رحلة الدروس الخصوصية".
الأهالي يشتكون لكنهم لا يكفون عن إرسال أولادهم لمدارس خاصة
عبد الله (موظف حكومي) اشتكى من المدارس الخاصة وأقساطها المرتفعة رغم أن طفله يدرس فيها حيث قال: "كل سنة ترفع المدرسة القسط بسبب أو من دون سبب ولم نعد نعرف التسعيرة الحقيقية والأساسية لهم، ولدى استفساري عن السبب تكون الحجة دائماً جاهزة وحاضرة وهي ارتفاع الأسعار وغلاء المحروقات".
وأضاف: " لقد سجلت ابني في مدرسة حكومية ببداية الأمر، لكنه عاد من المدرسة بكم هائل من الكلمات البذيئة والعدوانية، عدا عن انشغال المعلمة بجوالها عن الطلاب".
وختم عبد الله قائلاً: " لا أنكر أن المدارس الحكومية تخرج طلاباً مبدعين ولكن تختلف جودة المدارس الحكومية بحسب عدة عوامل منها موقعها وإدارتها، ولو كانت البيئة مناسبة في كل المدارس الحكومية لكانت سورية تخرج أعداداً هائلة من العلماء كل عام، ولما اضطررت لتسجيل ابني في مدرسة خاصة".
المدارس الخاصة لا تستقبل إلا طلاب متفوقين!
تقول نور (مدرسة): "عملت في مدرسة بدمشق كانت لا تستقبل إلا الطلاب المتفوقين، فالطبيعي أنها ستخرج طلاباً متفوقين، والسبب يرجع لتميز الطلاب لا لكفاءة المدرسة المنقطعة النظير".
سلمى (مدرسة) قالت: "رغم الأعذار التي يقدمها معظم أصحاب المدارس والمبررات "الكاذبة"، إلا أن الحقيقة هي بأن القسط يذهب معظمه لجيب صاحب المنشأة، بينما مرتبات المدرسين زهيدة، وتخيل بأن هناك مرتبات عشرة آلاف ليرة لبعض المدرسات في بعض المدارس الخاصة، ومعظمهم خريجات ثانوية عامة فقط، أي غير مؤهلات لتربية الأجيال والتعليم".
المدارس الخاصة تبرر ارتفاع الأقساط
حياة (مديرة مدرسة خاصة) قالت: "يريد المواطن أن يحظى ابنه بمعاملة جيدة وتعليم ممتاز ووسيلة نقل من المدرسة إلى البيت وبالعكس من دون أن يتكلف شيئاً، غريب أمره !!
وهل يظن أن العاملين في المدرسة متطوعون؟ هم أيضاً أصحاب أسر ولديهم التزامات مالية ويريدون رواتب تناسب ما يبذلونه من جهد وتعب مع التلاميذ وهو ما تؤكده نتائج أولادهم آخر العام فأغلب المتفوقين هم من طلاب المدارس الخاصة".
أين دور وزارة التربية مما يجري؟
وزارة التربية وفي تصريح سابق أشارت إلى أن تحديد الأسعار في المؤسسات التعليمية الخاصة يتم وفق الأحكام المادة 37 من التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 والتي نصت على أن تلتزم المؤسسة التعليمية الخاصة قبل بداية تسجيل الطلاب في كل عام وبدءاً من العام الدراسي 2006-2007 بإعلام مديرية التربية بالأقساط المدرسية السنوية والمحددة من قبلها لكل مرحلة وإعلانها بشكل بارز في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة على أن يشمل القسط الرعاية الصحية والخدمات التعليمية وثمن القرطاسية الخاصة بالمؤسسة التعليمية, أما بالنسبة لأجور الخدمات الأخرى والميزات الإضافية بما فيها أجور نقل الطلبة، فعلى المؤسسة إعلام المديرية وأولياء الأمور بها قبل التسجيل أيضاً ويعد حجب هذه المعلومات عند طلب التسجيل مخالفة صريحة توجب المساءلة في ضوء المواد ذات الصلة، وتمنح المؤسسة أولياء الأمور إيصالاً بالمبالغ المسددة من قبلهم وبشكل مفصل.
ولا يجوز إعادة النظر بالأقساط المذكورة قبل مرور سنتين ويمكن زيادتها بنسبة 1% سنوياً إلى 3% كل ثلاث سنوات بموافقة الوزارة في العام الدراسي التالي. وللوزارة الحق في إعادة النظر في أحكام هذه المادة عند اللزوم، وإذا تجاوزت المؤسسة التعليمية الخاصة الأقساط المعلنة تتخذ بحقها العقوبات المنصوص عليها في المادة 101 من هذا المرسوم.
لكن الواقع يختلف !!
في الحقيقة، فإن جميع أقساط المدارس الخاصة والزيادات السنوية تخالف لائحة الأقساط المقدمة للوزارة والزيادات الموافق عليها، وهذا يعني إما أن الوزارة تعلم بهذه المخالفات وتغض الوزارة الطرف عن ذلك لسبب من الأسباب، أو أن الوزارة لا تعلم بما يجري في المدارس الخاصة من مخالفات وعمليات استغلال، الأمر الذي يتطلب منها تدقيق أوضاع المديريات والدوائر المسؤولة عن التعليم الخاص.
ويخلص القول إنه باعتبار المدارس الخاصة رديفة للمدارس الحكومية ومشاركة لها في التربية والتعليم، فمن المهم ألا يتأثر الهدف التعليمي بالهدف الاقتصادي، وأن تكون هناك فكرة سامية في تربية المجتمع في المقام الأول.